تتعدد مظاهر الانفلات الأمني في مصر، عقب تلك الفترة التي خلت فيها البلاد من عناصر الشرطة والدفاع المدني والمرور، وقوات الأمن، وهروب منظم للمسجونين، منذ هذه الفترة التي أعقبت قيام الثورة والمحاولات المستميتة من عناصر في النظام السابق لإحباطها، وحتي اليوم وبعد عودة قوات الشرطة (مظهرياً) واعتدال الحالة المرورية (نسبياً) إلا أن هناك قصورا شديدا في مواجهة البلطجية في الشارع المصري، بل تعدي ذلك إلي هجوم من أهالي محتجزين في أقسام البوليس وتحريرهم بقوة السلاح دون (رد فعل) مواز في القوة من قوات الأمن بأقسام الشرطة، وتدخل القوات المسلحة في وقت لاحق بعد أن تكون قد استتبت الأوضاع لصالح البلطجية والمجرمين!! ولعل أحداث قسم الساحل، وإطلاق سراح أكثر من خمسة وثمانين محتجزا، وهذا أيضاً يثير تساؤلاً حينما يكون في أحد أقسام البوليس عدد محتجز من المتهمين يتعدي الخمسين متهما، في مكان واحد، ألا يثير هذا العدد تساؤلاً، لماذا كل هذا العدد؟ وفي مكان واحد في أحد أقسام الشرطة؟ شيء من الخيال المصري! وأيضاً ما تم من تسيب وبلطجة من الباعة المتجولين في شوارع وسط البلد، وتضارب المصالح بين أصحاب المحال التجارية، وأوضاعهم القانونية لا تسمح أبداً بأن يفرش متجول بضاعته علي الرصيف أمام المحال التجارية للمنافسة غير الشرعية وغير الشريفة!! وهذا ما حدث في شارع عبد العزيز (التجاري) والمتجولين ونشوب حرب شبه أهلية راح ضحيتها أكثر من مائة مصاب من أعيرة نارية وسلاح أبيض. ومع أن هناك أخبارا تقول إن تدخل الشرطة في هذه الواقعة كان ايجابيا، وأيضاً دعم مجلس الوزراء (متضامناً) مع وزارة الداخلية بأحقية جهاز الشرطة في ردع البلطجية والخارجين عن القانون بالقوة، هذا هو المطلوب، منذ أول لحظة عادت فيها القوات للشارع المصري، لا يمكن أن يكون نظام «حبيب العادلي» هو الخيار الوحيد أمامنا لفرض الأمن في البلاد، فهناك خيارات شرطية وأمنية محترمة وقوية وفاعلة لفرض الأمن في الشارع المصري. ولعل ظهور هؤلاء (الأشاعث) ذوي الجلباب القصير، والسروال الأبيض، والذقون الشعثة في الشارع المصري، مرة مطالبين بالأخت «كاميليا» ومرة مطالبين بأحد المساجد الكبري بإرث من أولياء أمورهم، ومرة برفض مفتي الديار المصرية وشيخ الأزهر ومرات في هدم الأضرحة، وكذلك ظهورهم علي شاشات التليفزيون وفي برامج حوارية لا يمكنهم أبداً إقناع أحد بما ينتهجونه من فوضي، وخروج عن الشرع والدين الإسلامي الحنيف. حتي إن خطابهم مع الأئمة تميز بالخروج عن آداب الحديث، ومع فقه الأولويات في الإسلام، أيضاً لا يجدون ما يقنع أحدا، في عرضهم لقضاياهم المفاجئة للشعب المصري، ماذا نحن فاعلون أمام هذا التسيب وهذا الانفلات الأمني؟ وعدم احترام القانون؟ ماذا نحن فاعلون بصدد انهيارات اقتصادية تشرف علينا، وانهيارات أخلاقية تبدو قريبة من المشهد المصري؟ ماذا نحن فاعلون كأمة وحكومة وكإدارة عسكرية مسئولة عن إدارة البلاد في هذه الحقبة السوداء!!