يتجه العالم نحو نقص «الشيكولاتة» وبعد خمس سنوات يمكن أن تظهر الطوابير الباحثة عن قطعة منها تشبه طوابير الخبز فى بلادنا حاليًا، ويمكن أن تظهر الكروت الذكية لتوزيع الشيكولاتة فى المولات ومحلات الخردوات والأكشاك، فقد ذكرت مجلة «تايم» الأمريكية أنه مع تزايد السكان فى العالم يتزايد الاستهلاك من الكاكاو وأكثر من قدرة المزارعين على الإنتاج، وأشارت المجلة فى تقرير على موقعها الإلكترونى إلى أن اثنين من أكبر صُنّاع الشيكولاتة فى العالم قالوا إنه من المتوقع حدوث نقص عالمى فى هذه السلعة اللذيذة المحببة عند الصغار والكبار، وذكرت شركة سويسرية عملاقة لصناعة الشيكولاتة أنه من المرجح أن يفوق الطلب على الشيكولاتة الإنتاج بواقع مليون طن بحلول عام 2020. والشيكولاتة هى أبرز ملامح تكريم الموسيقار النمساوى العالمى «موتسارت» فمنذ عام 1920 يقام فى بلده ومسقط رأسه مدينة سالزبورج النمساوية مهرجان سنوى فى شهر أغسطس رغم أن ميلاده فى يناير (1756) ورحيله ديسمبر (1791)، وتباع تذاكر هذا المهرجان بأثمان باهظة ويحضره كل عام ما يقرب من 240 ألف زائر، ومن الصعب الحصول على غرفة فى فندق ومن المستحيل أن تجد موضع قدم خاصة فى الفندق الذى يحمل اسمه والذى يقع على بُعد ما يقرب من مائة متر من مقر منزله، والمهرجان يقيم حفلات صباحية وأخرى مسائية يحييها أعضاء وتلاميذ معهد موتسارت وتتخصص فى تقديم أعمال الموسيقار العالمى بأسلوب خاص هو أسلوب سالزبورج التقليدى، وكثيرًا ما تعزف فيه أعمال من تأليفه تعرض لأول مرة أو أنها غير شائعة، أما أكاديمية موتسارت الموسيقية بسالزبورج فتقدم خلال المهرجان دراسات صيفية عالمية يدعى لسماعها أساتذة الموسيقى فى العالم بالإضافة إلى ما يلقونه من محاضرات فى التخصصات الموسيقية المختلفة، أما طلبة هذه الأكاديمية فيتم اختيارهم من النابغين من شباب العالم فى مجال الموسيقى. فى مهرجان موتسارت تتحول مدينة سالزبورج إلى مولد وصاحبه موجود، فالشوارع مزدانة بأشكال كرنفالية بالإضاءة المبهجة، وكل الفنادق والمؤسسات تتسابق فى تعليق على واجهاتها ما يرمز للترحيب بالمناسبة.. أما بلدية سالزبورج فتتفنن فى طبع صور موتسارت على الأشياء الصغيرة التى يستعملها الزائر كثيرًا مثل علب الكبريت والميداليات وغيرها. وتبقى شيكولاتة موتسارت أبرز ملامح هذا المهرجان الكبير وأبرز ملامح الأسواق فى سالزبورج ومدينة فيينا عاصمة البلاد وهى الهدية الفاخرة التى تستحق حملها من بلده لمذاقها وشكلها ومعناها، توصل إليها بول فورست الذى كان مشرفًا على أعمال موتسارت بعد مائة عام من رحيله وهى عبارة عن مكسرات مكورة مغموسة فى النوجا مغلفة بورق مفضض تزين كل واحدة منها صورة مرسومة بالألوان لموتسارت ومعبأة فى علب لها أشكال طريفة منها شكل آلة الكمان، والعلب ثمانية الأضلاع وغيرها، كانت تصنع يدويًا، فلما زاد الإقبال عليها تولى عملية إنتاجها أحد المصانع الكبرى فى سالزبورج إلى جانب الإنتاج اليدوى. تخطت شهرة شيكولاتة موتسارت حدود سالزبورج والنمسا عندما قدم بعضا منها رائد الفضاء النمساوى فرانز فيبوك لزملائه من رواد الفضاء فاستحسنوها وتخاطفوها من بعضهم البعض، وفى جلسة للاتحاد الأوروبى تم توزيعها على الأعضاء الحاضرين فأعجبتهم وبذلك اكتسبت صفة العالمية وأقبلت الدول على شرائها فاضطر المصنع الخاص بإنتاجها أن يركز فى صناعتها آليًا ليتوقف الإنتاج اليدوى ليسد الطلب الذى يزداد عليها يومًا بعد يوم.. حتى أصبح من يزور النمسا ولم يتذوق شيكولاتة موتسارت لم يزرها. ماذا تفعل سالزبورج بعد خمس سنوات، فإذا كان نقص الكاكاو يمكن أن تقابله المصانع السويسرية الكبرى بالبحث عن بديل له فى صناعة الشيكولاتة، مع أن الشيكولاتة تعنى الكاكاو، فماذا تفعل سالزبورج فى هذه المشكلة الكبيرة، ذلك بأنها تنتج سلعة ليست من أجل التجارة.. إنما هى تكريم واحتفال بسيد المؤلفين الموسيقيين فى العالم موتسارت، فهل سيقف زوار مهرجانه طوابير للحصول على عدة جرامات من شيكولاتة موتسارت؟! أم يستخرج كل زائر لهم كارتا ذكيًا يضمن له نصيبًا من هذه السلعة المهددة بالاختفاء، يتسلمه مع فيزا الدخول للنمسا؟ ثم إن كثيرًا من الناس يساوون بين الشيكولاتة والخبز فى أهميتها بالنسبة لهم والاحتياج إليها والتعود عليها.