كلف مؤتمر القمة العربية الأخير بدولة الكويت رؤساء البنوك المركزية العربية بإنشاء منطقة استثمار عربية، وكان هذا القرار بداية لتجمع عربى اقتصادى يكون نواة لإنشاء سوق عربية مشتركة، تكون إحدى خطوات التعاون والتكامل الاقتصادى العربى.. «أكتوبر» التقت نخبة من خبراء الاقتصاد للحديث حول هذا الموضوع الذى سيؤدى إلى طفرة اقتصادية فى بلدان عربية عدة لو تم تطبيقه. فى البداية يقول د. أحمد سامى الخبير الاقتصادى إن التكامل العربى يحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل والأمر لا يتعلق بمؤتمرات أو توصيات تتكرر كل مرة ولا تجد طريقها إلى النور فالسوق العربية المشتركة لم يتم تفعيلها كما كنا نتوقع، مشيرًا إلى أن التوافق السياسى هو الهدف فى هذه المرحلة وهو الجسر لأى تعاون اقتصادى.. مضيفًا: نتمنى أن يتم الاتفاق فى الرؤى السياسية أولاً قبل أن يتم الإعلان عن سياسات اقتصادية تظل حبرًا على ورق دون أن يتم تفعيلها على أرض الواقع. ويرى د. حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقًا أنه من الضرورى أن يتم التنسيق ما بين البنوك العربية لتمويل المشروعات الاقتصادية الكبرى ويجب أيضًا أن تعمل السياسات الاقتصادية على دفع وتنشيط التجارة البينية وخلق سياسات اقتصادية موحدة. مشيرًا إلى ضرورة قيام البنوك المركزية فى البلدان العربية بتسهيل بعض الإجراءات كتسوية المدفوعات وخطابات الضمان وإجراءات أخرى عديدة تعمل على تسهيل التعاون الاقتصادى. مؤكدًا أن تأسيس صندوق للنقد العربى أمر مهم جدًا لتسهيل تمويل المشروعات العملاقة والتى ستؤدى إلى نقلة كبيرة ببعض الدول العربية وتطويرها. وأوضح أن العملة الأوروبية الموحدة كانت ثمرة التكامل الاقتصادى سواء بإزالة الجمارك أو توحيد السياسات الزراعية والصناعية والتجارية ثم إنشاء بنك مركزى أوروبى موحد، تلى ذلك إصدار عملة حسابية موحدة إلى جانب العملات المحلية وبعد ستة أشهر تم إلغاء هذه العملات فيما عدا الأسترلينى وعلى الرغم من أن تطبيق هذه الفكرة على الصعيد العربى صعبة وتتطلب جهدًا كبيرًا إلا أن المفوضية المصرفية العربية ستكون خطوة جادة فى طريق التكامل العربى ونتمنى أن تبدأ الخطوات التنفيذية والإجرائية لتفعيل ذلك التعاون. خطوة فى الطريق وتؤكد د. بسنت فهمى الخبيرة المصرفية أن إنشاء مفوضية مصرفية عربية خطوة جيدة فى طريق التعاون الاقتصادى العربى وتفعيل «السوق العربية المشتركة»، مشيرة إلى أنه من الممكن أن يتم خلال السنوات القادمة الوصول إلى وحدة نقدية كتفعيل لهذا التعاون العربى الاقتصادى. وأضافت أن الاتحاد الأوروبى نموذج جاد للوحدة الاقتصادية مؤكدة أنه ليس من الضرورى أن يتم إصدار عملة عربية موحدة خاصة وأن التعاملات العالمية فى التصدير والاستيراد تتم بالدولار ولن يكون لهذا العملة دور فى التعاملات الاقتصادية العالمية لأن الدول العربية تعد فى الأساس دول مستهلكة تقوم بالاستيراد أكثر من التصدير، والأمر يتطلب دراسة قبل أن يتم اعتماد عملة عربية موحدة خاصة.. مشيرة إلى أن المهم أن تزيد مساحة التعاون العربى وهو ما يجب أن يكون الهدف الرئيسى للمفوضية العربية المصرفية وأن ينتج عن هذا التعاون إنشاء صندوق نقد عربى ويكون من شأنه تقديم مساعدات تساهم فى إنشاء مشاريع عربية ضخمة واستثمارات عربية كبرى تعود بالصالح على الوطن العربى. بينما يرى د. نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن إنشاء المفوضية العربية المصرفية يؤدى إلى إنشاء هيئة تشريعية عربية موحدة وذلك لن يتم إلا من خلال إرادة سياسية عربية تؤدى إلى تدفق الأموال العربية لإنشاء مشاريع عربية مشتركة، وهى خطوة إيجابية لإحداث التنمية العربية.. مطالبًا محافظى البنوك المركزية العربية بالاستجابة لقرارات القمة العربية ومنها دعوة الدول العربية للالتزام والوفاء لمبادرة أمير دولة الكويت بإنشاء صندوق المشرعات المتوسطة والصغيرة عن طريق إنشاء مفوضية عربية تؤدى إلى سوق مشتركة تجمع كل الدول العربية، ثم الاتجاه إلى إنشاء السكك الحديدية فى البلاد العربية وربطها ببعضها البعض، ثم إنشاء الاتحاد الجمركى العربى فى أقرب وقت، وشدد العربى على ضرورة وضع خطط تنموية واستراتيجية للمنطقة العربية وخطه قومية للأمن الغذائى. وطالب العربى بسرعة إنجار المشروعات التى تتم فى القدس لمساعدة الشعب الفلسطينى على مقاومة الاحتلال الإسرائيلى بدعمه اقتصاديًا واجتماعيًا. مشيرًا إلى أن الوزراء العرب كلفوا الأمانة العامة للجامعة العربية بإعداد الدراسة اللازمة لإنشاء (منطقة الاستثمار العربية الحرة) وتكليف المجلس الوزارى للكهرباء بالعمل على تنفيذ مشروع الطاقة الجديدة والمتجددة فى الدول العربية، مشيدًا بالمبادرة العربية فى إطار الجامعة العربية لمساعدة الحالات الإنسانية والاجتماعية. بنك مركزى ويؤكد د. فؤاد شاكر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية أن مشروع المفوضية المصرفية العربية تأخر كثيرًا، وكان من المفترض أن ينشأ منذ زمن بعيد، لكن لابد أن يتم الإنشاء على معايير سليمة، وأن نستفيد من تجربة مفوضية المصارف الأوروبية والتى تعنى بسلامة البنوك الأوروبية، وليس الاستثمار فقط. وطالب بانضمام كافة الدول العربية لهذا الكيان الاقتصادى الجيد، مشيرًا إلى أنه يجب أن تهتم المفوضية بالتعاملات الخارجية والدولية، وأن يتم إجرار حوار مع كل ممثلى البنوك المركزية العربية، ومن المنتظر أن يكون لدينا مفوضية استثمارية عربية ذات أصول مالية ضخمة، معربًا عن أمله بأن تنشئ الدول العربية بنكًا مركزيًا عربيًا يضم كل البنوك المركزية العربية لتوحيد السياسات النقدية والقرارات الاقتصادية وإحداث تنمية وتكامل بين المناطق العربية لتنوع مواردها واحتياج كل منها للآخر.