لم أتصور أن يصل الأمر إلى حد استضافة المسجلين خطر والهاربين من أحكام قضائية بالبرامج الحوارية بالقنوات الفضائية ليقدموا لنا المواعظ والحكم.. وبالطبع العيب ليس عليهم ولكن على القائمين على أمر هذه القنوات الفضائية التى سمحت - أن يظهر على قنواتها كل من هب ودب - دون معايير أو ضوابط.. فقد كانت مفاجأة لم أتوقعها أن الشخص الذى استضافته إحدى هذه القنوات الفضائية - مؤخرًا - والمدعو ب «تيمور السبكى» وأهان المرأة الصعيدية وطعنها فى شرفها على الهواء هارب من تنفيذ حكم قضائى ومسجل خطر.. «يانهار أسود».. لهذه الدرجة وصلت الأمور وإلى هذا الحد وصل الحال بهذه القنوات الفضائية أن تستضيف أشخاصًا من المقاهى حتى لو كانوا سوابق ليدلوا بدلوهم فى شئوننا الحياتية ويشوهون سمعة من يشاءون ويسبون ويشتمون من يشاءون ويسمعون ألفاظًا وبذاءات وشتائم يعاقب عليها القانون والتى يرددها «أبناء الشوارع» وتدخل بيوتنا ليلوثوا عقول الشباب والنشء.. ثم نتساءل لماذا انهارت الأخلاق فى بلادنا؟.. بالتأكيد أن هذه القنوات الفضائية قد ساهمت ولها يد بطريق مباشر أو غير مباشر فى هذا الانحلال الأخلاقى وتفشى ثقافة «قلة الأدب» فى المجتمع.. فهذه النماذج التى تستضيفها هذه القنوات الفضائية كافية لنشر الفساد وقلة الأدب. والمتابع للبرامج الحوارية بهذه القنوات يحزن لما وصلنا إليه.. فمصر كلها تحولت إلى خبراء استراتيجيين ونشطاء سياسيين والفارق بينهما فى السن فقط فإذا كنت شابًا ولسانك ليس حصانك فأنت تصلح لأن تكون ناشطًا سياسيًا.. أما إذا كنت رجل «كبارة» وأحيلت للتقاعد فأنت تصلح لأن تكون خبيرًا استراتيجيا حيث تستضيفهم هذه القنوات وبرامج «التوك شو» يوميًا ليقولوا لنا كلامًا فارغًا والإفتاء فى كل شىء فيما يعنيهم وفيما لا يعنيهم.. فبمجرد أن تفتح التليفزيون إلا ويخرج عليك إما خبير استراتيجى أو ناشط سياسى.. وأهم مؤهلاتهم هو الصوت العالى وأن يكون صاحب لسان سليط ويتمتع بقلة الأدب والسفالة المنتهية.. والجديد - مؤخرًا - هو استضافة المسجلين خطر والسوابق لتكتمل منظومة «قلة الأدب». فالإعلام فى مصر «مولد وصاحبه غايب».. لا رقيب و «لايحزنون» على عمله.. والسؤال أين الدولة من هؤلاء النصابين؟.. فوصول المسجلين خطر لهذه البرامج وهذه القنوات دليل قاطع على حالة الفوضى التى يعيشها الإعلام فى مصر.. فالأمر يتطلب من الدولة سرعة إصدار قانون الإعلام الجديد لمواجهة هذه الفوضى الإعلامية قبل أن تتحول هذه القنوات إلى وكر للمجرمين والسوابق.