ستظل الصورة الفوضوية التى ظهر عليها مجلس النواب فى أول يومين لانعقاده ماثلة ومستقرة فى أذهان المصريين حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا! وحتى يعمل من تحت قبته على استعادة هيبته ووقاره المفترضين فى مجلس يمثل الشعب المصرى. وهو أمر لو تعلمون عظيم! فهذا المجلس قد انتظره الشعب كثيرا، وانتظرته الدولة حتى يحمل عن كاهلها جزءا من المسئولية وبعضا من التحديات، كما انتظره العالم حتى يرفع عن الدولة المصرية والشعب المصرى ما حاول البعض أن يتخذ من غيابه سندا لمهاجمة مصر، لأنها بغير مجلس نواب يمثل الشعب فهى تفتقر إذن للديمقراطية، وبالتالى غاب أهم جزء فى شكل الدولة الحديثة. بل هناك دول وشركات كبرى جمدت تعاملها الطبيعى معنا انتظارا لهذا الحدث المهم. حتى جاء المجلس على هذا الشكل الذى لم يرض أحدا حتى نوابه الذين صوتوا لوقف بث جلساته على الهواء حفاظا لما تبقى من سمعة! لكن علينا أولا هنا أن نرسى قاعدة مهمة وهى «تحمل المسئولية». بمعنى أن كل مخطئ يتحمل نتيجة خطئه، والخطأ هنا- فى رأيى- لا يقع على نواب المجلس فغالبيتهم حديث العهد بهذه التجربة، ولا يعرف أبعاد ما جرى واعتبر نفسه فى فرح بلدى أو مباراة كرة قدم عليه أن يشير إلى الكاميرا كلما اقتربت منه. لقد تابعت اليوم الأول لمجلس النواب حتى الواحدة والنصف صباحا وحتى فرز وكيلى المجلس، ورأيت السيد مسئول العلاقات العامة وحسب ما أعلن أن اسمه بركات السيد يصيح وقد أعياه الإجهاد «السادة النواب برجاء التوجه لمقاعدكم، ثم يقول: «السادة النواب لقد وقفتم كثيرا فجربوا الجلوس». ويقول أيضا «السادة النواب لقد جربتم الوقوف فلم لا تجربون الجلوس وتستريحوا»! كل هذا والسادة النواب لا يسمعون ولا يلتفتون بل يقفون فى منتصف القاعة يضعون تليفوناتهم على آذانهم، لقد اندهشت لعضوة تمسك التليفون بيد وتلوح بالعلم فى يدها الأخرى بعد منتصف الليل فمن أين أتت بهذه المقدرة! المهم من كل هذا أنه يجب أن يكون هناك جهة مسئولة عما جرى، وهذه الجهة هى نفسها التى ظلت لثلاث سنوات يستريح العاملون فيها ويحصلون على مرتباتهم، وحين جاء وقت العمل لم يكن على المستوى المطلوب، وهذه الجهة هى أمانة مجلس النواب نفسه، فقد أصبح عدد العاملين فيها مضاعفا بعد إلغاء مجلس الشورى، وبدلا من مضاعفة الجهد لوضع صيغة راقية وصورة متحضرة لمجلس عريق فى بلد عرف الحياة النيابية منذ القرن التاسع عشر، خرجت الصورة بهذا المشهد الهزلى! كما أن للسيد وزير شئون مجلس النواب المستشار مجدى العجاتى- نصيبا من المسئولية لأنه يمثل الجهة المسئولة و المشرفة على المجلس فى فترة غيابه، وكان يجب أن يطمئن تماما لترتيب الإجراءات وانضباط القواعد وتطبيقها . المهم أن الأيام القادمة ستشهد بيان الحكومة الذى يلقيه رئيس الوزراء ، وسيشهد خطاب الرئيس وهما مناسبتان مهمتان وفرصة للمجلس فى تحسين صورته بعد أن سبب إحباطا للشعب الذى انتظره.. فهل يفلح فى ذلك ؟!