صدر حديثاً عن مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية كتاب "مراكز الاستشفاء في مصر في العصر القبطي المبكر" وهو العدد التاسع من سلسلة كراسات قبطية والتي يصدرها المركز. استعرض الباحث في الفصل الأول الذي جاء تحت عنوان "مراكز الاستشفاء في المدن والمؤسسات غير الملحقة بمبان دينية أو رهبانية بعض الامثلة على مراكز الاستشفاء غير الملحقة بمبان دينية في مصر مثل الإسكندرية، أوكسيرينخوس (البهنسا حاليا) ،تبتونيس (أم البريجات حاليا)، هرموبوليس ماجنا (الأشمونين حاليا)، هرمونثيس (أرمنت حاليا) وحلوان والفسطاط. تحدث الباحث في هذا الفصل أيضا عن مدى انتشار الحمامات العامة واستخدامها في العديد من الأغراض كالرياضة والسباحة بغرض التسلية اليومية، وقد كان الحمام الاستشفائي نوعا من أنواع العلاج، وكان يعتمد على الهواء الساخن أو البخار. وقد عثر على حمامات من هذه النوعية في تل أتريب في بنها وكوم الوسط بقرب أبي حمص. ثم تناول الباحث في الفصل الثاني والذي جاء تحت عنوان "الاستشفاء والرعاية الطبية في المؤسسات والمباني الدينية والرهبانية"، الرعاية الطبية التي تقدم في المؤسسات الرهبانية والمباني الدينية ومراكز الحج، سواء للرهبان أو لزوار المكان الباحثين عن الشفاء والبركة. وفي الفترة الانتقالية في العصر المسيحي المبكر جرى استبدال الآلهة والأرباب المصرية بالقديسين والشهداء وسرعان ما انتشرت هذه الظاهرة على نطاق واسع في القرنين الخامس والسادس. وقد ارتبط موضوع الشفاء الإعجازي بزيارة المقاصد الدينية منذ العصور القديمة وحتي يومنا هذا يتجه المرضي المسيحيون للمقاصد الدينية من أديرة وكنائس للصلاة وطلب الشفاء. وقد تحول الكثير من قاصدي الاستشفاء إلى مراكز الحج المسيحي الكبرى مثل مينوثيس حيث ذاعت شهرتها بسبب هيكل مكرس على اسم القديسيين الأخوين أباكيرويوحنا من دمنهور. وكانت أيضا منطقة أبومينا في مريوط من أكبر المدن الموجودة في مريوط فقد اتسعت شهرتها في القرنين الخامس والسادس وقد عثر على العديد من ادوات الجراحة في هذه المنطقة. وفي نيتريا والواقعة الآن في قرية البرنوج فقد كان بعض الرهبان من الأطباء يقومون علي الرعاية الطبية لباقي الرهبان كما يذكر عن كيليا انها كانت عامرة بالرهبان فيما بين القرنين الرابع والتاسع، فقد أضيف مأوى في الكنيسة للغرباء الزائرين والمرضي من الرهبان في كيليا وأيضا في نيتريا القريبة منها. وأفاد الباحث أنه ضمن البقايا الأثرية العثور في قلالي دير الملاك عثر على قلاية كان يسكنها راهب يدعي فيبامون وغالبا فقد كان هذا الراهب طبيبا. وجاء في سيرة الأنبا باخوميوس أنه قد أسس ما يمكن اعتباره مستشفى أو مستوصفا. أما في الدير الأبيض فقد توصلنا إلى نظام التمريض من كتابات الأنبا شنودة نفسه. كما عثر أيضا على مكان بدير الأنبا أرميا بسقارة. كما كان هناك رعاية لكبار السن والأطفال اللقطاء في الأديرة ورعاية المرضى بأمراض معدية والذين كانوا قد لفظهم المجتمع وقد لقي الأطفال اللقطاء الرعاية والاهتمام في الأديرة تنفيذا لوصايا الكتاب المقدس. كما ذكر أيضا أنه كان هناك تدرج للعاملين في المجال الطبي وهم كالتالي (الأطباء- الممرضات - المشرفون على الدير ووكيل أو أمين الدير).