اكد وزير الخارجية محمد عمرو توافر الإرادة القوية لدى الجانبين العربى والصينى لتحقيق المزيد من القفزات فى جوانب العلاقات المختلفة، خاصة مع التطور الذى حققته الصين والذى نتابعه بإعجاب ونسعى للاحتذاء به والاستفادة من دروسه فى تعزيز عملية التنمية الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية فى دولنا العربية. وجاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها وزير الخارجية اليوم أمام الاجتماع الوزاري للمنتدى العربي الصيني الذى يعقد فى تونس بمشاركة وزير خارجية الصين يان جي تشي ونظيره التونسى رفيق عبد السلام وأمين عام الجامعة العربية الدكتور نبيل العربى ووزراء الخارجية العرب. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط عن محمد عمرو إن العلاقات التاريخية بين المنطقة العربية والصين تعود إلى القرن السابع الميلادي، حيث مثلت القوافل التجارية العربية عبر طريق الحرير أهم مصادر الاتصال المباشر والتعارف بين الحضارتين العربية والصينية، وتزامن ذلك مع التواصل الثقافي بين الجانبين وهو ما تمثل في حركة التجار العرب والصينيين آنذاك بين المنطقتين.وأضاف أن تلك العلاقات التاريخية كانت أساسا متينا أمكن البناء عليه فيما بعد للمضي قدما في تطوير العلاقات بين الجانبين التي عادت إلى سابق عهدها من جديد مع خمسينيات القرن الماضي، حيث تم تدشين العلاقات الدبلوماسية بين الصين وعدد من الدول العربية وأولها مصر، ومرورا بإعلان الاتفاق التاريخي بين الجانبين على هامش مؤتمر باندونج بشأن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي بين الجانبين. وتابع :”على مدار العقود الستة الماضية صمدت العلاقات العربية الصينية أمام التغيرات، وكان إنشاء منتدي التعاون العربي الصيني عام 2004 علامة بارزة على تطور العلاقات الصينية العربية وأصبح إطارا محوريا يضم آليات متعددة ومتنوعة تعمل في تناغم من أجل تطوير العلاقات المشتركة في كافة أوجهها إلى المستوى الذي يأمله الجانبان”. وقال إن العلاقات العربية الصينية شهدت خلال الأعوام الثمانية الماضية تطورات كبيرة حيث ارتفعت وتيرة التشاور السياسي بين الجانبين حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وواصلت الصين لدعمها للقضايا العربية العادلة في المحافل الدولية ولاسيما القضية الفلسطينية التي تقع على رأس أولويات الجانبين. وأكد أن الدعم الصيني للقضية الفلسطينية استند إلى مبادئ الشرعية الدولية وتنفيذ قرارات الأممالمتحدة في هذا الصدد، ومبدأ “الأرض مقابل السلام” و”خارطة الطريق”، وإقامة الدولة الفلسطينية بحدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، فضلا عن دعمها لحصول فلسطين على عضوية كاملة بالأممالمتحدة، ودعوتها لإسرائيل للتفاوض مع الدول العربية على أساس “مبادرة السلام العربية” ورفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة والكف عن الأنشطة الخاصة بتهويد القدس. وشدد وزير الخارجية محمد عمرو على أهمية تجديد العزم على التعاون مع جميع الأشقاء العرب لتعزيز وتكثيف التعاون المثمر والمستمر مع الصين، ولاسيما في ضوء تجربة الصين الناجحة في التنمية التي تستحق أن تكون مثالا يحتذي به، حيث نجحت الصين في تحقيق المعادلة الصعبة بين النمو الاقتصادي والاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة من ناحية، وتحقيق التنمية والتشغيل الامثل للموارد من ناحية أخرى. وأوضح أنه وباستعراض مسيرة المنتدى نرى النتائج المثمرة التى حققها فى بناء علاقات التعاون (العربى/الصينى) والتى شملت مجالات التشاور السياسى والتجارة والاستثمار والطاقة وحوار الحضارات والإعلام والسياحة وغيرها، الأمر الذى أسهم بلا شك فى تدعيم العلاقة العربية/ الصينية، وهو ما يعبر عن إرادة قوية لدى الجانبين العربى والصينى لتطوير تعاونهما فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بما يرتقى لتطلعات الجانبين، لاسيما مع ما تتيحه الإمكانيات والفرص الهائلة المتواجدة لدى الجانبين، بما يعبر عن علاقة تعاون إستراتيجى تستند إلى رصيد حضارى عريق وحاضر له كل أسباب التقدم والازدهار. واقترح وزير الخارجية محمد عمرو إنشاء آلية للحوار الإستراتيجى بين الصين والأمانة العامة لجامعة الدول العربية على نسق ما هو موجود بين الصين والمفوضية الأوروبية والمفوضية الإفريقية، بما يسهم فى تعزيز التفاهم بين الجانبين العربى والصينى، وبما يؤدى لتفعيل إعلان “تيانجين” بشأن التعاون الإستراتيجى وبما يتيح المجال لمباحثات معمقة حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية وتنسيق المواقف فى المحافل الدولية بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين. كما اقترح تطوير مفهوم الحوار الحضارى الذى يجرى فى إطار المنتدى الذى مازال يدور فى دائرة الإسهامات التاريخية للحضارتين العربية والصينية ورصيدهما الإيجابى المشترك فى تقدم الإنسانية..وبات من المهم، أن يتناول قضايا حاضر العلاقات وينطلق إلى رؤية حضارية للمستقبل بما يتجاوب مع متطلبات العصر، منوها بالحاجة الماسة إلى إقامة قنوات للحوار والتواصل المنتظم بين مراكز الأبحاث والفكر فى الصين والدول العربية، وهى كلها أمور ستصب فى تطوير العلاقات بين الجانبين.