مجلس إدارة جودة التعليم بمجلس الوزراء يعتمد 529 مدرسة و184 معهدًا أزهريًا    شوشة: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان ولا يشملها سعر الوحدة السكنية    تنظيم دورة تدريبية وتوعوية عن مراقبة الجودة بجامعة أسيوط    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أسعار الذهب في مصر بمستهل تعاملات اليوم الخميس 25-4-2024    تعليم القاهرة تكشف حقيقة تعديل مواعيد الامتحانات لطلاب صفوف النقل    القاهرة والجيزة تنضمان لحملة المقاطعة في بورسعيد.. «لا للسمك حتى نزول الأسعار»    المقاولون العرب تحصل على الجائزة الأولى في التشغيل والصيانة بمنتدى مصر لإدارة الأصول    جهاز تنمية المشروعات: ضخ نحو 2.4 مليار جنيه كقروض لأبناء سيناء ومدن القناة    تداول 10 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    عاجل: أسعار الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 في مصر    وزارة العمل: ختام برنامج تدريبي فى مجال التسويق الإلكتروني ببني سويف    200 يوم من الدبلوماسية والدعم.. مصر صوت الحكمة بغزة    الدفاع المدني بغزة يطالب بفتح تحقيق دولي في مجازر الاحتلال بمجمع ناصر الطبي    عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العسكرية بتل أبيب    عاجل| الدفاع المدني بغزة يطالب بفتح تحقيق دولي في إعدامات ميدانية ارتكبها الاحتلال    «القاهرة الإخبارية»: تفاؤل حذر في أوكرانيا بعد موافقة أمريكا على المساعدات    سيدات الأهلي يواجهن بترو أتلتيكو بنصف نهائي كأس الكؤوس لليد    موعد مباراة الزمالك ودريمز الغاني في نصف نهائي الكونفدرالية الإفريقية    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    طقس الفيوم.. شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا    مصرع شخصين وإصابة 8 آخرين فى حادث سير بين تريلا وميكرباص بصحراوى البحيرة    خلال 24 ساعة.. تحرير 556 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    هل يوجد تغييرفي مواعيد امتحانات الترم الثاني بعد التوقيت الصيفي؟.. التعليم توضح    المرور على 100 مخبز وتحرير محاضر بالجملة في حنلات تموينية بالدقهلية    تفاصيل سقوط فردي أمن وسائق بتهمة سرقة شركة بالسيدة زينب    «بنات ألفة» يحصد جائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان أسوان    الصحة: فحص 6.3 مليون طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن علاج ضعف وفقدان السمع    صباحك أوروبي.. بقاء تشافي.. كذبة أنشيلوتي.. واعتراف رانجنيك    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    رئيس الإنجيلية يشهد افتتاح مكتبة كنيسة المقطم بمشاركة قيادات السنودس    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    بسبب مشادة كلامية.. مزارع ينهي حياة زوجته بقطعة خشبية في المنيا    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء "الأونروا" في دعم جهود الإغاثة للفلسطينيين    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    الاتحاد الإفريقي لليد يعدل موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    قبل مباراة مازيمبي.. مفاجأة سارة لجماهير الأهلي    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قالت: القاهرة تحت الإنشاء!
نشر في أكتوبر يوم 04 - 02 - 2019

كنت أشفق عليه من علة شوقه إليها والتى أمرضت أجزاء عدة فى هذا الجسد الذى يبدو عظيما إلا أنه ممتلئ بمتناقضات الأمراض وأولها الوله، وأمام إصراره لى على مرافقته إلى المطار لاستقبال حبيبة الزمن الجميل وما أن رآها تلوح له مهرولة تجاهه عبر ممرات مصطنعة بعناية لتبطئ من تسرع العائدين، وما أن تعانقا حتى استشعرت بحلول تلك الروح العائدة فى جسد كاد أن يُدعى ميتا، وابتسم بملء عينيه حتى سمعت قهقهات الفرح تزلزل قلبه العليل، وبادرت بإنهاء هذا المشهد الذى كاد أن ينهى حياة صديقى بأن فتحت بابا للخروج مؤقتا من تلك الرومانسية الكلاسيكية – غير المعتادة الآن – فركبا السيارة وبعد نظرات صاخبة ومتعانقة بينهما تفوهت تلك الروح العائدة بجملة، وليتها ظلت فى صمتها المندهش من كل ما حولها فقد ألقت قنبلة مدوية انفجرت داخلى لتهتك ستر الرضا وتقتل الصبر، قالت البريئة: يا الله كل هذه العمارات تحت الإنشاء!، وأمسكت كلامى عنها وقررت فى طرفة عين ألا أرد عليها الآن وتفهمت ما وصل إليها، فقد كنا على الدائرى وما شاهدته كانت مبانى على جانبيه وظنت أننا نشق الطريق إلى العاصمة الجديدة، والحقيقة أننا كنا فى قلب القديمة! لساعات طوال أعدت النظر إلى ما كنا عليه، فكانت القاهرة أوليات عواصم العالم ليس فى العمارة بل فى جماليات العمارة حتى أن لندن وباريس كانتا تتنافستان على من سيبرم وثيقة توأمة مع القاهرة أولاً، وتجد المنافسة بين المعماريين فى قلب القاهرة بين إبداع تماثيل أساطير الملائكة اليونانية وفرسان الإغريق واسبرطة الأشداء وأعمدة الرومان المتوجة ورشاقة زهور الأندلس وفسيفساء الهلال الخصيب بألوانها الزاهية وغيرها من بدع فنون العمارة التى تنسدل على واجهات البنايات فى رقة خصلات الحور المداعبة للهواء حتى أن المار فى شوارع المحروسة كمن يترحل عبر أزمنة الجمال أو كمن يشاهد نسخاً تحتار فى دقتها مقارنة بأصولها عند عباقرة الفن فى التاريخ الإنسانى أمثال صاحب «الموناليزا» ومن لُقّب بصاحب «الخيال الإبداعى مُنقطع النظير» المهندس والنحات والمعمارى والرسّام الموسوعى الإيطالى ليوناردو دافنشى أحد أشهر علماء عصر النهضة، أو فنسنت فان جوخ صاحب المدرسة الانطباعية فى الفن بوجه عام الذى ترك إرثاً يتعدى الألف لوحة وانتحر فى السابعة والثلاثين وأشهر لوحاته «ليلة النجوم»، وكثيرًا ما تندهش أمام ميثولوجيا العمارة المصرية فى صدر الدولة الحديثة والتى قدمت نسجاً من العمارتين القبطيتين فى مصر المسيحية والإسلامية فاق لوحة «خلق آدم» لمايكل أنجلوا النحات والرسام الأشهر فى تجسيد الحكايات والرموز الدينية، لم تكن العمارة فى القاهرة تستهدف بنايات المسكن للحماية والستر كغيرها من حضارات المعمورة بل تجاوزت الهدف الوظيفى لتستكمل هدفاً أسمى بدأه الأجداد الفراعنة عندما عانقوا السماء بمسلاتهم وضربوا فى الأرض راسيات من المعابد كجداريات تحكى للقادم من الأجيال المتلاحقة والوافد عبر حدود الزمان والمكان حضارة طوعت الهندسة وحسابات الأرقام لترسم فناً بمثابة لحن حضارى مازلنا نتكسب من بدع فنهم حتى فى عمارة المقابر كانوا أصحاب ذوق رفيع.
لم أستطع الرد على ضيفتنا القادمة عبر المسافات، فالصورة الآن فارقت الأصل واستبدلنا اللون الترابى وحمرة الطوب الفج بالفن والرقى، الملايين منا يمرون يوميًا على بنايات القاهرة الحديثة المتكاثرة بعبثية مشينة ترفع يافطة العشوائية عنوانًا لكنها ليست عشوائية بابلو بيكاسو! إنما هم بعض من أصحاب الدهاء الأسود وبقايا دموية من برجوازية تحمل الكثير من المال والقليل من الضمير والنادر من التحضر، تجمعت فى حزم وانقضت على المنازل الفقيرة واستغلت عوز الكثيرين حتى ابتاعت سكناهم ببضعة أوراق لا قوة شرائية تنافسية لها تعوضهم ضياع سترهم، وكالسرطان انتشرت عمارات الأحد عشر طابقا دون مراعاة لمحددات التخطيط العمرانى وتضرب فى الهواء بتعليمات الحماية المدنية وتطيح باللوائح المنظمة لاستصدار تراخيص الهدم والبناء غيرعابئة بهدم أثر أو إخفائه وسط جبالهم، وكانت نتاج فعلتهم المجرمة سلبيات وأمراض عدة منها:-
أولاً: الاجتراء على المساحات الخضراء حتى باتت مديريات الزراعة فى بعض المحافظات غير مجد بقائها لانعدام الزراعة.
ثانيًا: تجريف الأرض الزراعية لاستغلال طميها الأسود الغنى المتراكم عبر آلاف السنين فى حرقه لإنتاج الطوب الأحمر، ونجتهد الآن لزراعة الصحراء.
ثالثًا: إنشاء بنايات متلاصقة تقتحم الخصوصية حتى أن القاطن فيها يمكنه غلق باب أونافذة جاره فقط بمد يده!
رابعًا : عدم اعتماد وتنفيذ البناء بواسطة المختصين من المهندسين غير أن البناء على وجه الأرض والاكتفاء بلبشة أو حصيرة رقيقة من الخرسانة غير المسلحة مما يهدد بانهيار البناية والبنايات المتراصة بجوارها وخسارة الأرواح وضياع تحويشة العمر وتشريد من لم يأت عليه الموت ليبقى فى معاناة أشد قسوة من الموت!
خامسًا: تكونت بيئات معادية للتنسيق الحضارى وتخلق نشازًا مع الذوق العام ولاشك أنها ستترك انطباعًا سلبيًا فى وجدان الجيل الناشئ سيؤثر على أنماط تفكيرهم وسلوكياتهم الحياتية مما سيعيق تنفيذ أية خطط إنمائية، وسيشوه مسارات التلقى والاستقبال للتنمية الثقافية.
تصدمنا الأرقام بحقائق مميتة حيث صدر مؤخرًا تقرير بشأن مخالفات البناء عن الفترة من يناير2000 وحتى نهاية 2017 على مستوى محافظات الجمهورية، حيث بلغ إجمالى عدد المبانى المخالفة 2 مليون و878 ألفًا و808 مبانٍ، ووصل عدد قرارات الإزالة الصادرة 2 مليون و644 ألفًا و222 قرارًا، تم تنفيذ 633 ألفًا و406 قرارات، لتتبقى مليون و923 ألفًا و766 حالة دون تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة بشأنها، ويبلغ عدد المبانى التى لم تنفذ بشأنها قرارات الإزالة رغم أنها تشكل خطورة 43 ألفًا و797 مبنى طبقاً لبيانات وزارة التنمية المحلية، السؤال هو كيف تنامت جماعات مقاولات تشويه الذوق العام؟ ولماذا تترك إدارات المدن والأحياء والمراكز تلك البنايات حتى تعانق السماء وتكاثرت حتى بلغت المليونين، فهل بنيت وتكاثرت سرًا؟! وإلى متى سيظل الإعلام والمثقفون فى حالة صمت من تلك الظاهرة التى تقضى على الثروة الزراعية والقوة البشرية وتقتل الذوق والطموح؟ نهاية هل من اللائق أن نترك إرثاً للقادم من الأجيال تحت الإنشاء أو آيلا للسقوط! ولماذا لا نستكمل ما بناه الأجداد الأقدمون ومن تلاهم من القريبين؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.