طالما وجد فى هذا المجتمع مخربون لا يريدون سوى مصلحتهم الشخصية ولا يحسبون لمصلحة هذا البلد حسابا ونتركهم دون حساب أو عقاب أو حتى تعقب - فإن حال هذا البلد لن ينصلح أبدا، فقد مرت مصر مؤخرا بتجربة انتخابية جديدة عليها، فلأول مرة ينتخب برلمان بإرادة شعبية حرة، دون تدخل أو توجيه من الدولة، ودون حشود كاذبة وأرقام لا وجود لها، لأول مرة تكون الأرقام حقيقية والأحداث على الملأ والشفافية على رؤوس الأشهاد، لكن لدينا فى مصر مثل شعبى يقول: «ذيل الكلب عمره ما ينعدل» وعذرا على هذا المثل الردئ لكنها الحقيقة القبيحة، حقيقة هؤلاء الفاسين الذين أرادوا أن يستمر الفساد ويطل علينا مرة أخرى من خلال وجوه كرهنا ما تفعله بهذا البلد. لم يستطيعوا أن يكونوا محترمين وطاهرين، اشتروا وباعوا الأصوات وضربوا تحت الحزام وأفسدوا ومارسوا كل ما مورس من قبل، ولا أقول هنا أننى فوجئت فهذه كلها أمور لن تختفى من حياتنا مرة واحدة ولكنها ستختفى بالتدريج، صحيح أن هذا كان يحدث على الملأ والآن يحدث ببعض المواربة لكنه مازال يحدث، ويحدث من هؤلاء المحترفين المنحرفين، وقد رأيته بعينى رأسى فى المرحلة الثانية، وما كان السبب يخرج عن الفقر والجهل والحاجة. لكنى رأيت أيضًا صورا أخرى رائعة لمواطنين إيجابيين أرادوا أن يشاركوا بالفعل وليس بالكلام، أن يساهموا ولا يبحثوا عن شماعات يعلقون عليها سلبيتهم. ربما يكون هذا البرلمان غير محقق لكل طموحات الشعب، وربما تدخله عناصر ما كنا نتمنى أن تكون ممثلة لشعب عظيم كالشعب المصرى، لكننا لازلنا فى طور التجربة والخطأ والصواب، لكنه من المؤكد أيضا يمثل خطوة ثابتة على طريق الديمقراطية الطويل! لقد اكتمل تقريبا الشكل النهائى لأول برلمان مصرى منتخب بحرية تامة، دون أية وصاية أو ضغوط معتادة من الدولة على الشعب، لانتخابات أخذت فى رأيى شكلا تجريبيا، بمعنى أنها تتم بموجب دستور جديد فى واقع جديد لأسماء وأحزاب وتيارات ووجوه غالبيتها جديدة، لم تتدخل بها الدولة أو تكن طرفا إلا بمسئوليتها عن الأمن والحماية والتنسيق وغير ذلك، وبالتالى لم يعتد المواطن لا هذا الشكل ولا تلك الخطوات، من هنا تردد كثيرا فى المشاركة التى ربما رأها البعض غير كافية، مما أعطى الفرصة لبعض هؤلاء المنحرفين أن يحاولوا، لكنى أظن أن المرات القادمة ستكون أفضل بعد إثبات الوجوه الجديدة التى ستشارك فى الحياة البرلمانية جديتها وإخلاصها وأن الفساد يتضاءل أمام الوطنية ! لهذا علينا ألا ننزعج من الفاسدين والمنحرفين ولكن على الأقل نبين أننا نعرفهم ونعرف أنهم نجحوا بالباطل وأننا لن نعود معهم إلى الوراء !
