حسنًا ما أعلنه الرئيس السيسى- منذ أيام قليلة فى احتفالية «يوم الشباب المصرى» وإطلاق مشروع بنك المعرفة المصرى بدار الأوبرا المصرية عن إعطاء أوامره بتشكيل لجنة متخصصة لتحديث المناهج التعليمية خلال فترة لا تتعدى 3 شهور.. وهذا شىء يستحق عليه الثناء.. فقد أصاب الهدف لأن ذلك يعد البداية الصحيحة لإصلاح حال التعليم وتحجيم ظاهرة الدروس الخصوصية التى تفشت فى مجتمعنا بشكل رهيب ومخيف وكان أحد أسباب انتشارها بهذا الشكل هى المناهج العقيمة التى عفى عليها الزمن. فالمناهج الدراسية الحالية عبارة عن طلاسم وألغاز- أى والله - يصعب على التلاميذ فكها.. والمصيبة الكبرى فيها أن معظمها قائم على الحفظ والتلقين مما جعل الكثير من التلاميذ يكرهون التعليم والتعلم ويعلنون «سلسفيل أبو التعليم». فقد لمس الرئيس «وترًا» مهمًا فى العملية التعليمية ألا وهو إصلاح حال المناهج.. وليت الأمر أن تعقبه قرارات أخرى مماثلة من السيد الرئيس لاستكمال إصلاح منظومة العملية التعليمية بتشكيل لجنة أخرى من المتخصصين على غرار لجنة تحديث المناهج تبحث كيفية إعادة المدرسة لسابق عهدها بعد أن هجرها التلاميذ وأصبح وجودها «حبرًا على ورق» فقط.. لا تقدم تعليمًا «ولا يحزنون» ووجودها «زى عدمه».. تبحث كيفية إعادتها - كمؤسسة تربوية - تقدم تربية وتعليمًا وأنشطة.. وقد أصاب الرئيس - أيضًا - بإعلانه فى نفس الاحتفالية عن إطلاق دورى رياضى لممارسة الرياضة فى المدارس.. وهذا ضرورى ومهم لإعادة المدرسة الجاذبة للتلاميذ إذا كنا نريد إصلاح حال العملية التعليمية. والشىء المهم فى المرحلة القادمة هو الحرص فى انتقاء الشخص المناسب الذى يشغل وظيفة «معلم».. وفق معايير وكشف هيئة ولا يكون لكل «من هب ودب» ولا عن طريق التعيين الأعمى.. فلا ينفع أن يشغل هذه الوظيفة الحساسة - أى واحد - فإننا نريد إعادة «المعلم» - بتاع زمان - ذى الهيبة والمؤمن برسالة التعليم.. وهذه الجزئية من العناصر المهمة لإصلاح حال التعليم. أيضًا فإن الأمر يتطلب ضرورة إيجاد حلول سريعة لمشكلة الكثافة الطلابية بالفصول والتى وصلت إلى حد وجود 60 و80 وأحيانًا 120 تلميذًا فى الفصل الواحد.. «يانهار اسود».. فماذا ننتظر؟ وهل هذا تعليم؟.. الإجابة طبعًا لا تعليم ولا تربية.. فالأمر يتطلب وضع خطة لبناء المدارس الجديدة يشارك فيها رجال الأعمال وأهل الخير للتغلب على هذه المشكلة المزمنة.. كما يتطلب الأمر تغيير شكل الامتحانات لتكون قائمة على الفهم والتفكير.. وأيضا تغيير نظام القبول بالجامعات ليكون حسب الميول والرغبات عن طريق امتحان للقدرات لكل كلية.. هذه روشتة لإصلاح حال التعليم والقضاء على الدروس الخصوصية. ولكن أن نضحك على أنفسنا بقرارات لا تفيد مثل قرار منح «الضبطية القضائية» لبعض العاملين بالتعليم لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية فإنه لن ينجح فى تحجيم هذه الظاهرة دون معالجة الأسباب التى أدت إلى انتشارها وفى مقدمتها المناهج العقيمة وتكدس الفصول وغياب المدرسة ونظام الامتحانات.. فالمعلم ذاق حلاوة ملايين الجنيهات مما سيدفعه للتحايل على هذا القرار ببدائل أخرى.. «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت».