يقدم فيلم «بروكلين» الذى أخرجه جون كرولى حكاية مهاجرة أيرلندية شابة، تذهب إلى أمريكا فى الخمسينيات لكى تحقق ذاتها، وتنجح فى ذلك، إلا أن الفيلم فى حقيقته يترجم القيم الأساسية التى طالما دافعت عنها هوليوود فى أفلامها مثل أهمية العائلة، وأهمية العمل من أجل تحقيق الحلم. مشكلة الفيلم المحورية فى رأيى فى السيناريو الذى فشل فى تحقيق عنصر مهم من عناصر الدراما وهو الصراع، أو بمعنى أدق نحن أمام صراع خافت وهزيل فى النصف الأول، وغير مفهوم فى الجزء الثانى، ورغم الجمال الباذخ والموهبة الكبيرة لبطلة الفيلم ساويرس رونان، ورغم تميز أدائها فى الجزء الأول من الفيلم، إلا أنها تاهت تماما، وقدمت أداء باهتا للغاية فى الجزء الثانى، الذى تعود فيه البطلة إلى أيرلندا مسقط رأسها، وهذا «التوهان» مسؤول عنه السيناريو بالتأكيد، بالإضافة إلى المخرج. يلاحظ أيضا أن الفيلم، المأخوذ عن رواية بعنوان «بروكلين» ل»كولم تويبين» ، لم ينجح فى دمج حكاية البطلة الشابة أليش لاسى مع رجلين، وحيرتها بين وطنين، ولذلك جاءت النهاية مفاجئة، رغم أنها نهاية جيدة جدا، حفظت للفيلم بعضا من التميز القليل. «أليش ساويرس رونان» مجرد فتاة أيرلندية بسيطة تعمل فى محل بقالة مع سيدة فظة، تأتى الفرصة عندما يرسل القس فلود رسالة إلى أختها روز مؤكدا توافر عمل ل «أليش» فى نيويورك، وتحديدا فى حى بروكلين الذى يعيش فيه آلاف من الأيرلنديين المهاجرين. ترتبط أليش بعلاقة خاصة مع أختها روز وأمها، ولكنها تسافر لكى تصنع مستقبلها. منذ الرحلة بالباخرة، تبدو الأمور ميسرة للفتاة الأيرلندية، حيث تجد فتاة فى الباخرة، تمنحها ملابس لتبدو مثل أمريكية واثقة من نفسها، كما تعمل مباشرة عند وصولها إلى بروكلين، وتحتويها صاحبة الفندق، ورئيستها فى العمل، بل يوفر لها القس فلود دراسة ليلية لتكون محاسبة، ثم يحبها شاب من أصول إيطالية، وينتمى إلى عائلة جميلة، كل ذلك أضعف الصراع تماما، ولكن بعد وفاة الأخت روز فجأة، تعود أليش إلى إيرلندا، رغم زواجها من حبيبها الأمريكى / الايطالى طونى، وفى ايرلندا يحبها شاب أيرلندى يدعى جيم، لا نعرف بالضبط هل تحبه أليش، أم أنها تريد العودة لأيرلندا، والعيش مع أمها. ومع أول مشكلة تقرر أليش العودة إلى أمريكا، بل وتنصح فتاة مهاجرة فى الباخرة بالمثابرة، والتصرف كأمريكية قفزات غريبة هدفها تكريس الحلم الأمريكى، الذى يعبر عنه دخولها فى النور من بوابة مطار نيويورك فى أول الفيلم، ورغم أهمية العائلة الأيرلندية، إلا أن أليش تفضل أن تصنع عائلة أمريكية، فى أرض الفرص والمستقبل، وفى الوطن الذى جمع الأيرلندية بالإيطالى فى زيجة ناجحة، تمزج بين المحافظة والانطلاق.