تفتح أبواب اللجان للاستفتاء على التعديلات الدستورية فى ربوع مصر، وسط رهان على وعى المواطن، وحرصه على ممارسة حقه الدستورى، باعتباره صاحب الكلمة الفصل، والمتحكم الحقيقى فى سير العملية السياسية، وبما أن صوته أمانة، فعليه أن يؤديها بالمشاركة بإيجابية فى الاستفتاء، والإدلاء بصوته كحق أصيل، وواجب وطنى عليه أن يُلبيه. «أكتوبر» التقت نخبة من الخبراء والشخصيات العامة..الذين تحدثوا عن التعديلات الدستورية، أسبابها، ومضمونها، وأهمية المشاركة فى الاستفتاء عليها. بداية قال السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق وعضو مجلس النواب، إن جميع التعديلات التى طرحت للاستفتاء الشعبى تتفق مع الظروف المحيطة بنا والتى تمر بها البلاد وبحجم الإنجازات التى تمت بالدولة المصرية خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن أى إخفاق أو تقصير فى النزول للاستفتاء يضر بالمصلحة العليا للبلاد وبالأمن القومى، ودعا المواطنين الحريصين على أمن مصر وتماسكها للنزول إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، لافتا إلى أن روح الحماس التى سادت المصريين أثناء ثورتى 25 يناير و30 يونيو لا زالت تسرى فى عروقنا وأن هناك مسيرة كفاح وعطاء تمت من أجل بناء هذا الوطن. مشيرا إلى أن التعديلات التى حدثت لا تضر نهائيًا بالديمقراطية ولا بالحريات ولا الحقوق ولا الواجبات إنما تصب فى صالح الوطن والمواطن المصرى، موضحًا أن الرئيس السيسى أدى إلى مصر ما لم يؤده أحد فى فترة قصيرة جدًا وأن مد فترة الرئاسة سيكون من أجل استكمال المشروعات الضخمة والإنجازات التى حققها الرئيس بالفعل، مؤكدا أن العالم كله الآن ينظر إلى مصر بتقدير وإعجاب لكونها واحة الاستقرار فى المنطقة. وقال الدكتور صلاح فوزى أستاذ القانون الدستورى، إن التعديلات الدستورية المقترحة تضمن تحقيق عدد من المكاسب السياسة لصالح الدولة المصرية والتى تهدف إلى المصلحة العامة، ومنها على سبيل المثال ضمان تمثيل عدد من فئات المجتمع فى المجالس النيابية، لأنه من المفترض أن المجلس النيابى يكون معبرا عن المجتمع بكامل أشكاله وأطيافه وأنواعه فئة عمال وفلاحين ومرأة وشباب ومصريين بالخارج، مؤكدا أن التعديلات الدستورية تهدف إلى تمثيل تلك الشرائح بالبرلمان، مشيرا إلى أن هذا مكسب كبير سيعود على المجتمع بالفائدة الإيجابية لأن هذه الشرائح سيكون لها عدد مقاعد مناسب في البرلمان يستطيعون من خلالها التعبير عن آرائهم وتحقيق مصالحهم، مبينا أن هناك مكسبا سياسيا آخر يتمثل فى إنشاء مجلس الشيوخ لأنه سيؤدي إلى مزيد من التدارس لمشروعات القوانين بما يعنى أن الدولة ليست متسارعة فى شأن إصدار القانون، بل ستخضع لقاعدة التدارس مما يؤدى إلى إحكام صياغة القوانين بعناية بما يحقق الثبات التشريعى النسبى وبما يضمن تحقيق الأمن القانونى الذى يصب فى مصلحة المجتمع. مستطردا أن المكسب الآخر على مقترحات التعديل الدستورى هو استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية لأن الأعباء الجسام الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية فى ظل دور مصر المحورى فى الدول العربية وإفريقيا والعالم أجمع وحجم المشروعات التى يتم تنفيذها، تتطلب المتابعات، وبالتالى فهذا التعديل يهدف إلى تخفيف العبء نسبيا عن رئيس الجمهورية ويحدث مزيدا من المتابعة والتى تعتبر أحد المكاسب الاقتصادية لأن المتابعة المستمرة تؤدى إلى تحقيق الإنجاز فى مواعيده، موضحا أن حق الاقتراع هو حق دستوري لكنه في ذات الوقت واجب وطني متوقعا أنه سيكون هناك اصطفاف بالآلاف أمام مراكز الاقتراع من المواطنين لأن هذا هو الشعب المصري العظيم. وقال عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الأهرام ونقيب الصحفيين السابق، إن الدساتير ليست كتابا مقدسا ولكنها تظل في البداية والنهاية اجتهادا بشريا قابلا للتعديل حسب مقتضيات ومصالح الشعوب، مؤكدا أن التعديلات الدستورية ليست مقصورة على مصر فقط، ولكنها موجودة فى كل دول العالم وآخرها ما حدث فى تركيا فى العام قبل الماضى حينما تم إدخال 18 تعديلا مقترحا على الدستور التركي، وأيضا الدستور الفرنسى الحالى الذي صدر فى 4 أكتوبر 1958 لكنه شهد العديد من التعديلات كان آخرها عام 2008، لافتا إلى أنه على مدى 60 عاما تم إدخال 24 تعديلا جديدا على فترات متقاربة أحيانا ومتباعدة أحيانا أخرى وأن أول تعديل طال الدستور الفرنسى كان بعد عامين من إقراره وذلك فى عام 1960، وفى عام 1993 تم إدخال تعديلات جديدة عليه، وبعدها بست سنوات شهد الدستور الفرنسى ثلاثة تعديلات فى عام 1999. وتكررت التعديلات بعد ذلك، ففى عامى 2003 تعديلان، و2007 ثلاثة تعديلات، مشيرا إلى أن فرنسا الآن تشهد حالة من النقاش العام حول الرغبة فى إجراء تعديلات دستورية جديدة والتى ترغب الحكومة الفرنسية فى الدفع بها ومن المحتمل إجراء الاستفتاء عليها في الشهور القليلة القادمة. موضحا أن الدساتير دائما وأبدا سوف تظل قابلة للتعديل والتغيير مادامت قد اقتضت المصلحة العامة ذلك. وقال السفير جمال البيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن أساس الحياة الديمقراطية هى أننا كلما دعينا للاستفتاء أو الانتخابات ننزل لصناديق الاقتراع ونعبر عن آرائنا وندلى بأصواتنا، مؤكدا أن مصر تخطت مراحل الدعوات للمقاطعة التى يطلقها أهل الشر دائما قبل كل انتخابات أو استفتاء، مؤكدا أن مصر تمضى بخطوات متسارعة على الطريق الصحيح، مشيرا إلى أن جميع المواد التى كانت تحتاج إلى تعديل طرحت وتمت مناقشتها وتم تعديلها بالفعل، لافتا إلى أن العديد من الدول عدلت مدة الرئاسة بدساتيرها من قبل مستشهدًا بفرنسا التى عدلت مدة الرئاسة فى دستورها من 5 إلى 7 سنوات، لافتا إلى أن وجود غرفتين للمجالس النيابية مجلس النواب ومجلس الشيوخ أمر إيجابى وأن مرور إجراءات مشروعات القوانين على جهة تمتلك الخبرات مثل أعضاء مجلس الشيوخ يؤدى إلى الاطمئنان فى تشريع القوانين وصياغتها على أكمل وجه. فيما أكدت نورهان عبد الحكيم مساعد أمين المرأة بحزب مستقبل وطن بمركز الخانكة بالقليوبية وعضو جمعية المرأة المصرية إن التعديلات الدستورية المقترحة تحقق المزيد من المكاسب التى حصلت عليها المرأة فى المشاركة فى الحياة السياسية إضافة إلى المكتسبات التى حصلت عليها فى دستور 2014، لافتة إلى أن المرأة تحظى باهتمام غير مسبوق من جانب القيادة السياسية التى تحرص دائما على تمكين المرأة مؤكدة أن المادة 102 من المواد المقترح تعديلها تحقق ضمانات للمرأة لم تحصل عليها من قبل أهمها أحقيتها فى تولى جميع المناصب القضائية بالإضافة إلى نظام انتخابى واضح يضمن للمرأة المشاركة فى المحليات والبرلمان بنسبة 25% وطالبت عبد الحكيم جميع سيدات مصر بالمشاركة بإيجابية فى الاسفتاء على الدستور للحفاظ على المكتسبات التى تحققت لهن وعدم إهدار فرصهن فى التمثيل البرلمانى الذى يكفله الدستور، مشيرة إلى أن المشاركة بإيجابية بمثابة رصاصة فى صدر أعداء الوطن وتؤكد على أمان واستقرار مصر. وقال د.محمد موسى على خبير الاقتصاد الدولى المعاصر: يمكن أن ننظر للموضوع من جوانب متعددة ومن يريد أن يفهم فعليه أن يرى الأمر من الناحية الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى اضطرتنا إلى إجراء تعديلات دستورية وذلك على النحو التالى، أولا مصر ليس لديها كلية أو أكاديمية تُخرج وزراء ولا رؤساء؛ لذلك فالرئيس عندما يتولى سلطة البلد بكل جوانبها الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية يتعامل مع ملفات عميقة وثقيلة لا يكفيها أربع سنوات، فدراسة وتخطيط وتنفيذ وضبط إجراءات موازين الدولة وإيراداتها ومصروفاتها وتخصيص حصة لكل وزارة لتسيير أعمالها عمل غير يسير ويحتاج لفترات طويلة، لذلك فالتعديل فترة الرئاسة إلى ست سنوات هو الأصلح، ليس لبقاء الرئيس فقط وإنما لصالح التحسين المستمر فى خطط الدولة حتى يشعر الشعب بالإنجاز الذى يتم تحقيقه، فتمديد الفترة وتعديلها إلى 6 سنوات يجعل الرئيس يقود البلد بأجهزته وخططه، 4سنوات عمل تنفيذى وسنتان فى رأيى أنا للحكم على نجاح الخطط، ففى رأيى أن التعديل فى صالح الأداء الكلى العام للدولة وبالتالى نستطيع أن نقيم أيضا أداء أى رئيس وإخضاعه للمحاسبة والمسئولية كما قال الرئيس السيسى (مافيش حد فوق القانون). حصاد الثمار ويضيف موسى: الرئيس السيسى عمل على ملفين أساسيين هما الملف الأمنى ومازال مستمرا وهو المسئول عن إنهائه لتأمين مصالح البلد، والملف الثانى هو البنية الأساسية لخطة المشاريع القومية التى تحقق رؤية مصر 2030 فى التنمية المستدامة والتى بدأت بإنشاء مدن جديدة وطرق جديدة وكبارى، ولابد أن يستكمل ما بدأه ليظهر الإنجاز وتتحقق المنافع للشعب لتحسين الحالة الاجتماعية وتحويل البلد من مستورد إلى مصدر. ومازالت خطط التحسين جارية فهى تحتاج إلى سنتين فوق الفترة الأساسية (فترة الأربع سنوات) لتصبح ست سنوات. ويشير موسى إلى زاوية أخرى فيقول : معالجة قروض التمويلات الخارجية هى فى ذمة حكومة الرئيس فلم يرض الرئيس أن تنتهى مدته ويترك للشعب إرث ديون دولية، فالرئيس يقترض وينفذ مشاريع ومدنا كبيرة مثل العاصمة الإدارية لتغيير وجه مصر الحضارى وهذا استنزف وقتا وجهدا ومالا، ولأن الرئيس مسئول أمام الشعب فعليه أن يكمل ما بدأه ليضاف لإنجازاته وليضاف على قيمة بلدنا فى تغيير ملامحه الحضارية وتفريغ القاهرة بلد الألف سنة وأكثر من الزحام وتشويه البيئة، كما أن الإصلاح الاقتصادى جاء على أكتاف المواطنين نعم وعلى التمويلات نعم، ولكن نتائج التحسين فى الإنتاج والأسعار ورفع معاناة المواطنين هو الذى يراهن عليه الرئيس فى الفترة التى ستنتهى فى عام 2024. حق دستوري من جانبه، يقول د.وائل الطناحي، الأمين العام للمجلس الوطنى للشباب: أدعو المواطنين للنزول والمشاركة فى الاستفتاء لأن المشاركة هى حقه الدستورى ويجب أن يمارس هذا الحق ويجب أن يفهم أنه هو المتحكم بصوته فى مقدرات العملية السياسية على أرض الواقع، وأنه إذا فرّط فى حقه هذا يكون قد فرط فى مستقبله ومستقبل أبنائه لذلك فصوت المواطن جزء مهم وأساسى فى العملية السياسية وهو الذى يقرر ما يجب أن يكون سواء بالقبول أو الرفض ويجب أن يحافظ على هذا الحق ويحرص على ممارسته. ويضيف الطناحى: لقد طالعت المسودة الخاصة بالتعديلات وبشكل مبدئى أجد فيها الكثير من الأمور التى تخدم وتهم المواطن وتصب فى مصلحة الوطن وتؤدى إلى تقدم ورخاء واستقرار الدولة بشكل كبير جدا كما أنها تحافظ على حقوق ومكتسبات نحتاج إليها فى بعض هذه المواد المقترحة. مراجعة الموقف أما د.أحمد على عثمان المحاضر العالمى فى العلوم الإنسانية وسيكلوجيا الأديان فيقول: تستجد مصالح للوطن فى كل زمان ومكان لذلك يجب أن نواكب أى عصر وزمان بما يخدم الوطن والإنسانية، والدستور لا بد أن يكون متغيرا وليس ثابتا فى أى ظروف خاصة عندما يكون الدستور تمت صياغته فى لحظة انتقالية فارقة فى عمر الوطن أقل ما توصف به أنها كانت فترة عصيبة تخلصت فيها مصر من مجموعات ظلت تسيطر على الفكر والرأى وأنا أصف هذه الفترة بفترة مخاض فى زمن اتسم بعدم الاستقرار، وبعد أن جاءت فترات الاستقرار والحمد لله فلا مانع أبدا أن نتوقف ونراجع موقفنا وننظر إلى ما ينقصنا أو ما الذى أخطأنا فيه لكى نصوبه ونعدله بما يخدم الوطن والإنسانية. وعلى الرغم من أننى موجود الآن فى كندا ولكننى حرصت على أن أكون فى مصر يوم الاستفتاء إن شاء الله لأشارك مع أهل وطنى لحظة انطلاق جديدة فى استقرار الوطن وبناء الإنسان، وإن شاء الله أشارك فى استفتاء تغيير الدستور ليكون انطلاقة نحو الحقوق الإنسانية وبناء الأوطان والسلام العالمي. واجب وطني ومن زاوية أخرى، يرى عبدالفتاح حامد، رئيس منظمة الشرق الأوسط للسلام وحقوق الإنسان وهى إحدى المنظمات المتابعة للتعديلات الدستورية، أن المشاركة فى الاستفتاء حق وواجب وطنى على كل مواطن محب لبلده وحريص على تحقيق مصالحه، لذلك قامت المنظمة بتنظيم ورش عمل وندوات خاصة بالتوعية بالمشاركة فى الاستفتاء على الدستور والنزول والتعبير عن الرأى فى اللجان، وذلك لأن من أهدافنا كمنظمة العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعبير عن الرأى كحق من حقوق الإنسان، كما أن الإعلام بكل أنواعه مثل القنوات التليفزيونية والفضائية والصحافة والإذاعة مطالب وبشدة بنشر الوعى للمواطنين خاصة أنه يصل للقرى والنجوع فى كل ربوع المحروسة. ويضيف حامد: التعديلات الدستورية تهتم بالمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة والقضاء والانتخابات الرئاسية وتعيين نائب الرئيس، فنجد أن الاهتمام بالمرأة وتحديد نسبة لها لاتقل عن 25% مهم وذلك لدعم المرأة وجعلها تحصل على الخبرة اللازمة، وكذلك الاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة ودعمهم، والاهتمام بالقضاء وأن تكون هناك هيئة عليا للقضاء تكون مستقلة استقلالية تامة، وهذا يؤكد أن التعديلات لا تفتئت على حقوق الإنسان المصري، بل تدعم حقوقه الأصيلة وأول وأهم هذه الحقوق هو حقه الدستورى فى التعبير عن رأيه بكل حرية سواء بقبول هذه التعديلات أو رفضها. وكان 155 نائبا بالبرلمان قد تقدموا فى شهر فبراير الماضى بطلب لتعديل عدد من مواد الدستور واستغرقت رحلة التعديل نحو 60 يوما حرص فيها البرلمان على إجراء جلسات حوار مجتمعى مع جميع الأطياف لمناقشة وصياغة المواد الدستورية التى تم طرحها للتعديل فى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالمجلس. وقد صرح الدكتور على عبد العال بأن إجمالى من صوتوا على التعديلات الدستورية من أعضاء مجلس النواب 544 عضوًا، حيث أعلن 531 نائبا موافقتهم ورفض 22 عضوًا وامتنع عضو واحد عن التصويت.