الرئيس السيسي يصدر قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس جامعة المنصورة يشارك في الملتقى الثالث لتوأمة الجامعات العربية بجامعة صحار العُمانية    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    وزيرة الصحة بالبحرين : منظوماتنا الصحية الرقمية تمتد حتى المستشفيات والصيدليات    التنمية المحلية: زيادة لجان البت في طلبات التصالح للتيسير على المواطنين    مجموعة ستاندرد بنك تفتتح رسميا مكتبها التمثيلي في مصر    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    ضعف المياه بالمنطقة الشمالية بحى شرق سوهاج الخميس 12 ساعة    أكثر من 1500 مبنى في غزة سُويت بالأرض رغم بنود خطة ترامب للسلام    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بنسبة مشاركة تجاوزت 55%    المصري يواصل استعداده للكونفدرالية بمعسكر بورفؤاد    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر و أوزبكستان الودية    البث المباشر لمباراة تونس Tunisia وموريتانيا Mauritania اليوم.. استعداد قوي ل«نسور قرطاج» قبل كأس أمم إفريقيا 2025    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    شوبير يحذر: أزمة مواعيد تهدد مباريات الدوري المصري    «الأرصاد» تحذر من حالة عدم استقرار تبدأ غدا ولمدة 72 ساعة    تأجيل محاكمة 25 متهما ب"خلية القطامية" لجلسة 27 يناير    غلق باب استقبال أفلام مهرجان بردية السينمائى 15 فبراير    الشركة المتحدة تنظم فعالية "ليلة في المتحف" بالتعاون مع تيك توك    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    رئيس الوزراء يرحب بتعزيز التعاون مع الهند في مجال رقمنة الخدمات الصحية    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    غنية ولذيذة.. أسهل طريقة لعمل المكرونة بينك صوص بالجبنة    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير التعليم: الإعداد لإنشاء قرابة 60 مدرسة جديدة مع مؤسسات تعليمية إيطالية    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    ترامب يطلب العفو عن نتنياهو رسميًا.. وهرتسوغ يرد: "اتبعوا الإجراءات"    عُطل فني.. مسرح الطليعة يوجه رسالة اعتذار ل جمهور عرض «كارمن»    انهيار عقار بمنطقة الجمرك في الإسكندرية دون إصابات    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 في بورصة الدواجن    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    منتخب مصر يخوض تدريباته في السادسة مساء باستاد العين استعدادا لودية أوزبكستان    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    حملات تموينية موسعة بالقليوبية تكشف مخالفات جسيمة وسلعًا غير صالحة للاستهلاك    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    للخريجين الجدد، مجلس اتحاد المهن الطبية يقرر تخفيض قيمة اشتراك مشروع العلاج    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    فيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» يكتسح شباك تذاكر السينما في 24 ساعة فقط    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    خالد سليم ينضم إلى «مناعة» أمام هند صبري | رمضان 2026    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    «أمن المنافذ»: ضبط 3182 مخالفة مرورية وتنفيذ 289 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرض المسرحي «شقة عم نجيب» عن السطحية والفهلوة
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 04 - 2018

بداية سيظل عالم نجيب محفوظ حيا، وستظل شخصياته من أكثر الشخصيات الأدبية تأثيرا في وعي القارئ العربي، حتى أن بعضها أصبح مضربا للأمثال في حياة المصريين، أمثال (سي السيد) و(محجوب عبد الدايم)، رغم قِلة أسلاف الأول وانتشار أسلاف الأخير في لحظتنا الراهنة. أنتج محفوظ شخصياته واستوحاها من وقائع الحياة المصرية، وفي صيغة إنسانية تجعلها قادرة على العيش في بيئات أخرى، تتجاوز المجتمع المصري. وبذلك يصبح التعرّض إلى مثل هذه الشخصيات، أو محاولة التواصل من خلالها في عمل فني جديد، مخاطرة واختبارا حقيقيا للوعي. وبما أننا في مرحلة الفقدان التام للوعي، فمن البساطة والسهولة استدعاء عدة شخصيات كتبها محفوظ، حتى يحمل العمل قيمة ما، ثم تلفيق حكاية تحوي هذه الشخصيات، كمحاولة لإكساب هذا العمل أهمية، خاصة أن المثقفين الرسميين حرّاس الجهل العام سيهللون بدورهم، لأنهم وصاحب العمل (المؤلف) في التلفيق سواء.
هذه المقدمة بمناسبة العرض المسرحي «شقة عم نجيب»، الذي يعرض حاليا على مسرح الغد في القاهرة، العرض أداء.. هبة توفيق (سعدية)، خضر زنون (عباس)، شريف عواد، أحمد نبيل، مروة يحيى، سلمى رضوان وريهام السيد. موسيقى ياسمين فراج، ديكور نهاد السيد. تأليف سامح مهران وإخراج جلال عثمان.
الحكاية
عباس وسعدية معقود قرانهما منذ سنوات، ويبحثان كمعظم المصريين عن شقة، ولا يملكان سوى مرتبيهما الهزيلين كفئة الموظفين، هذه الفئة المسحوقة التي لا تجد في نزهاتها المفروضة سوى أكل (الترمس) صيغة مستهلكة منذ الخمسينيات وبالمصادفة يصبح الحل من خلال قرطاس الترمس الخالي، إذ يجدا إعلانا عن شقة للإيجار في منطقة العجوزة، الشهيرة ببناياتها الراقية، وبالفعل يتوجهان إليها، ليقابلهما صاحبها الذي يدّعي أنه صاحبها وهو باشا قديم، لم يزل يعيش العهد الملكي، ويسبّ حركة يوليو 1952، وما جلبته من آفات. ويطلب منهما أن يظلا في المكان حتى يتم طرد الأشباح التي تسكنه، وتحت وطأة الحاجة يوافق عباس وزوجته. يتضح بعد ذلك أن الشقة تخص «نجيب محفوظ»، وما الأشباح التي تسكنه سوى شخصيات رواياته الشهيرة.
هذه الشخصيات التي تحاول إغواء كل من عباس وسعدية ليصبحا مثلهم، مجرد آفات اجتماعية تسعى لإفساد الآخرين. قد تبدو من بعيد الفكرة طريفة، لكن الأمر يختلف تماما عند تتابع الأحداث، من خلال الشخصيات التي تم اختيارها في نسج دراما العمل.
أشباح محفوظ
اختار النص عدة شخصيات وجدها مناسبة لتجسيد ما نحياه اليوم، حتى يتم تقديمها في عرض مسرحي وهي، بطل الثلاثية السيد أحمد عبد الجواد، وفي ظله كل من الست أمينة وزبيدة العالمة، طلبة مرزوق الإقطاعي الشهير في رواية «ميرامار»، قسمتي ونصيبي، شخصية في قصة بالاسم نفسه، ريري بطلة «السمان والخريف»، ونقيضا رواية «القاهرة الجديدة» محجوب عبد الدايم والثوري علي طه. فما بين المتسلط الذكوري قاهر المرأة، وما بين قواد كل العصور الشخصية الأقرب لروح النص والثوري الحالم، المحبوس داخل إطار صورة معلقة على الحائط، تتم محاولات جذب سعدية وعباس إلى عالم كل منهم. في البداية يستسلم عباس لأفكار سي السيد، ونظرته المتدنية لزوجته، بينما يعيش على هواه، وبالتالي يصبح عباس أشبه بالشخصيات الشبحية، ومنه ينتقص العرض كثيرا من شخصية أحمد عبد الجواد، ويحصرها فقط في ما ظهرت عليه على شاشة السينما، لا الرواية التي كتبها محفوظ، فالمؤلف بذلك سار وفق رؤية العامة ومفهومهم عن هذه الشخصية التي استقوها من السينما.
وحكاية الشخصيات الأخرى لم تبتعد عن التعامل مع عبد الجواد، فكلها أقرب شكلا ونمطا تم تشكيله من خلال السينما، ومعروف تماما لكل مَن اطلع على هذه الشخصيات في النص الروائي الفارق الشاسع بينها وبين وجودها من خلال فيلم سينمائي.
ويبدو أن الكاتب استسهل هذه الشخصيات وساعد على تنميطها، كما ترسخت في وعي المشاهد، لا القارئ. وناهيك عن عدم الترابط والإخفاق في لملمة هذه الشخصيات، من خلال حكاية متناسقة، يمكن أن يطلق عليها تأليفا، بدون حالة التلفيق الدرامي للعمل. أمينة التي تقنع (سعدية) بأن تصبح مثلها، ومحجوب الذي يغويها لتصبح فتاة ليل، أو امرأة ذكية حسب تعبيرات العصر الحديث، أو ريري التي تريد منها المواساة الدائمة، وفي الأخير علي طه، الذي يدعوها للخروج من هذه المتاهة والهرب، فالحياة خارج نطاق هؤلاء تستحق أن تعاش.
من النمط إلى الكليشيه
ومن نمطية الشخصيات التي أصبحت تعبّر عن نماذج مختلفة، تم اقتطاعها من سياقها الروائي، الذي يتمثل في تحولاتها، أو مبرراتها، وبالتالي تطور الشخصية، إلى كليشيهات وأداء فيه الكثير من المبالغة، بداية من زبيدة العالمة وصولا إلى الثوري سجين الإطار علي طه، وقد أصبح يصيح بشعارات وعبارات ثورية، ربما الكاتب كاتب النص الدرامي في واقعه يسخر منها ولا يؤمن بها، فكان الأمر يدعو إلى السخرية من ثوري الثلاثينيات ومن كلماته.
الفهلوة الإخراجية
لم يبتعد الإخراج بدوره عن محاولات التلفيق، باستعارة أسلوب في ظاهره الابتكار، لكنه مُنتحل من المسرح الغربي، ولا يتناسب مع طبيعة النص. بأن جعل العرض يتوزع على جوانب المسرح، وتتحرك مقاعد الجمهور عند تغيير الحدث من مكان لآخر، حتى بات يتوقع «اللفّة الجاية فين».
وكأن الفكرة الوحي ستنقذ وتعلي من شأن النص، وبالتالي جديرة بالدهشة والاستحسان. ومن الفهلوة الإخراجية إلى فهلوة الدعاية والتنويه في الصحف بمدى القيمة الفنية والجمالية لهذا العمل المدهش، الذي حضرته وزيرة الثقافة المصرية و«جوقتها»، التي باتت تحضر معها العروض المهمة من وجهة نظرها ونظرهم بالتبعية، خاصة أن المؤلف أحد مسؤولي الدولة الرسميين، فهو رئيس مهرجان المسرح التجريبي والمعاصر، والرئيس السابق لأكاديمية الفنون المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.