بقلم: أ.د محمد صالح الإمام ينبغى أن يكون المعلم شخصاً يقود التلميذ ويوجهه وليس ديكتاتوراً مستبداً فى حجرة الصف. يحتاج المعلم إلى أن يظهر الاحترام لتلاميذه حتى يبادلونه الاحترام. عليه ألا ينسى أنه يقوم بتدريس تلاميذ مختلفين ذوى عادات وتقاليد مختلفة وأنهم قادمون من خلفيات مختلفة، وعلينا توحيدهم نحو هويتهم ومحبتهم لوطنهم. إن أحد المفاتيح المفيدة للمعلمين هى أن يفهموا ويتقبلوا الطريقة التى يتصرف بها التلاميذ، كما يقول الباحث توماس سبيد فى مقالته «عقل الإنسان». إن المعلمين فى حاجة لأن يوجدوا منهجاً يقود الطلاب إلى طريق العمل والسعادة. ونتيجة لذلك، فهم فى حاجة إلى تلقى التوجيه بناء على احتياجات طلابهم ومقتضيات وطنهم، وهذا ما يتبناه الكاتب فى مهمته الوطنية والتى تجد صراع الديوك من أصحاب تضخم الأرصدة فى البنوك والمتاجرين فى التعليم ورافعى شعار التعتيم ومناهضى التنوير والتجديد، وكأن التغيير بالنسبة لهم فناء لا يعرفون معنى العطاء ولا البناء، فأهدرواطرق تنمية الابناء وبحثوا عن طرق الجلب والابتزاز والاستيلاء. فى بعض الأحيان يمكن أن يكون للرعاية التى يظهرها المعلم تجاه تلاميذه أثر إيجابى أو سلبى طويل المدى عليهم. يمكن أن يرتفع احترام التلميذ وتقديره لنفسه وهذا بدوره يؤدى إلى أن يخلق الطموح فى عقله ولنجاح الأكاديمى فى المستقبل. يقول مايك روز فى كتابه «الحياة فى حدود» يجب على المربى أن يكون إنساناً منفتح الذهن وأن يحترم التنوع بين تلاميذه وأن يظهر لهم الحب والرعاية. وفى رأيى أن هذا أمر حاسم يجعل التلاميذ يثقون فى أنفسهم. وإن من أهم الأدوار التى ينبغى أن يقوم بها المعلم هى أن يشجع تلاميذه فى القضايا التى تشغل بالهم وتؤرقهم فى حياتهم الشخصية. ومن منظور نفسي، يمكن أن يتأثر التلاميذ إذا كانت لديهم مشاكل مع معلميهم، وإحدى نتائج ذلك التأثير هى أن يتجنبوا الذهاب إلى المدرسة.لذا فمرعاة فروقات التعلم أحد أساسيات تحقيق متعة التعلم. يدل سلوك الطلاب فى بعض الأحايين على أن هناك شيئاً ما ليس على ما يرام يحدث. ولذلك فإننى أعتقد أنه من واجب المعلمين أن يولوا اهتمامهم لأى شيء يمكن أن يزعج التلاميذ. إنه من مسئوليتنا – كمعلمين - أن نعرف ما الذى يحدث مع التلاميذ فى حجرة الصف. والتلاميذ يشعرون فى قرارة أنفسهم أن فى استطاعة المعلم مساعدتهم لكنهم فى بعض الأحيان يشعرون بالخوف من سؤاله. لقد كنت أرى هذا الشيء تقريباً كل يوم فى مدرستى التى كنت أعمل فيها. يفضل التلميذ الحديث مع زملائه حول مشاكله وفى بعض الأحيان يكون المعلم آخر من يعلم بتلك المشاكل. قد يكون خطأ المعلم هنا أنه لم يبن جسور الثقة بينه وبين طلابه. وأذكر جيداً إحد المعلمين الذين عملت معهم، لم يكن التلاميذ يطلبون مساعدته فى شيء، بل كانوا يلجأون إليّ دائماً. كنت أساعدهم فى أى شيء أستطيع فعله ولكن فى بعض الأحيان يكون من الصعب جداً بالنسبة لى أن أقوم بكل شيء بمفردي. كنت أرى مراراً ذلك المعلم يقف بين تلاميذه، وكنت أحس بأنه ليس هناك أى تواصل معهم. يثور جدل فى كثير من الأحيان حول إن كان على المعلم أن يكون قدوة لطلابه أم لا. إن المجتمع يحترم المعلمين لأنهم مصادر للمعرفة ليس هذا فحسب بل وقيادات فى تعديل وتشكيل السلوك. إننى أظن أنه حتى ولو لم يرغب المعلمون فى أن ينظر إليهم كقدوة، فإننى أعتقد بكل تأكيد أنهم كذلك. إن لديهم من المزايا ما يؤهلهم ليكونوا قدوة لغيرهم. لماذا ؟ لأن أغلب المعلمين يحترمون ويحبون ويعتنون ويوجهون طلابهم ليصبحوا أفراداً ناجحين. ينظر التلاميذ إلى معلم كونه الأكثر عقلاً وحكمة، ويدركون جيداً أنهم إن احتاجوا إلى شيء فليس أمامهم سواه. إنهم يتعلمون من كل درس يتلقونه من معلميهم. لذلك فإننى أعتقد أن للمعلم مسئوليات عدة على تصرفات تلاميذهم. ولو اعتبرنا المعلمين قدوة فإننى أعتقد أنهم غير معصومين من الخطأ. من الطبيعى أن يقع الفرد فى الخطأ بسبب طبيعته البشرية. وفى الوقت نفسه لا ينبغى على التلاميذ أن يقلدوا معلميهم فى كل شيء، بل عليهم أن يتجنبوا أخطاءهم.ويحذوا حسناتهم وويطمحوا بطموحات بعضهم ويسعدوا بسعادة انجازاتهم ويهتفون من القلب بوطنية روائدهم من المعلمين الاكفاء وثورتى 25يناير، 30يونيو جذور ثبتت فى باطن الكرة الأرضية لتنبت النبات والزهور والرياحين للبشرية. إن لدى كل معلم القدرة على توفير البيئة المناسبة لتلاميذه، وإن الفائدة من وجود بيئة ممتعة ومناسبة يجنيها كل من المعلم والمتعلم. ولكن قبل أن يحدث ذلك، يحتاج المعلم أن يكون إعداده جيداً حتى يجد المتعلم منه المعاملة الحسنة. من الضرورى جداً للمعلمين أن يكونوا جاهزين لأن الأيام الأولى فى المدرسة مهمة جداً بالنسبة للمتعلم، ولأن نجاحه فى المستقبل يعتمد على سنواته الأولى تلك. آن الأوان لم يفت أبداً لبدء علاقة جيدة بين المعلم وطلابه، وبالتالى يمكن القول إن التواصل بين المعلم وتلاميذه هو واجب كل يوم. وإننى فى الختام أقر بأننى وفى خلال حياتى العملية كمعلم قد تعلمت دروساً قيمة من معلمين عظماء، رأيت من لا يستحق الذكر ورأيت من يستحقون أن يحملوا على الاكتاف وفوق الأدمغة لرقى فكرهم وراجحة عقولهم،حاولنا غرسها فى متعلمينا فأصبح منهم قادة فى المجتمع. لكل ماسبق نحن فى أمس الحاجة الى اعادة النظر فى البرامج التربوية والمهنية التى تعمل على اعادة انتاج معلم من جديد.