تحتفل السينما الهندية هذا العام بمرور مائة سنة على مولدها، فقد أنتج أول فيلم هندى وهو فيلم «راجا هاريشاندرا» للمخرج «دادا صاحب فالك»عام 1913. وتقول الناقدة السينمائية والمذيعة الهندية «أنيلا دامى» فى تقرير لها نشره موقع «زا ابونيون بانيل كوميونيتى» إن السينما الهندية أصبحت ظاهرة عالمية بفضل قصص الحب الرومانسية التى ترويها أفلامها، والأبطال والبطلات اللاتى أصبحن أيقونات دخلن كل البيوت وأصبحت أسماؤهم على كل لسان، بفضل شخصيات الأشرار والأخيار، والمناظر الملونة البديعة، والأغانى والرقصات التى تتميز بها أفلام بوليوود. ولكن مع التحدى الذى تمثله هوليوود الأمريكية بأفلامها الكبيرة، وبسبب الحاجة المستمرة للتطوير والتحديث، هل بدأت السينما الهندية، وبوليوود تحديدا، تفقد الثقافة التى تمثلها أو أنها فى تقدم؟ والسينما الهندية جزء من صناعة بوليوود، ولكن كون بوليوود أكبر منتج للأفلام فى الهند، جعلها صاحبة التأثير الاقوى محليا وعالميا أيضا، على الثقافة الهندية أو غيرها من الثقافات. خلال نقاش دار أخيرا، يرى البعض أنه ينبغى حظر مشاهد القبلات فى أفلام بوليوود، فى حين يرى البعض الآخر أنها يمكن أن تمثل تقدما وضمانا لتحديث أنماط وقيم الثقافة الهندية. وفى رأيى أنه من الضرورى أن نزيل الحواجز ونتحدى الانماط والقيم السائدة إذا ما كان هذا كفيلا بتحقيق التغيير الثقافى أو تطوير المجتمع. وعلى سبيل المثال فقد قام المخرج كاران جوهر بمناقشة موضوع الشذوذ الجنسى فى فيلمه «دوستانا» Dostana. وبهذا يكون قد طرق موضوعا من الموضوعات التى كانت تعتبر من المحرمات فى الثقافة الهندية. ولكن ما الذى يمكن أن تضيفه مشاهد القبلات من قيم إلى الثقافة الهندية؟ وهل أصبح التحديث قيمة فى حد ذاتها؟ إن أكثر التعليقات شيوعا حول أفلام بوليوود الحديثة القول إنها تجعل الأسرة تشعر بالخجل والاحراج وهى تشاهد مثل هذه الأفلام. فمع اتساع تأثير هوليوود فى الهند، وظهور الكثير من الأفلام الجديدة فى بوليوود التى تمتزج فيها اللغة الهندية وغيرها من اللغات الهندية الأخرى، باللغة الانجليزية على ألسنة الممثلين، لا تؤدى هذه الأفلام إلى ظهور لغة هجينة فقط ، بل وثقافة هجينة أيضا. ولكن هل يحدث هذا على حساب القيم العميقة فى الثقافة الهندية؟ وتحكى سيدة بريطانية هندية، عشت طول عمرى فى إنجلترا، وعندما أشاهد الأفلام الهندية مع أسرتى فإننى أشعر بالحرج وأنا أتطلع إلى بعض المشاهد التى تظهر فى أفلام بوليوود. أعتقد أن مشاهد القبلات أزاحت من ثقافتنا أهم ما كان يميزها أى القيم العائلية، التى تعتبر التعبير عن المشاعر أمام الآخرين، أمرا غير جدير بالاحترام. القيمة الأخرى هى قيمة احترام الكبار وبالتحديد تصوير المشاعر العاطفية أمامهم وهو ما يعد أمرا شائنا وغير جدير بالاحترام. فالقيم العليا تقوم على الكرامة والتحكم فى النفس والطبيعة المحافظة. فى الثقافة الهندية تعتبر القبلات عموما موضوعا محرما (تابو)، أعتقد أن من الضرورى تحدى هذا التابو، لأن الأطفال يجب أن يصبحوا قادرين على الحديث مع آبائهم وعائلاتهم بصراحة حول هذا الموضوع. ولكن هل تتجه بوليوود لتحدى هذا التابو تجاه الوجهة الخطأ؟ تظهر أفلام بوليوود الممثلات ترتدين ملابس أقل حشمة وأكثر عريا كما لو كان هذا هو التحديث فى حين أنه يمكن أن يكون تسليعا للمرأة، أى استخدامًا لجسدها كسلعة لترويج الأفلام. والمشكلة أن الممثلات يمتثلن لهذا الأمر. وفى هذه الأفلام يتم التركيز على المرأة وهى ترقص مرتدية ملابس تكشف أكثر مما تحجب، بينما يحيط بها الرجال ويتطلعون إليها فى اشتهاء واضح. لم تكن الممثلة كاترينا كايف تستطيع الحديث باللغة الهندية عندما بدأت التمثيل، لكنها أصبحت الآن أيقونة بسبب موهبتها فى الرقص والغناء. هذه الرقصات لا تساهم فى تحرير النساء بل فى الترويج للأفلام. أنا شخصيا لا أمانع من قبول بعض المشاهد الجريئة. ولكن لماذا يتعين علينا تغيير وتحديث الثقافة الهندية بينما لا يوجد هناك ضرر ما من عدم تصوير مشاهد القبلات والجنس. لتبقى القبلات والجنس من الأمور الخاصة؛ لأن الناس يمارسونها على هذا النحو أى فى خصوصية، وأفلام بوليوود لا تتحدى أى أنماط ثقافية ولا تخلق تغييرا إذا ما لجأت إلى تصوير مثل هذه المشاهد. إن القائمين على الصناعة فى بوليوود يجعلون من نشاط إنسانى خاص فرجة معروضة أمام الجميع.. وهو ما لا أعتقد أنه ضروري، بل واعتقد أنه أكثر ضررا للمجتمع لأن هذه الجرأة أدت إلى إحجام الأسرة الهندية عن مشاهدة أفلام بوليوود. تعانى السينما الهندية من أجل ما تعتقد خطأ انه تحديث ولكنه أساسا، تسليع للمرأة. إن مشاهد القبلات لا تضيف أى جديد إلى قيم ثقافتنا أو تغير أيا من المعتقدات الاجتماعية السائدة، فالكثير من البشر، سواء من الهنود أو من غير الهنود، يشعرون بالحرج وهم يشاهدون هذه الافلام مع أفراد فى الأسرة من الأجيال الأكبر سنا.