المطربة شيرين عبدالوهاب عدلت عن قرار اعتزالها المفاجئ للفن وجددت عقدها مع برنامج المسابقات الغنائية «زا فويس» بمليون دولار.. الحقيقة أن هذا النوع من الأخبار يستفز الناس إلى حد كبير، مثله مثل أخبار الملايين التى يحصل عليها النجوم نظير القيام ببطولة الأفلام والمسلسلات والأموال الضخمة التى تدفعها الأندية لشراء لاعبى كرة القدم، وتصيب الشباب الذين يريدون تحقيق طموحاتهم بالعلم والعمل، باليأس والإحساس بالعجز! ورغم أنها مادة نميمة صحفية مثيرة وتشد القارئ أو المشاهد، لكنها سقطة أخلاقية وإعلامية تثير فى نفوس البعض الحقد والحسد، وتصيب الكثيرين بالإحباط نتيجة المقارنات العبثية بين ما يحصل عليه هؤلاء النجوم، وبين دخل الفرد العادى الغلبان الذى لم يقدر له أن يغنى أو يرقص أو يمثل أو يلعب الكرة فى الشارع أو النادى. وقد أدى اهتمام الإعلام بأخبار الملايين التى يحصل عليها نجوم الفن والرياضة إلى تغيير مفاجئ فى قناعات الناس، فبعد أن كان آباؤنا يوبخوننا إذا لعبنا الكرة فى الشارع، خوفا على مستقبلنا من الضياع، تجد الآباء اليوم يدفعون بالآلاف لمدارس تعليم كرة القدم التى افتتحها نجوم الكرة المعروفين كوسيلة أخرى للربح، و«سبوبة» مضمونة، بعد أن لاحظوا الإقبال الشديد من الأهالى على تعليم أولادهم فنون كرة القدم، لعلهم يشتهرون ويقبضون الملايين التى يسمعون عنها، وهو نفس الدافع الذى جعل مسابقات الغناء واكتشاف الأصوات وكتابة الأغانى والراقصين والراقصات مادة أساسية فى معظم قنوات التليفزيون الخاصة والعامة وهى أيضا السبب فى انتشار مكاتب النصب على الشباب التى تنشر إعلانات وهمية فى الصحف، تطلب شباباً وبنات موهوبين فى الغناء والتمثيل والذى منه، وتقبض منهم أموالا تحت مسميات مختلفة، ثم يكتشفون أنها عمليات نصب فى نصب. والمصيبة أننا نترك من يشاء يعبث بعقول وأحلام الناس دون رقيب أو حسيب، فلا أحد يعنيه أن يتأكد من أن مدارس كرة القدم تعلم الأولاد بالفعل شيئا أو تساعدهم على الالتحاق بالأندية الكبرى كما يدعى أصحابها، ولا أحد يدقق فى إعلانات المسابقات الوهمية أو يحاسب النصاب فيها، والأخطر أننا أصبحنا نزرع هذه القيم الفاسدة فى نفوس أبنائنا، ونتركهم يتابعون بانبهار أبله أخبار بورصة اللاعبين فى مصر والعالم، وأخبار مشاهير الفن وتقليعاتهم وتفاصيل حياتهم الشخصية وأسفارهم وعلاقاتهم، وعلى كم حصل هذا النجم فى ذلك الفيلم، أو كم أخذت النجمة الفلانية فى المسلسل الرمضانى، بدون أن ننتبه إلى التأثير الذى يمكن أن يحدثه هذا التركيز الشديد على مثل هذه الأشياء فى نفوس النشء والمراهقين، بل وفى نفسية معظم الشعب الغلبان الذى يطفح «الكوتة» من أجل الحصول على جنيهات قليلة لا تكاد تكفيه هو وأسرته، ثم يسمع بأخبار الملايين والمليارات تتطاير من حوله ليس فقط فى أيدى مشاهير الرياضة والفن، ولكن أيضا فى أخبار الجريمة والاختلاسات والرشاوى، وكلها أشياء تزيد من حالة الحقن والاحتقان، وتنفر الناس من العمل الجاد والكد والاجتهاد وتستبعد قيمًا جميلة تربينا عليها مثل الكفاح والطموح الإيجابى، لصالح قيم أخرى فاسدة ومفسدة مثل الحظ والفهلوة والكسب السهل.