حين يتمرد الفنان على أسلوبه الفنى الذى تألق من خلاله وحصد شهرته ونجاحاته على مدار مشوارة الفنى، ويقرر ان يترك تقنياته المعتادة، ويغامر ويخوض تجارب فنية تشكيلية جديدة عليه، فهذا التمرد التشكيلى بالتاكيد سوف تصاحبه نتائج فنية جديدة، هذا ما فعلته الفنانة التشكيلية ايمان حكيم فى معرضها «انطلاقة» المقام فى قاعة «الحسين فوزى» بمركز الجزيرة بالزمالك، التى عرضت فيه مجموعة من اللوحات التصويرية. وضعت الفنانة كل أدواتها الفنية والوجدانية وعناصرها الانسانية تحت التجريب والخروج عما أسمته الفنانة «التاثيرية المعتادة»، بالرغم من ان الأسلوب المعتاد بالنسبة لها هو من وجهة نظر النقاد أسلوب تميزت وتألقت وابداعات منه العديد من الاعمال التى اشتهرت بها، ولأنها من القلائل الذين يتمتعون بالجرأة التشكيلية فلم تخش عرض نتائج تمردها فى معرضها الجديد «إنطلاقة» بجانب مجموعة لوحات من معارضها السابقة، وكأنها وضعت الملتقى معها فى مسئولية تذوقية وطرحت تساؤلا محيرا فرض نفسه، هل تستمر فى التجريب أم تعود؟ تنوعت إجابة الحاضرين بين الموافقة فى الاستمرار فى التجريب وأن العمل الفنى أساسا فى أبسط تعريفاته هو تجربة فنية جماليا وقد تصل من هذا التجريب إلى اكتشاف قدرات لا تعرفها عن نفسها، ورأى آخر يطالبها بالعودة الى مذهبها التأثيرى الذى اشتهرت به، ولكن فى النهاية القرار يرجع للفنانة. عرضت الفنانة مجموعة من اللوحات التصويرية المختلفة فى الموضوع الفنى بين البورتيريهات وعالم المرأة والموسيقى والطفولة والبراءة وتنوعت فى الخامات الألوان الباستيل والألوان الزيتية. التجريب الفنى والانطلاقة فى اعمال الفنانة جاء من خلال اربع اساليب فنية كلها أساليب مازالت قيد التساؤل والجدل بين النقاد والفنانين التشكيليين، الأسلوب الاول: هو استخدامها لطبقات المعجون التحضرية الخشنة على مسطح اللوحة، هذه الطبقات التحضرية تثير تساؤلا، هل الطبقات التحضرية الخشنة البارزة التى صنعت تضاريس على مسطح اللوحة تعد إضافة جمالية على العمل بالرغم من نعومه الموضوع الفنى؟ والأسلوب الثانى: هو استخدامها للمذهب التأثيرية الأكثر تعقيدا فى التداخل، ولكنها لم تبتعد كثيرا عن تأثيريتها، بل ظل المذهب التأثيرى يحتضن شخصيات اللوحات، ازاحت بعض التفاصيل من البورتيريهات وتحررت من قيوده، على اعتبار ان التفاصيل الدقيقة ليست من أهدافها فى هذه الانطلاقة، أسلوبها التقنى عبارة عن لمسات صغيرة بالفرشاة على شكل بقع لونية منفصلة، بشكل يوحى للمتلقى أنه يرى كل التفاصيل رغم أنها غير مرسومة اساساً مما زاد من جماليات وجاذبية اللوحات وهذه الانطلاقة والتحرر تفوقت فيها الفنانة على ذاتها. والأسلوب الثالث: التعبير عن الضوء وانعكاساته واتباعها توزيع للظل والنور أكثر ابداعاً وصعوبة على فنانين كثيرين، وهو أن الاشخاص والعناصر هى التى تشع اضواء وظلالا ولم تتبع الفنانة مصادر إضاءة ملموسة ومحددة، وهذا التحرر من مساقط الضوء المباشرة قمة فى الجرأة أن يحول الفنان البورتيرية إلى بورتيريه يشع ضوءا ويخفى ظلالاً بين ملامحه وفى نفس الوقت نجده بورتيريها متكاملاً التفاصيل. الأسلوب الرابع: الألوان تمتزج وتتشابك وتتداخل مع العناصر ومثلما الضوء ينبعث من الشخصيات أيضا الألوان هى من خلقت صفات الاشكال والعناصر، كما استخدمت الأسلوب التقسيمى فى بعض خلفيات اللوحات، اعتمدت على تقسيم الخلفية إلى مجموعة ألوان متجاورة صريحة دون مزجها أو خلطها، فالأصفر ظل الاصفر والأزرق ظل الأزرق، وهذه الانطلاقة اكدت فيها ان لكل لون قيمة جمالية بدون مزجه بلون آخر.