كرم الله الانسان بمنحه هبة ربانية تعلو علي سائر خلقه وهي العقل .. وكرم الله الانسان بأن حمله رسالة السماء دونا عن الأرض والجبال.. في قوله سبحانه وتعالي: انا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا.. "سورة الأحزاب 33 - أية 72". أفلا يستحق الانسان منا ان نحترمه في آدميته وفي جسده الذي صوره الله به وأودع وديعته في هذا الجسد؟ في القرون الوسطي وفي العالم كله كان التعذيب الجسدي وسيلة من وسائل العقاب الشرعية.. ومع تنامي قيم الانسانية ألغيت تلك العقوبات.. واستبدلت بالحبس. ولكننا في مصر مازلنا نتبع بعضا من تلك الانتهاكات الجسدية علي المشتبه بهم في جرائم السرقة وجرائم الامن.. ومنبع تلك الانتهاكات يرجع الي قصور فكر رجال من المفترض انهم يقومون بحماية المجتمع.. وهم قلة قليلة وليست ظاهرة ولكنها مع قلتها تسيء الي سمعة الجهاز الرقابي والأمني كله امام المواطن المصري وامام المجتمع العالمي الذي يرانا في صحفنا واجهزة الاعلام.. وحادثة التعدي الجسدي علي مواطن مصري وعلي عائلته اثناء سفره الي احد المصايف بالبحر الاحمر في أول اغسطس هذا العام.. تعتبر حالة صارخة. يجب الا تمر دون محاسبة ورد علي من قاموا بها.. تلك الواقعة تجرنا الي فتح ملفات الأمن وطرق واساليب معالجتها للاحداث. هل من اساليب اظهار صدق أو كذب المشتبه بهم ان يهان اقرب الناس اليه امام عينيه؟ هل تلك هي العبقرية الامنية التي تفتق ذهن رجال الامن عنها لاثبات بطولة زائفة؟ بالطبع لا.. فهناك آلاف الطرق والاساليب المختلفة التي تكشف حتي النوايا.. وكذلك هناك مئات الاجهزة الالكترونية التي تظهر اي مواد ممنوعة أو مواد متفجرة يحملها أي شخص أو تكون بحوزته ضمن اغراضه الشخصية. واني اوجه تحية الي هذا المواطن وعائلته علي نشرهم تلك الواقعة .. وعدم الخجل من الظهورعلي اجهزة الاعلام.. وذكر التعدي الذي حدث بتفصيلاته البشعة.. وليحفظ الله له كرامته. يا سادة لم يبق للانسان المصري غير كرامته وعزة نفسه وكبريائه.. فنرجوكم.. حافظوا علي ما تبقي منها.