قد لا يعلم البعض أن هناك 66 عضو كنيست من غير اليهود تم انتخابهم منذ إعلان قيام دولة إسرائيل وحتى الآن، من بينهم 3 سيدات فقط. وقد جاءوا جميعًا من 31 قرية ومدينة فى كل أنحاء إسرائيل، وأن 40 منهم كانوا من المسلمين و15 من الدروز و11 من المسيحيين، وأنه منذ الكنيست الأول وحتى الكنيست التاسع تم انتخاب عرب إسرائيليين فى البرلمان الإسرائيلى إما فى إطار الحزب الشيوعى الإسرائيلى أو بواسطة أحزاب تدور فى فلك أحزاب صهيونية مثل الماباى - المعراخ. وكان العرب يسمونهم ب (نواب أحزاب السلطة) على سبيل السخرية والاستهزاء، وفى الكنيست ال 12، فى أواخر الثمانينيات وصل عدد أعضاء الكنيست من العرب «الصهاينة» إلى أدنى معدل لهم.. ثلاثة فقط، وبعد أربع سنوات تضاعف هذا الرقم ثم تراوح ما بين أربعة وخمسة، وفى الكنيست الحالى وهو الكنيست ال 18 بلغ عدد أعضاء الكنيست من العرب أعلى معدل له (17 من بين ال 120 نائبًا)، لكن أيضًا كان عدد أعضاء الكنيست العرب المنتمين إلى أحزاب صهيونية هو الأكبر، فقد وصلوا إلى سبعة أعضاء كنيست توزيعهم كالتالى: ثلاثة فى كاديماه وواحد فى حزب العمل وواحد فى حزب الاستقلال «عتسماؤت» وواحد فى الليكود وواحد فى حزب إسرائيل بيتنا الذى يتزعمه أفيجدور ليبرمان. وفى صحيفة هآرتس يتساءل د. عميد احتياط «موشيه إلعاد» وهو محاضر فى الكلية الأكاديمية بالجليل العربى وسبق له أن شغل مناصب عديدة فى الجيش الإسرائيلى، عن السبب الذى يدفع الناخب العربى أكثر وأكثر إلى الأحزاب الصهيونية، ويقول: إن إسرائيل فتحت أبواب مجلسها النيابى ليس فقط أمام «نواب السلطة» من العرب، ولكن أيضًا أمام مستشار عرفات د. أحمد الطيبى، وأمام السجين الأمنى جمال زحالقة، وأمام محامى الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحى لحماس، عبد المالك دهامشة، وأمام حنين الزعبى وعزمى بشارة اللذين يتمنيان سقوط الدولة التى ترشحوا فى برلمانها. ويضيف إلعاد أن الجمهور العربى فى إسرائيل غير راض عن مرشحيه. فهناك انتقادات كثيرة لأعضاء الكنيست العرب نظرًا لانتهازيتهم الممقوتة، حيث يقفز بعضهم من قائمة إلى أخرى دون أى اعتبار للتوجه الأيديولوجى. كما أن الناخب العربى يجد صعوبة فى التفريق بين برامج القوائم والتى تركز جميعها فى أمور لا تهم حياته اليومية. ومن ناحية أخرى، فإن عالم الفضاء الالكترونى العربى فى إسرائيل ينتمى إلى جيل الشباب الذى ينظر إلى زعمائه ويتعجب: ما الذى عاد علينا من تأييد المنظمة (الطيبى والصانع)؟ ومالنا وما لحزب «بلد» الذى يرى فى النظام السورى المجرم نموذجًا للمحاكاة؟ هؤلاء الشبان المغرمون بالمطربات العربيات الشهيرات نانسى عجرم وهيفاء وهبى لاقوا توبيخًا وتعنيفًا من الشيخ إبراهيم صرصور من الحركة الإسلامية، لأن هاتين المطربتين على حد قوله (تفسدن قيم الشباب). ومن ناحية أخرى أثار قرار الوحدة بين حزبى الليكود وإسرائيل بيتنا وما يمكن أن ينبئ عنه هذا الائتلاف اليمينى تساؤلًا مشروعًا حول مدى استعداد الأحزاب العربية للتصدى لما سوف تسفر عنه التركيبة اليمينية المتشددة والمتوقعة داخل الكنيست القادم؟ والمعروف أن العرب داخل إسرائيل أخذوا من زمن بقواعد اللعبة السياسية عن طريق مشاركتهم فى انتخابات الكنيست، بهدف الاندماج فى النظام السياسى وتغيير نظرة الدولة إلى مواطنيها من العرب بالوسائل الديمقراطية، ورغم ذلك فإن معدل مشاركة السكان العرب فى الانتخابات انخفض من حوالى 80% عام 1996 أى بعد إلغاء الحكم العسكرى إلى حوالى 54% فى عام 2009. ويرجع هذا الانخفاض فى معدل المشاركة فى الانتخابات إلى سببين رئيسيين: الأول هو عدم مشاركة الأحزاب العربية فى الائتلافات السياسية مما جعلها غير ذات تأثير فى عملية اتخاذ القرار، وأبرز مثال على ذلك هو ما حدث فى انتخابات 1999 عندما كان شعار إيهود باراك هو (دولة كل مواطنيها) وهو ما أدى إلى فوزه بحوالى 95% من مجموع الأصوات العربية، لكن النتيجة كانت أن باراك قصد من وراء ذلك دولة لكل مواطنيها فيما عدا العرب، فلم تتم دعوة أى من الأحزاب العربية عند تشكيل الحكومة. أما السبب الثانى وراء نسبة التصويت المنخفضة فيتعلق بالسكان العرب أنفسهم، فهناك شعور بالإحباط من كثرة الأحزاب العربية، ويرجع السبب فى ذلك إلى عدم الشعور بالمسئولية من قبل غالبية أعضاء الكنيست العرب، وإهمالهم للأمور الداخلية الحياتية للسكان العرب مثل تفشى الجريمة ومستوى التعليم والفقر ومصادرة الأراضى.. إلخ. وتركيز هذه الأحزاب فى برامجها على المشكلة الفلسطينية بوصفها المشكلة الأساسية. كما أن الشعور بالإحباط تجاه الأحزاب العربية ينبع أيضًا من عدم قدرة هذه الأحزاب على التوحد وتكوين كتلة عربية واحدة كبيرة قادرة على المنافسة، وكثرة هذه الأحزاب بالطبع له مضاره الكثيرة، فمن ناحية هناك ضياع أصوات من يصوتون لأحزاب لم تنجح فى اجتياز نسبة الحسم، ومن ناحية أخرى هناك عدم جدوى وانعدام فاعلية للأحزاب التى اجتازت نسبة الحسم وبقيت خارج النظام الحاكم.