تابعت فصول تصريحات السيد وزير العدل السابق وتوابعها التى أدت إلى استقالته، وتعجبت لهذا الترصد الغريب الذى أصبح أحد السمات المسيئة لهذا المجتمع، وما بات عليه حال طباعنا، وتذكرت أن السبعينيات قد شهدت فيلما مهما اسمه «انتبهوا أيها السادة « والفيلم كله يدور عن انحطاط حال العلماء و أساتذة الجامعات وارتفاع شأن الطبقات الهامشية التى مثلها «الزبال» ولم يتهم أحد كاتبه الأستاذ أحمد عبد الوهاب بإهانة قطاع جامعى القمامة!. من قبلها حينما أبدع كاتبنا العظيم الراحل نجيب محفوظ ثلاثيته الرائعة بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، كان أحد شخوصه فؤاد حمزاوى وكيل النائب العام ابنًا لعامل بسيط فى محل السيد احمد عبدالجواد بطل الثلاثية، لكنه حين رسم تلك الشخصية رسمها شخصية دونية متعالية متبرئة من أصولها، ولست أدرى إن كان استعلاؤه على الرجل الذى كان له الفضل فى مساعدة والده -وهو السيد أحمد عبدالجواد- فى ضعفه وكبره ومرضه.. هو أمر متعمد من كاتبنا الكبير أم هى حتمية درامية؟، أيًا كان السبب فان الدنيا لم تقم أو تقعد لما كتبه الأستاذ نجيب محفوظ، ولم يتهمه أحد بالإساءة إلى أبناء الفقراء حين يتولون مناصب حساسة أو الاعتداء على حق المواطن وغيرها من الشعارات الجوفاء التى تستخدم فى غير محلها فى أيامنا هذه التى نسن فيها السكاكين بمناسبة وبغير مناسبة وبسبب أو بدون سوى هذا الفراغ الذى يملأ حياتنا، والذى جعل وسائلنا الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعى تأتى فى توافه الأمور وتتصدر، أقول هذا بعد أن استمعت جيدا لما قاله السيد وزير العدل المستقيل المستشار محفوظ صابر، أولا: الرجل لم يتبرع بضرب المثال بعامل النظافة لكن مقدم البرنامج هو من حدد له هذه المهنة تحديدا، لكن كان من الواضح أن الوزير غير سياسى لأنه لم يراوغ و«يروح ويجئ» حول السؤال حتى يمل مقدم البرنامج فينتقل إلى سؤال آخر، بل هو أبدى احتراما لهذه المهنة بل ولما هو أقل منها، بل إنه ذكر أن المطلوب هو الوسط حتى بالنسبة للأثرياء. ثانيا: لم نسمع أصوات الباكين على حقوق عمال النظافة حين رصد الإخوان زبانيتهم ودبروا مؤامرة لإدخال عناصرهم إلى النيابة العامة والقضاء!. ثالثا: ما كل هذا العداء المغلف بأقوال ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فهناك حالة غريبة من الترصد يتبعها ذبح منظم، حتى يتم القضاء على الشخص المطلوب ثم يتم البحث عن جديد. ثم ما هذا الاستعلاء الغريب من جانب الإعلام بأنه يستطيع إقالة أى مسئول، والذى يقابله ضعف وتهاون من الحكومة التى تضحى بأى عضو فيها -فى وقت يصعب من الأصل وجود من يقبل القيام بهذا العمل الشاق- كان من الممكن التوضيح والتفسير والاعتذار إذا تطلب الأمر. ولكن ما كل هذا التهييج والإشعال.. لقد رحل الرجل وترك منصبه.. ولكن من المؤكد أن هذه الوسيلة ستستمر وستأتى أكلها طالما استمرت حياتنا على هذا المنوال.