مع أزمة الانتاج الدرامى التى تفاقمت بعد ثورة 25 يناير، وتوقف معها تصوير بعض الأعمال الفنية، وتم تأجيل أعمال أخرى إلى أجل غير مسمى، أصبحت العودة إلى الدراما الاقتصادية التى تقدم عددا أقل من الساعات، وتعتمد على أسماء لفنانين شباب لا يرهقون ميزانية المنتجين بأجورهم المبالغ فيها ضرورة لا مفر منها. فزمان كانت الأعمال الدرامية التليفزيونية لا تزيد على 15 حلقة لأى مسلسل، وكانت هناك سباعيات، معظمها يدور فى إطار بوليسى تشويقى، وأعمال أخرى عبارة عن حلقات منفصلة متصلة، تقدم فى كل حلقة قصة مختلفة ومستقلة بنفس الأبطال الرئيسيين، مع استضافة نجوم آخرين فى كل حلقة، وكانت هناك مسلسلات 13 حلقة، وسهرات وأفلام تليفزيونية مصورة سينمائياً، وأعمال استعراضية تراثية مثل ألف ليلة وليلة، والفوازير، وأشكال تليفزيونية أخرى تتيح للمشاهد فرصة كبيرة للتذوق والاستمتاع بمشاهدة دراما خفيفة وغير مملة. ولم تداهمنا دراما النجمة أو النجم الأوحد الذى يبتلع وحده نصف ميزانية العمل، سوى منذ سنوات قليلة، أصبحت الأعمال الدرامية فيها تقاس بالشبر. وتحول بعض مؤلفى الدراما إلى «ترزية» يفصلون أعمالاً سابقة التجهيز على مقاس نجوم ونجمات بعينهم، لفظتهم سينما الشباب الجديدة فاتجهوا إلى التليفزيون، وأصبح المسلسل يحتل عرضه الشهر كله، وخصوصاً فى رمضان. وإذا نجح تحول إلى أجزاء، حتى يمل المشاهد وينصرف الناس عنه، فيتوقف المؤلف «الترزى» عند هذا الحد، ويتحفنا بعمل ملحمى آخر، ويظل يمط ويعيد ويزيد حتى يبلغ الهدف، وينهى ال 30 حلقة على حساب جودة العمل وإيقاعه المترهل. ومؤخراً بدأت إحدى القنوات الفضائية الخليجية تنتج مسلسلات جديدة من سبع حلقات فقط، تقدم دراما رشيقة وقصصاً وحكايات مثيرة وشائقة خلال اسبوع فقط، ينتهى فيه عرض المسلسل، ويبدأ مسلسل آخر جديد بقصة مختلفة وأبطال جدد، وهو اتجاه ذكى، كان الأولى بنا ونحن نعانى من أزمة شديدة فى الانتاج الدرامى بسبب الظروف السياسية التى نمر بها منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتى الآن، أن نتبناه ونتجه إليه. ومع ذلك فالفرصة لا تزال سانحة، وعلى شركات الإنتاج الحكومية والخاصة أن تبدأ فى تغيير هذا العرف الدرامى العقيم الذى يهدد بضرب هذه الصناعة المهمة فى مقتل، إن أصر أصحابها على التعامل مع الدراما بمنطق الترزى، وقياس العمل الفنى بعدد ساعات العرض، ونتمنى أن نرى قريباً مسلسلات مصورة فى 13 حلقة، وسباعيات وسهرات تليفزيونية مثل التى كنا نشاهدها قبل ظهور عصر الفضائيات.