يبدو أن مضى مصر نحو إقرار خارطة الطريق دون الالتفات إلى الرؤية الخارجية ساعدها فى استعادة مكانتها مرة أخرى بين دول العالم.. المتابع للسياسة الخارجية لمصر يلمس بصورة واضحة الصراع الكبير بين أكبر دولتين فى العالم وهما الولاياتالمتحدةوروسيا للفوز بتطبيع كامل مع مصر. فى هذا الوقت لم تدرك الولاياتالمتحدة خطورة تحدى ارادة الشعب المصرى ومساندة الإخوان حاولت الإدارة الروسية ملء الفراغ الذى خلفته واشنطن بسبب سياساتها الخاطئة، وفى هذا الإطار كان قد تقرر فى وقت سابق - وفق ما أكده مسئولون بوزارة الخارجية - زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين للقاهرة إلا أنها قد ألغيت لأسباب داخلية فى مصر وهو ما يعكس النية الروسية لشغل الفراغ الامريكى كما زار القاهرة وزير المخابرات الروسى الجنرال فيكسلاف كوندراسكو، وهو ما فرض العديد من التساؤلات حول مغزاها ودلالاتها فى هذا التوقيت الذى تمر فيه العلاقات الأمريكية - المصرية بحالة مضطربة وفق ما وصفها وزير الخارجية المصرى نبيل فهمى، وخلال أيام سيزور وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف القاهرة فى زيارة وصفت بالمهمة والتى سيتم من خلالها تحديد موعد زيارة الرئيس الروسى بوتين لمصر. وأكدت مصادر دبلوماسية رفضت ذكر اسمها أن روسيا أبلغت مصر رسميا عبر القنوات الرسمية أنها على استعداد لدعم مصر اقتصاديا وعسكريا غير أنها رهنت هذا الدعم بمجرد انتخاب الرئيس القادم. وذكر السفير نبيل بدر سفير مصر الأسبق فى موسكو أن التقارب الروسى لمصر وزيارة المسئول العسكرى وذلك للوقوف على مطالب مصر وإقامة علاقات دبلوماسية وعسكرية قائمة على المصلحة والمنفعة المشتركة، لافتا إلى أن الزيارات الروسية لمصر ستتعدد فى الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن هذا التقارب تم بناء على رغبة مشتركة بين البلدين تم الافصاح عنها خلال زيارة وزير الخارجية لروسيا منذ شهر ونصف الشهر. ورغم تأكيد مصر على لسان وزير خارجيتها أكثر من مرة على أن العلاقات المصرية - الروسية لن تكون على حساب العلاقات المصرية - الأمريكية أو على حساب أى علاقات أخرى، إلا أن التقارب المصرى - الروسى سبب ازعاجا كبيرا وقلقاً لدى الإدارة الأمريكية، وهو ما يفسره السفير عبد الرءوف الريدى سفير مصر الأسبق فى واشنطن بأنه السبب الرئيسى لزيارة وزير الخارجية الأمريكية واعتراف امريكا بصورة لا تقبل اللبس بثورة 30 يونيو. وتعليقا على ما ورد على لسان وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بأن قرار واشنطن بتعليق المساعدات العسكرية لم يحقق المطلوب أكد مسئول بوزارة الخارجية أن الوزير نبيل فهمى أعاد على كيرى ما ذكره من قبل بأن مصر بصدد مراجعة المساعدات التى تتلقها من جميع دول العالم بما فى ذلك المساعدات الأمريكية، وأوضح المصدر وثيق الصلة بالملف الأمريكى بمكتب وزير الخارجية أن كيرى تحدث بصورة ضمنية عن إلغاء قرار تعليق المساعدات العسكرية قريبا، وأرجع القرار إلى ظروف اقتصادية تتعلق بالولاياتالمتحدة ولا علاقة له بأى مواقف سياسية. من جانبه قال السفير سامح شكرى سفير مصر فى واشنطن، أن جون كيرى تعمد فى زيارته الأخيرة على عدم فتح ملف محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى لإدراكه بحساسية هذا الملف للإدارة المصرية الحالية، موضحا أن تكرار كلمة ثورة على لسان كيرى ثلاث مرات فى اجتماعه بممثلى منظمات المجتمع المدنى وتخلى واشنطن فى الفترة السابق عن وصف محاكمة مرسى وآخرين بالمحاكمات السياسية، كلها علامات واضحة على تحول الرؤية الأمريكية تجاه ثورة 30 يونيو. وأوضح أن هناك محاولات مضنية تبذلها الإدارة الأمريكية حاليا لاستعادة العلاقات الاستراتيجية بين مصر وأمريكا بعد تدهورها خلال الفترة الماضية. وأوضح أن الموقف الامريكى من ثورة 30 يونيو كان تدريجيا وبدا بتحسن ملحوظ فى الرؤية الأمريكية تجاه هذه الثورة وذلك بفضل التمسك المصرى بثوابت هذه الثورة وكذلك بسبب الدعم الخليجى والضغط الذى يمارسه الكونجرس الأمريكي بصلاحياته الواسعة على الإدارة الأمريكية الحالية.