منذ إلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى خطابه الشهرى على الأمة، وحتى صدور المجلة للطبع اجتهد السياسيون ورؤساء الأحزاب والكتّاب فى تحليل مضمون الخطاب ومناقشة القضايا التى أوردها بالأرقام وعلى رأسها مكافحة الفساد والإرهاب وترهل الجهاز الإدارى فى الدولة ومشاريع المؤتمر الاقتصادى والعاصمة الإدارية الجديدة، والجديد فى قطاعات الكهرباء والطاقة والبترول والزراعة وتنمية القرى الأكثر فقرًا وتعمير سيناء، وأهم ما فى الخطاب - وإن كان كله مهمًا - هى تلك الإشارات والرسائل التى بعث بها الرئيس السيسى للشعب المصرى، ومعه أجهزة الدولة العاملة والمقصرة فى آن واحد.ففى إشارة ذكية وجه الرئيس الشكر لعمال مصر الذين حملوا على عاتقهم بناء هذا البلد من أيام 67 وحرب الاستنزاف وأكتوبر وحتى أيامنا تلك، كما وجه الشكر لطيارى مصر للطيران وكأنه يقول لهم: أنا معكم.. وأعرف كل صغيرة وكبيرة عنكم.. فلا تسمعوا لتلك الأصوات التى تقول: إن الرئاسة فى واد وأنتم فى واد آخر. وكأنه يرد على قنوات الفتنة التى تدعى كذبًا أن الفساد فى مصر لم يجد ما يحاسبه.. قال الرئيس السيسى فى رسالة واضحة إننا نقف للفساد بالمرصاد، والدليل بالأرقام ضبط 344 قضية رشوة واستغلال نفوذ بقيمة 3.5 مليار جنيه. وحول ما أثير من لغط مؤخرًا حول العاصمة الإدارية الجديدة بدعوى أنها للأغنياء فقط وأن الفقراء لن يكون لهم فيها نصيب أشار الرئيس السيسى إلى أنها ستستوعب مليون عامل «يشتغل» معه من 4 إلى 5 أفراد ليصل عدد العمالة المستفيدة من 4 إلى 5 ملايين عامل. وفى إشارة إلى الدول والجماعات التى تدعم الإرهاب والتى كانت تحلم، ومازالت بأن تكون أرض سيناء لغير المصريين يرد عليهم الرئيس السيسى وكأنه يقول لهم «تلك أمانيهم» فقد تم القبض على 600 عنصر إرهابى و62 تكفيريًّا بحوزتهم متفجرات وأسلحة وذخائر وضبط 122 عبوة ناسفة وغلق من 80 إلى 90% من الأنفاق. وإلى الذين يقولون من جماعة الإخوان الإرهابية وأذنابهم فى قطر وتركيا بأن قناة السويس الجديدة «شوية رمل» يرد عليهم الرئيس ويقول للمصريين: مصر إلى الأمام، وانتبهوا لما يحاك لكم، وأن قناة السويس ستنفتح فى موعدها، وقد تمت دعوة كثير من رؤساء الدول لحضور حفل الافتتاح، وأنه يعمل بها 1000 شركة وطنية وأن 90% من العاملين فيها من أبناء سيناء، وقد تم الانتهاء من 100% من الحفر الجاف، و65% من أعمال التكريك بمعدل 1.7 مليون متر مكعب يوميًا وهى نسبة لم تحدث فى التاريخ من قبل. وفى إشارة ذكية إلى النخبة الذين يحاولون الوقيعة بين الرئيس وشعبه من الفقراء فى قرى الصعيد والوادى يقول لهم نحن هنا.. لن نتخلى عن الفقراء ومحدودى الدخل، فقد تقرر تطوير 1153 قرية أكثر احتياجًا حتى 2018، وقد تم الانتهاء من 20 قرية فى الصعيد، وخلال 4 أشهر سيتم الانتهاء من 100 أخرى مع العلم بأن تكلفة تنمية القرية يصل من 40 إلى 50 مليونًا. وفى إشارة إلى الشعب، وخاصة الذين يعانون الحاجة وقلة الدخل وارتفاع الأسعار يقول لهم: سيتم توزيع 10 آلاف رأس ماشية على المحتاجين منكم، وتجهيز 500 سيارة متنقلة للحد من ارتفاع الأسعار وتشغيل الشباب فى المحافظات، وافتتاح مزارع للاستزراع السمكى فى أحواض ترسيب قناة السويس الجديدة، وتسليم 70 ألف وحدة سكنية لمتوسطى الدخل والانتهاء من 174 ألف وحدة فى ديسمبر القادم بإجمالى 25مليار جنيه وتطوير 25 ألف منفذ لتوزيع السلع الغذائية تحت رقابة وزارة التموين استعدادًا لشهر رمضان الكريم. ومع أنه أشار إلى دور القوات المسلحة الرائد فى مواجهة الإرهاب على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية فإنه بعث برسالة عتاب إلى الأزهر عندما قال صراحة إن مؤسسة الأزهر تبذل مجهودًا لتجديد الخطاب الدينى ومحاربة الفكر المتطرف، ولكن الجهد المبذول «مش كفاية» ويجب أن تتحرك بسرعة وفاعلية. وعن استصلاح المليون فدان قال الرئيس: إن التعاقدات التى كانت تتم بين الدولة والمستثمرين فى قطاع استصلاح الأراضى لم تكن مرضية حيث تبين أنه لم ينفذ إلا سدس هذه التعاقدات.. وهذا مما ضاعف المشكلة الآن ننظر إلى الاستصلاح بنظرة جديدة وهى خلق مجتمع عمرانى جديد ومتكامل، حتى لا يكون المزارع فى عزلة.. الآن يتم استصلاح الأرض، وحفر الآبار، وإقامة البنية التحتية من شبكة طرق وكهرباء ومياه، ومبان وأسواق ومصانع للتسويق والتغليف.. وبدلا من القول الريف الأمريكى أو البريطانى تقول الريف المصرى.. ولا يوجد شىء اسمه مستحيل، والمليون فدان تحتاج 4000 بئر.. وفى نهاية العام نكون قد انتهينا من 1000 بئر وقد بدأنا التجربة فى الفرافرة الجديدة باستصلاح 10 آلاف فدان، وحفر الآبار اللازمة لها لتعميم التجربة على المليون فدان الأولى، وبعدها نتحرك فى المليون فدان الثانية. وإلى أعداء الوطن الذين يقولون إن الكهرباء ستنقطع ليل نهار، وأن الصيف القادم سيكون أسوأ من الماضى فقد بعث لهم الرئيس السيسى برسالة كاشفة وكأنه يقول: موتوا بغيظكم، فقد نجح قطاع البترول بتوقيع أكثر من 56اتفاقية لتكرير البترول، والتنقيب عن الغاز، باستثمارات أكثر من 30 مليار دولار.. ولم يفصح الرئيس السيسى عن تلك المشاريع والنجاحات قائلا صراحة: «إن فيه ناس أهل شر إذا دلتهم على الخير توجهوا للشر» فى إشارة لجماعة الإخوان الإرهابية وأخواتها من جماعات أنصار بيت المقدس، وأجناد مصر، وميليشيات العقاب الثورى، والمقاومة الشعبية الإخوانية التى تقوم بتفجير أبراج الكهرباء والغاز. وفى خطاب المصارحة لم يقل الرئيس «إن كله تمام» بل اعترف أنه لم يتم تنفيذ إلا 47% من المستهدف من شبكة الطرق.. وفى تحد قال سيتم الانتهاء من ال 3200 كيلومتر قبل نهاية العام وعلى رأسها ال 400 كيلومتر الخاصة بالطريق الدائرى الدولى الذى يربط 20محافظة جملة واحدة. وإلى كل الذين وقفوا ضد إرادة الشعب المصرى فى 30 يونيو وحاولوا عزل مصر أفريقيًا ودوليًا قال لهم الرئيس فى إشارة مقصودة إن مصر تستعيد مكانتها أفضل من اليوم الذى قبله، فقد تم توقيع وثيقة المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا وحضور مؤتمر القمة الأفريقى فى جنوب أفريقيا، ودعوة كل زعماء أفريقيا لحضور حفل افتتاح قناة السويس لتخرج مصر من عزلتها التى خطط لها أعداء مصر.