بدء تصويت المصريين بالكويت في آخر أيام انتخابات الدوائر ال30 الملغاة للنواب    تراجع سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 9 ديسمبر 2025    اهتمام حكومي بتعزيز الاستثمار في قطاع السياحة    المشاط تلتقى الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى لمناقشة جهود التنمية    وزير الري: مشروع ضبط النيل يأتي في إطار رؤية الدولة لحماية الموارد المائية واستدامتها    الدورة السابعة من جائزة زايد للأخوَّة الإنسانية تتلقى طلبات الترشيح من 75 دولة    أيمن محسب: لقاء الرئيس السيسى وحفتر محطة جديدة فى مسار دعم استقرار ليبيا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم حرم جامعة القدس    روسيا تسيطر على مدينة بوكروفسك .. واسقاط 121 مسيرة أوكرانية    تشكيل الزمالك المتوقع أمام كهرباء الإسماعيلية    منتخب مصر في مواجهة حاسمة أمام الأردن بكأس العرب    مباريات اليوم.. إنتر يواجه ليفربول في قمة دوري الأبطال ومصر تصطدم بالأردن في كأس العرب 2025    أمطار ورعد ورياح.. «الأرصاد» تحذر من تقلبات جوية حتى الخميس    السكك الحديدية: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية على بعض الخطوط    بين الهلع والواقع.. رؤية حقوقية للتعامل مع أزمة الكلاب الضالة بوعي ورحمة    ضبط شخص وابنته بتهمه التنقيب عن الآثار بمنزلهما في المنوفية    إخلاء سبيل طليقة الفنان سعيد مختار بعد استجوابها فى واقعة مقتله على يد زوجها    الخميس، مشروع "لوبيريا" الموسيقي في قصر الأمير طاز    13 خرقا إسرائيليا جديدا فى اليوم ال 60 لهدنة غزة    مدير الصحة العالمية يدين الغارات على روضة أطفال ومستشفى كالوجى بجنوب كردفان    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    الحبس عقوبة استخدام التخويف للتأثير على سلامة سير إجراءات الانتخاب    اللجنة المشرفة على الجمعية العمومية في الزمالك تعلن فتح التسجيل    اليابان ترفع تحذيرات تسونامي بعد زلزال قوي شمال شرق البلاد    هندوراس تطالب بتنفيذ أمر اعتقال الرئيس السابق هيرنانديز بعد عفو ترامب    أسعار اللحوم في أسوان اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    متحف اللوفر بين الإصلاحات والإضرابات... أزمة غير مسبوقة تهدد أشهر متاحف العالم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    التعليم: عقد اختبار تجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي في مادة البرمجة عبر منصة كيريو    الكنيسة القبطية تحتفل بيوم الصحافة والإعلام القبطي الخميس المقبل    لقاءات دينية تعزّز الإيمان وتدعم الدعوة للسلام في الأراضي الفلسطينية    وزير المالية الأسبق: لا خلاص لهذا البلد إلا بالتصنيع.. ولا يُعقل أن نستورد 50 ل 70% من مكونات صادراتنا    ترامب يوافق على بيع رقائق متقدمة من إنفيديا إلى الصين    العطس المتكرر قد يخفي مشاكل صحية.. متى يجب مراجعة الطبيب؟    الخشيني: جماهير ليفربول تقف خلف محمد صلاح وتستنكر قرارات سلوت    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    عوض تاج الدين: المتحور البريطاني الأطول مدة والأكثر شدة.. ولم ترصد وفيات بسبب الإنفلونزا    الرياضة عن واقعة الطفل يوسف: رئيس اتحاد السباحة قدم مستندات التزامه بالأكواد.. والوزير يملك صلاحية الحل والتجميد    من تجارة الخردة لتجارة السموم.. حكم مشدد بحق المتهم وإصابة طفل بري    أحمديات: مصر جميلة    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    الأزهري: اختيار وزير الرياضة لرئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو يؤكد الثقة الدولية بالكفاءات المصرية    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الغباء السياسى والسقوط التاريخى" || بقلم السيد ياسين


السيد ياسين
هل يجوز من باب لغة التحليل العلمى أن نتحدث عن الغباء السياسى لبعض القادة والزعماء، أو لبعض الأحزاب السياسية أو الحركات الدينية؟
يبدو أن التحليل المقارن للنظم السياسية ولسلوك بعض القادة والزعماء فى مشارق الأرض ومغاربها يدفعنا دفعاً إلى التسليم بأن وصف «الغباء السياسي» بالغ الدقة فى مجال تقييم بعضهم. ولنأخذ أمثلة متعددة من الماضى والحاضر. كيف يمكن توصيف سلوك «هتلر» زعيم النازية الأشهر فى مشروعه للهيمنة على كل بلاد القارة الأوروبية من خلال حملات عسكرية خاطفة إلا بالغباء المطلق؟ كيف تصور «هتلر» أنه يمكن أن يحارب كل الدول الأوروبية وينتصر عليها، وكذلك على الولايات المتحدة الأمريكية التى دخلت الحرب ضده متأخرة شيئاً ما؟.
لم يدرك هذا الزعيم المتطرف أن مشروعه مضاد لمنطق التاريخ، ولذلك هزم هزيمة ساحقة أدت إلى انتحاره فى برلين هو وحليفه موسولينى زعيم الفاشية، الذى أطلق عليه أحرار إيطاليا النار فقتلوه شر قتلة بعد الهزيمة المدوية لدول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان)!.
وقعت هذه الأحداث فى الحرب العالمية الثانية التى انتهت عام 1945، وكان من المفروض بعد استيعاب دروسها القاسية- أن يسود السلوك العقلانى الرشيد فى مجال عملية اتخاذ القرار التى يقوم بها القادة والزعماء.
إلا أننا وجدنا نموذجاً بارزاً على الحماقة السياسية فى سلوك «جورج بوش» الابن الذى أعلن -كرد فعل على أحداث سبتمبر الحرب ضد الإرهاب، والتى أعلن أنها حرب لا يحدها زمان ولا مكان! وتعجل هذا الرئيس الأمريكى الأحمق الذى كان يزعم أنه يستوحى قراراته من الله سبحانه وتعالى بشن الحرب على أفغانستان لإسقاط نظام طالبان، لأنه آوى «بن لادن» الذى نسب إليه تخطيط الهجوم الإرهابى على الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد ذلك ارتكب حماقته الكبرى بغزو العراق لإسقاط صدام حسين.
وهذه الحالة تقربنا من العالم العربى لكى ندرس حالات الغباء السياسى البارزة. ولا شك أن «صدام حسين» من ناحية، والعقيد «معمر القذافي» من ناحية أخرى، يقدمان لنا أمثلة بارزة على الغباء السياسي! «صدام حسين» الذى صفى قادة حزب البعث وانفرد بالحكم ورث دولة غنية بالموارد الطبيعية وبالنفط وبالقوى البشرية المبدعة، ولكنه أضاع كل هذا وغامر بحرب لا سبب لها ضد إيران استمرت ثمانى سنوات سقط فيها مئات الألوف من الضحايا من الجانبين، وخسرت العراق موارد هائلة. ولكنه لم يكتف بذلك ولكنه قرر فجأة غزو الكويت بدون مقدمات، مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تنظم تحالفاً دولياً لإخراجه من الكويت وهزيمته ثم حصار العراق بعد ذلك.
ولو انتقلنا إلى حالة العقيد «معمر القذافي» لوجدنا حالة نموذجية للغباء السياسى. فقد ورث دولة غنية بالنفط الذى يجعل ليبيا لا تحتاج إلى أى معونات خارجية، ولكنه تعمد القضاء على كل مؤسسات الدولة الليبية بما فيها الجيش. وترك البلاد فى أيدى «اللجان الثورية» التى عاثت فى الأرض فساداً، وأخطر من ذلك دخوله فى مغامرات إرهابية متعددة وحروب إفريقية فى تشاد، وكلها انتهت بهزائم ساحقة جعلته محاصراً من النظام الدولى، حتى اضطر إلى الرضوخ لأوامر الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل.
انتهت حياة «صدام حسين» بالحكم عليه بالموت شنقاً، وانتهت حياة «القذافى» بقتله من قبل الثوار شر قتلة.
ولو انتقلنا من الشخصيات السياسية -قادة أو زعماء- إلى مجال الأحزاب السياسية والحركات الدينية لاكتشفنا أن ظاهرة الغباء السياسى فى سلوك بعضها موجودة ولا شك. غير أن خطورتها تكمن فى أنها يمكن أن تؤدى إلى الانهيار الكامل للحزب أو التصدع الشديد فى الحركة الدينية. وهذا الانهيار وقرينه التصدع يمكن فى حالات كثيرة أن يؤدى إلى ما نطلق عليه السقوط التاريخى.
يصدق ذلك على الحزب الشيوعى السوفيتى الذى حكم الاتحاد السوفيتى بعد نجاح الثورة البلشفية عام 1917 لمدة سبعين عاماً، كما أنه يصدق- ويا للمفارقة- على جماعة الإخوان المسلمين التى استمرت ثمانين عاماً، وقفزت إلى حكم مصر فى غفلة من الزمان حتى أزيحت من السلطة بعد عام واحد فقط، بعد أن قامت الجماهير بانقلاب شعبى ضدها فى 30 يونيو دعمته القوات المسلحة، مما أدى بها إلى السقوط التاريخى بعد فشلها السياسى الذريع.
وظاهرة السقوط التاريخى للأحزاب الحاكمة أو النظم السياسية تحتاج إلى تأمل عميق لاكتشاف الأسباب الداخلية للانهيار وكذلك العوامل الخارجية. ونستطيع فى حالة الاتحاد السوفيتى لو أردنا التعمق فى فهم أسباب الانهيار- أن نعتمد على مرجع نادر حقاً وهو الكتاب الذى ألفه السياسى والقيادى السوفيتى الشهير «جورج أرباتوف» الذى كان مديراً لمركز بحوث الولايات المتحدة وكندا وكان مستشاراً لعدة رؤساء سوفيت.
وعنوان كتابه النظام The System وله عنوان فرعى هو «نظرة مطلع من الداخل على السياسات السوفيتية» (نشرته راندم هاوس عام 1992).
وهو يحدد أسباب انهيار النظام السوفيتى فى عوامل داخلية أبرزها الجمود العقائدى فى مجال التطبيق الحرفى الجامد لماركسية لينين من ناحية، وفساد النظام من ناحية أخرى، والضغوط الخارجية من ناحية ثالثة.
ولو نظرنا لحالة جماعة الإخوان المسلمين لاكتشفنا أن سبب فشلها السياسى هو أيضاً الجمود العقائدى الذى ظهر فى الانطلاق من مبادئ جامدة، أبرزها تأسيس دولة دينية على أنقاض الدولة المدنية، والسعى لاسترداد نظام الخلافة الإسلامية، والهيمنة المطلقة على النظام السياسى، وعدم التسليم بأهم مبدأ من مبادئ الديمقراطية وهو التداول السلمى للسلطة. لأن قيادات الجماعة خططت لكى تبقى فى الحكم إلى الأبد، سواء باستخدام آليات الديمقراطية، أو باستخدام العنف ضد الخصوم السياسيين وقوى المعارضة.
ما حدث من «انقلاب شعبي» فى 30 يونيو كان إعلاناً جهيراً عن الفشل السياسى لجماعة الإخوان وسقوطها التاريخى. غير أنه مما يضاعف من هذا الفشل سلوك قيادات الجماعة بعد أن أسقطهم الشعب، والذى تمثل فى الأوامر التى أعطتها قيادات الجماعة لأتباعها لممارسة الإرهاب المنظم -ليس ضد منشآت الدولة فقط ولا ضد رموز السلطة من قوات مسلحة وقوات أمن فقط- ولكنه ضد الشعب نفسه! وذلك من خلال تخريب المرافق الأساسية كالكهرباء أو المواصلات، أو إثارة الشغب فى الجامعات وذلك سعياً إلى إسقاط النظام!.
وهذا الوهم أدى فى الواقع إلى تزايد السخط الشعبى ضد الإخوان المسلمين، وبذلك أضافوا إلى رصيدهم بعد الفشل السياسى والسقوط التاريخي- الكراهية الشعبية المتنامية لفكر الجماعة المتطرف ولسلوكها الإرهابى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.