بدلًا من الحرية عمت الفوضى، أما الديمقراطية فأصبحت ديمقراطية الميليشيات والصراع على المغانم والنفوذ، فقد عمت سطوة السلاح والمسلحين، وبعد تدمير الجيش الليبى والأجهزة الأمنية، تم تشكيل ميليشيات للمناطق والقبائل، أما الأمن فصار حلمًا لليبيين، الذين أصبحوا يخرجون إلى الشوارع للمطالبة به فى مظاهرات تحولت إلى حدث يومى. إن محاصرة الوزارات من جانب الميليشيات وعدم القدرة على مواجهتها، مع انعدام النظام والأمن، والتهديدات التى تتعرض لها البعثات الدبلوماسية بدأت تثير مخاوف دول العالم. وبخاصة الدول الغربية التى شاركت فى تحرير ليبيا، من أن تتحول إلى بؤرة توتر فى شمال أفريقيا تهدد أمن واستقرار المنطقة، كما تهدد جنوب القارة الأوروبية. وكانت الحكومة الليبية قد شرعت فى إنشاء ما يسمى ب «الحرس الوطنى» ككيان مواز للجيش والشرطة، لكن هذا القرار أثار الكثير من الشكوك والاتهامات المتبادلة بين أطياف المشهد السياسى الليبى. قنيدى يتهم الحكومة وكان رئيس أركان الجيش الليبى بالوكالة اللواء سالم قنيدى قد اتهم الحكومة الليبية برئاسة على زيدان بأنها لا تريد إنشاء جيش وطنى وقال قنيدى إن الحكومة تحاول تشكيل جسم مواز للجيش وهو «الحرس الوطنى». وأضاف أن الحل لتكوين الجيش الليبى يكمن فى إنشاء مجلس أعلى للدفاع فى ليبيا يتكون من ضباط وطنيين ليبيين للتخلص من كل التجاذبات الجهادية والحزبية فى البلاد. وأوضح رئيس الأركان أن «المليارات» التى يريدون بناء الجيش والشرطة الليبيتين بها لا تذهب إلى الحسابات العسكرية للجيش بل تذهب إلى حسابات خاصة غير معلومة، والجسم المشبوه - الحرس الوطنى - مثل الحرس الثورى فى النظام الليبى السابق. تراجع الحكومة من جهته أعلن رئيس الحكومة المؤقتة فى ليبيا على زيدان أن سحب قرار إنشاء جهاز الحرس الوطنى جاء لإزالة سوء الفهم بعد ما أثير حوله الكثير من اللغط. وأوضح أن فكرة إنشاء الحرس ليس وراءها أى فكر أيديولوجى ولا توجه دينى وهو هيئة نظامية حكومية تتولى حفظ الأمن خارج المدن ومعمول به فىالكثير من دول العالم. وأضاف زيدان فى مؤتمر صحفى عقده فى العاصمة طرابلس أن الحكومة حاولت تفعيل هذا المشروع والتعجيل فى إنشائه على أن تكون عملية القبول فيه على المستوى الفردى وألا يكون للعضو فيه أى انتماء سياسى، وتوكل إليه مهام حراسة خطوط النفط ومنشآت الكهرباء والمياه والمؤسسات الحيوية خارج حدود المدن. وأشار إلى أن قرار تدريب أفراد الجيش الوطنى اتخذ من أجل صالح الوطن ومن أجل أن يكون لدينا جيش محترف ومدرب تدريبًا جيدًا وقادر على القيام بدوره. وقال زيدان: إن الحكومة تعمل فى وضح النهار ودون مواربة وعندنا خطة للتدريب فى الداخل والحارج، وقد جهزت الحكومة عددًا من المعسكرات سيلتحق بها عدد كبير من المتدربين، والحكومة كل أمورها واضحة من خلال سياق الإنفاق المادى للدولة الذى يمر عبر وزارة المالية وديوان المحاسبة. ومازالت الأوضاع فى ليبيا لا تبشر بالخير، والجميع يدفع ثمن الانفلات الأمنى وسيطرة الميليشيات على مقدرات ليبيا، ويبقى الأمل الوحيد بناء جيش قوى يفرض الأمن ويحمى كافة الأراضى الليبية.