جعبته لا تخلو أبدا من الحكايات والأحداث المهمة والتواريخ الفارقة والشخصيات التاريخية والمعارك الفاصلة، لقد عاش حياة حافلة ولولا تواضعه الجم لكان له شأن آخر اليوم. الكاتب الكبير عبده مباشر أحد كبار الكتاب فى مصر، قيمة صحفية تكونت عبر أحداث تاريخية وشخصيات كثيرة عاصرها، والأستاذ عبده مباشر أطال الله فى عمره حين تستمع إلى حكاياته وهو أحد كبار الحكائين فى مصر لا تملك إلا أن تستمع وتنصت لتدفق هذه الحكايات والأحداث خاصة إذا كنت وطنيا من محبى مصر وتاريخها، فتجد نهرا لا ينضب وثروة هائلة ووطنية حقيقية. هو من الرعيل الأول لنجوم المراسلين الحربيين فى مصر، الذين عايشوا حروبها عن قرب بل وشاركوا فيها، فقد كان المراسل الحربى لجريدة الأهرام، وهو فوق هذا كان مشاركا فى الحروب والأحداث التى امتدت من منتصف القرن العشرين، وبحكم عمله الصحفى تنقل كثيرا وكان شاهدا على أحداث كثيرة. من هنا حين يصدر كتابا نتلقفه بكل شغف واهتمام لما نتوقعه من أحداث ووقائع جديدة تلقى الضوء على شخصيات تاريخية وفترات زمنية ربما لا نعلم عنها الكثير أو نعلم ما هو غير كافٍ حولها، بل إن معظم تلك الأحداث ربما تكون غير واضحة للكثيرين لأن النسيان قد طوى معظمها. حين أمسكت بين يدى كتابا جديدا للأستاذ عبده مباشر عنوانه «حكايات سفر» وهو صادر عن دار يسطرون للطباعة والنشر- سعدت بالكتاب جدا وقلت أخيرا ابتعد عن السياسة وهمومها وسيأخذنا فى عالم الرحلات الذى يستهوى غالبية محبى القراءة، لكنى ما لبثت أن تأكدت أنه صحبنا فى رحلة طريفة فى أول الكتاب، حيث رحلته الأولى لموانئ البحر المتوسط حين كان طالبا وكيف انتقل من نابولى إلى برلين وهى حقا مشوقة، خاصة فى تفاصيل العالم الذى تغير وأصبح عالما آخر. ثم ما لبث بعد رحلته الأولى إلى أوروبا أن توالت رحلاته فيما بعد عبر الحياة وعبر كتابه الشيق حتى يستدرجنا إلى السياسة مرة أخرى- التى فيما يبدو أنه لا يستطيع أن ينصرف عنها أو يتخلص منها ويستريح ولو قليلا- فيأخذنا إلى انجلترا وبلجراد وأندونيسيا وأفغانستان وبولندا والسعودية وليبيا، من خلال عمله الصحفى والمؤتمرات والأحداث التى شهدها. الكاتب الكبير عبده مباشر فى كتابه حكايات مسافر يتجاوز كتاب الرحلات التثقيفى أو حتى الترفيهى ليتجول فى مناطق تاريخية مهمة، ستجعل من كتابه هذا إضافة كبيرة لتاريخه وللمكتبة العربية.