لم أتوقع أن تشمل رحلتى لقاء هذه المرأة الحديدية المبدعة نعم إنها فى قمة الحيوية والنشاط والذكاء رغم إنها قاربت الستين من العمر.. وفى العالم المتقدم يعتبرون هذه السن بداية لمرحلة جديدة أكثر إلهامًا وتفوقًا!! إنها السيدة «لوساباتير» المديرة التنفيذية لمجموعة «ميديا دى سى» الإعلامية. المفاجأة الثانية إننى وجدت السيدة «ساباتير» فى استقبالى بموقع «مجلة أكتوبر» على الانترنت حيث فتحت الموقع على شاشة الكمبيوتر العريضة وتجلى فيها اسم «أكتوبر».. هنا فى العاصمة الأمريكيةواشنطن.. فشعرت بسعادة غامرة لأن هناك من يتابعنا وينتظرنا فى عاصمة أقوى دول العالم! ولعلم قارئ أكتوبر العزيز.. فإن مراجعة إحصاءات موقعنا الإلكترونى تشير إلى أن أغلب زواره ومريديه هم من الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وهم أيضًا من العرب والمسلمين المقيمين هناك.. ربما إحساسًا منهم بتوازن وموضوعية المجلة العريقة فى تغطية قضايا أمتها ووطنها. الملاحظة الرابعة.. والأهم رأيتها عندما دخلت مكتب السيدة ساباتير وشاهدت تلك العبارة القوية الموحية «لا.. للاستسلام»! أو «Never Give Up» وربما هذه هى المرة الأولى التى أقرأ فيها هذا الشعار لدى أى مسئول أو غير مسئول قمت بزيارته. وللأمانة أيضًا فهذا الشعار هو اسم لحساب على الفيس بوك يعبر عن ذات المعنى «لا تستسلم» أو «dont give up» وعدم الاستسلام ليس مجرد شعار بل هو صفة النساء الأقوياء.. والرجال الأشداء. وقد تيقنت على مدى ساعة ونصف الساعة من الحوار مع هذه المرأة إنها جديرة بكل الاحترام والتقدير.. بعلمها وعملها وارادتها القوية التى لا تُقهر.. رغم العقود الطويلة التى مرت عليها.. فزادتها خبرة وحنكة وصلابة ونحن نستعرض هنا بعض أهم نقاط الحوار الطويل الذى تركز على الجوانب المهنية والإعلامية والصحفية والإلكترونية خاصة. ** هل تسمحين لنا بالتقاط صورة وفى الخلفية موقع أكتوبر؟ فنحن نتطلع للحديث عن قضية مهمة للغاية وهى الأزمة التى تعيشها الصحافة الورقية وما الذى دفع بها وبنا نحن فى أكتوبر إلى هذا المأزق وما هو حلها؟ ومجلة نيوزويك (التى عرضنا تفاصيلها الأسبوع الماضى) هى نموذج يجسَّد تلك القضية حيث توقفت طباعة نسختها الورقية وأصبحت مجلة إلكترونية ثم عادت إلى حلتها الورقية. * من المهم للغاية بالنسبة لى أن أتعرف على طبيعة قراء المجلة.. وما هى المرحلة العمرية التى تستهدفها. ** هم من نخبة المجتمع وقادة الرأى من الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 30 إلى أكثر من 60. * أى أنه نطاق عمرى واسع، فهل يدفعون مقابلا مادياً؟ ** نعم يدفعون مقابل شراء المجلة الورقية ولكنهم لا يدفعون اشتراكا شهريا للموقع. * ما هو عدد المشتركين لديكم وهل انخفض عددهم؟ ** بالطبع لأننا نواجه مشكلة اقتصادية فى مصر، هى سياسية فى المقام الأول ولكنها تؤثر على سائر القطاعات وليس الإعلام فقط وصراحة لقد تأثرنا جميعا بهذا الوضع حتى مجلتنا أصابتها سهام الأزمة،لكننا على الرغم من ذلك ما زلنا نحتفظ بموقعنا بين المجلات السياسية محليًا وإقليميًا حيث نحظى بسمعة طيبة. * وما هو أعلى رقم وصل له توزيع أكتوبر؟ ** أعتقد أكثر من 180 ألفاً خلال فترتها الأولى على يد مؤسسها الراحل الكبير الأستاذ أنيس منصور، لكن هذا كان من وقت بعيد عند انطلاقتها الأولى، فهناك تاريخ عريق يتعلقً بقصة إنشائها لأن الرئيس الراحل أنور السادات والكاتب الكبير الراحل أنيس منصور جعلاها فى مركز الريادة الصحفية آنذاك وكان الرئيس السادات شخصيًا يكتب فى المجلة وكان له مقال فى أول عدد لها. * هل تقبلون الإعلانات فى مجلتكم؟ ** نعم. * دعنى أمهد لك الأمر قدر استطاعتى بخلفية حيث عملت لعشرين عامًا مستشارة للناشرين، لذلك واجهت وتعاملت مع المئات والمئات من المواقف والأوضاع فى تلك الشركات ما منحنى خبرة فى هذا المضمار وتوصلت إلى نتيجة أن الصحافة المطبوعة فى الولاياتالمتحدة سواء كانت سياسية أو ثقافية أو تتناول أمورًا حياتية عامة لا تتعرض للاندثار، ولكن يطرأ عليها بعض التغيرات. ونرد على مروجى مقولة «أن الصحافة الورقية قد ماتت» بأنها لم تمت ولكنها لم تعد تحتل المكانة والأهمية التى كانت تشغلها سابقًا. فلا يزال العديد من الناشرين، وخاصة العاملين فى المجال السياسي، يلعبون دورًا مهما ولكنه ليس رياديًا ضمن القنوات الإعلامية. ويواجه بعض الناشرين فى الولاياتالمتحدةالأمريكية عقبات شديدة الصعوبة لأنهم لا يوظفون أهدافهم فى أعمالهم التجارية لتوافق احتياجات المتلقى أو المستهلك للقنوات الإعلامية، لذلك يبحث العديد من الناشرين فى مجال الطباعة عن الدعم المالى وينتهى المطاف بهؤلاء الناشرين باعتزال المجال أو تتوقف أعمالهم عن تحقيق الأرباح ويقومون بتسيير مؤسساتهم للحفاظ على بقائها واستمرارها فقط دون أن يحققوا أيه أرباح. والناشر الذى ينجح فى مواكبة تلك المتغيرات هو الذى يتمتع برؤية شاملة، حيث ينظر إلى النسخة الورقية وكذلك الموقع الإلكترونى باعتبارهما وسيلتين ضمن وسائل متعددة بدءًا من الموبايل والتبلت والكتب الإلكترونية، أى أن يقوم بتنويع مصادرة ووسائله. وربما تكون أنت على دراية بتلك الحقيقة أنه يمكن لمؤسستكم أن تظل قائمة من خلال أدائها الاقتصادى حينها يمكن أن يكون لديها 50 أو 70 ألف مشترك إذا ما وضعنا فى اعتبارنا التكلفة المادية لإصدار الاعداد. لأن الأمر برمته متعلق بتغيير النموذج الاقتصادى الذى تتبعه، لأنه يتعين عليك فى الصحافة الورقية أن تحسب تكلفة الإنتاج والتوزيع وهذا الأمر لا ينطبق ليس فقط على الموقع الإلكترونى ولكن على وسائل أخرى مثل صحافة الهواتف المحمولة أو الكتب الالكترونية أو البودكاست (هو سلسلة وسائط متعددة صوتية أو مرئية) هذه وسيلة مهمة للغاية وأعنى به تسجيل المقالات صوتيُا، وتزداد أهميته يومًا بعد. وقد كانت لدينا احدى المطبوعات التى لم تطبق النظام الصوتى من قبل وقرر المحرر أن يقوم بتسجيل مقالاته صوتيُا فقام خمسة ملايين شخص بتحميل مقالاته بعد عام و لديهم فقط 100ألف مشترك وكان التحميل خلال العام الأول مجانًا ولكنهم سيبدأون فى فرض اشتراك مقابل خدمة تحميل المقالات، ما أريد قوله هو أن الناشرين لا يتبعون وسائل مشابهة لجنى الأرباح، البعض يحقق أرباحًا من خلال الموقع الإلكترونى عن طريق استضافة الفعاليات، فكافة مؤسسات النشر السياسية هنا فى واشنطن بالتحديد تحقق أرباحها عن طريق تلك الوسائط. ** كان لدينا مشروع هدفه استضافة فعاليات رياضية وترفيهية. * نحن نقدم هنا بعض الخدمات التسويقية ونتعامل مع شركات ومنظمات ليس لديها أى خبرة فى التعامل مع الجماهير ونقوم نحن بدور حلقة الوصل بينهما وأحيانًا يتعلق الحدث بمواضيع سياسية أو ثقافية أو ترفيهية، وربما تكون المجموعة صغيرة فى بعض الأحيان تتكون من عشرة أفراد فقط، ويقوم أحدهم فى بعض الأحيان بدفع مقابل مالى لنا لاستضافة تلك الفعالية، ويكون دورنا حينها مشابهًا لدور الوكالات الإعلانية، وبهذا نكون نموذجًا يوفر كافة الخدمات، لذا نحن نقوم بنشر الإصدارات وتقديم خبرتنا فى النشر ونساعد الناشرين على مواجهة الركود الذى تشهده الصحافة الورقية. هل هذا يحدث فى مصر أيضًا؟ ** نعم بدأنا فى تطبيق بعضها، ولكن الوضع العام فى مصر هو مشكلة فى حد ذاته، ليس فقط فى أكتوبر، ولكن فى كافة الوسائل الإعلامية الأخرى. * ما هو الوضع الاقتصادى فى مؤسستكم؟ هل تحصل على دعم ما؟ ** نعم نحصل على الدعم من الحكومة ذاتها وهذا الدعم لا يقدم لأكتوبر وحدها ولكن لكافة وسائل الإعلام القومية، ولكن لن يستمر هذا للأبد لابد لنا أن نجد بدائل كى نستمر. * هل لديكم منافسون؟ ** نعم حوالى أربعة أو خمسة. * ما هى نقاط القوة التى تميزكم عنهم بالإضافة إلى أقدميتكم فى هذا المضمار؟ ** أضع مجلتنا كل أسبوع فى جدول وأقارنها بالمجلات الأخرى التى تنافسها وأبدأ بمقارنة موضوع الغلاف والمحتوى والأخبار والتحقيقات والريبورتاجات ونضع خطة أسبوعية لكل عدد وأريد أن أطلعك على بعض الأغلفة التى قمنا بتصميمها «الحكومة فى مأزق»..ثم أول غلاف رياضى قمنا بتصميمه منذ أكثر من ثلاثة أعوام ويدور حول المشاركة فى أكبر بطولة رياضية فى إفريقيا، قمت بتمرير هذا الغلاف فى اللحظة الأخيرة بعد أن كان الغلاف السابق يصور الاحتجاجات التى تضرب البلاد ولكننى أردت أن أرفع حجم مبيعات المجلة بهذا الغلاف وقد حقق انتشاراً جيداً. * أفهم من ذلك أنكم تقومون بتوسيع نطاق اهتمامات المجلة ليشمل أمورًا أخرى بجانب السياسة، أنا لست خبيرة فى الشأن المصرى ولكنى أتابعه بشكل يومى وأرى أن تناول مواضيع أخرى تتعلق بالرياضة وغيرها يعطى المتلقى أملًا ويزيح عن باله التوتر السياسى الذى تحياه البلاد وهذا بالطبع ليس هروبًا ولكنه استثمار ممتاز، وأعلم أن قراءك يريدون الإطلاع على التطورات السياسية ** وبهذا نحاول أن نوسع قاعدة متابعينا، فقد قمنا بإصدار ملحق عن السيارات يقع فى 16 صفحة ملونة وهو أول ملحق ننشره منذ فترة بعيدة وقد حقق لنا بعض الأرباح ولكننى أحدثك بصراحة أن الأوضاع المحيطة بنا محبطة للغاية. * إلى أى مدى تسمحون لقرائكم بالتعليق على موضوعاتكم؟ ** نعم لدينا صفحة فى أكتوبر مخصصة للقراء يكتبون بها ولدينا أيضًا صفحة على الفيس بوك ولكننا لم ننشئ بعد حسابًا على تويتر، كما أننى أعددت مشروعًا كاملًا لإطلاق بوابة إلكترونية جديدة ولكنها تحتاج الكثير من المال وهى مشكلة أخرى،ولقد أنشئ الموقع الحالى عام 2002 وأشاد به رئيس تحرير البى بى سى وقتها وقال إنه أفضل موقع لمجلة عربية إلكترونية ولكن علينا أن نعترف الآن أنه قد عفى عليها الزمن لذلك قمنا بإعداد مشروع جديد والأمر كله متوقف على التمويل. * وما هو دور الحكومة من ذلك؟ ** لقد قابلت وكالة إعلانية رغم أن لدينا قسمًا للإعلانات فى المجلة ولكننا لم نبدأ بتطبيقه على أرض الواقع ونأمل أن يسعفنا الوقت لتطبيقه. * متى كانت آخر مرة قمتم فيها بتغيير تصميم المجلة؟ ** بالنسبة للتصميم لدينا لجنة مكونة من مديرى التحرير والمصممين مخصصة لغلاف المجلة، وقمت بإدخال نظام جديد بإضافة أربعة مصممين شباب لهذه اللجنة وقام أحدهم بتصميم غلاف رائع. لقد خلق هذا النظام نوعًا من التنافس بين المصممين، فالكل يحاول تقديم أفضل ما لديه ثم نقوم جميعًا فى النهاية باتخاذ القرار عن طريق التصويت حيث نقوم كل أسبوع بإبداع ستة أو سبعة أغلفة ثم نصوت لاختيار الأفضل ورئيس التحرير لديه صوت واحد فقط ويتم تمرير الغلاف الحائز على أكبر عدد من الأصوات حتى وإن كان مغايرًا لاختيار رئيس التحرير. *** ويتواصل الحوار الممتع مع المرأة الحديدية الأسبوع القادم بمشيئة الله.