هل نلوم دونالد ترامب وأفيجدور ليبرمان وكل المتطرفين والعنصريين والفاشين فى العالم، أم نلوم أنفسنا نحن العرب والمسلمين لأننا لم نعد نقدم للعالم سوى منتجات القتل والتفجير والتهجير أو نماذج مثل أيمن الظواهرى وأبوبكر البغدادى وعمر متين والخلايا النائمة والمستيقظة والذئاب المنفردة؟!. من يتابع ردود الفعل العربية والإسلامية على الحادث الإرهابى والإجرامى الذى ارتكبه الأمريكى من أصل أفغانى عمر متين بقتله 50 شخصا فى حانة للمثليين الجنسيين فى أورلاندو بولاية فلوريدا قبل ايام سوف يكتشف أننا نعيد تكرار نفس الكلمات والمصطلحات والأفكار!. هناك إدانات رسمية من هيئات ومؤسسات وحكومات عربية وإسلامية لما حدث، وهذا شىء مطلوب بالطبع. هناك أيضا «كليشيه» خلاصته اننا كمسلمين نطالب الغرب بعدم الربط بين الجرائم الإرهابية وبين الإسلام حتى لو ارتكبها مسلمون. هناك مختلون ومرضى نفسيون بيننا كانوا سعداء بالحادث، وبعضهم يعتقد أن ما فعله هذا المجرم المختل انتصار لدين الله!!. وهناك أخيرا من ينظر للأمر بأكمله باعتباره مؤامرة من الأمبريالية الدولية والصهيونية العالمية، التى ارتكبت الحادث لكى تشوه صورة الإسلام والمسلمين الذين كسبوا كثيرا عقب وفاة محمد على كلاى قبل نحو أسبوعين. مبدئيا ليس من حق أى مسلم أن يذهب إلى امريكا وأوروبا والغرب عموما أو أى مكان فى العالم ويدعى أنه يريد تطبيق الشريعة الإسلامية. الطبيعى أن أى إنسان سوى على فطرته السليمة سوف يرفض حكاية المثليين جنسيا، حتى لو لم يكن مسلما. لكن لو أننا قتلنا كل من لا يعجبنا سلوكه سواء كان مثليا أو غير مسلم أو سيدة متبرجة، فإننا سوف نقتل أكثر من ثلاثة أرباع العالم؟! عمر متين ترك بلده أفغانستان وسافر للولايات المتحدة واستقر فيها. إذا كانت لم تعجبه امريكا، فلماذا استمر هناك، لماذا لم يعد إلى بلاده، إلى تورا بورا أو أى منطقة تخضع لسيطرة طالبان، واستمتع فيها بالنموذج الذى يراه إسلاميا؟!. ليس من حقنا أن نلوم ترامب وليبرمان وسائر العنصريين الفاشين. هؤلاء مخلصون لقضيتهم والطبيعى أنهم استفادوا كثيرا من هذه الحادثة الوحشية لكى يعززوا وجهة نظرهم الخاطئة بأن المشكلة فى الإسلام، وليس بعض المسلمين المتطرفين. الأفضل ألا نوفر لهؤلاء المختلين مادة يستخدمونها ضدنا. ليس جديدا القول إن العالمين العربى والإسلامى مليئان بمثل هذه العناصر المتطرفة والمريضة على شاكلة عمر متين. لن ندخل فى جدل حول سبب ظهور هؤلاء. الأسباب كثيرة من الجهل والتعليم المتخلف إلى الاستبداد والعنف والفقر وغياب أى أمل فى الغد فى معظم البلدان العربية والإسلامية. العلاج طويل لأن المرض مزمن. وأزعم أن نقطة البداية هى إصلاح الخطاب والفكر والفقه الدينى الذى أنتج مثل هذه الكائنات المشوهة. مصر كانت قد بدأت قبل نحو عام ونصف العام الحديث عن هذا الأمر، ثم توقف كل شىء فجأة. لا نريد الدخول فى جدل عقيم، لكن صار واضحا أنه من دون محاربة التطرف وهذه الأفكار الظلامية فلن نتقدم شبرا واحدا إلى الأمام. قد نبنى ناطحات سحاب ونمتلك مليارات الدولارات ونقيم المدن والعديد من المشروعات القومية ونشق الطرق، ثم فجأة يأتى متطرف واحد ليهدم هذه الصورة الكاملة، وبطبيعة الحال لن تتغير هذه العقول الضالة من دون تعليم صحيح.. وبالتالى فالعملية متكاملة. للأسف الشديد هذه العقول المسلوبة صارت أخطر علينا من أعدى الأعداء. وجودها هو الذى يساعد بقية الأعداء التقليديين وفى مقدمتهم إسرائيل على تنفيذ مخططاتهم.. فمتى نفيق ونبدأ طريق الإصلاح الحقيقى؟!.