انفجرت في الأيام القليلة الماضية فضائح جديدة في وجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير شريك الرئيس الأمريكي جورج بوش في غزو العراق واحتلاله بعد أن نشرت الصحف البريطانية أجزاء من مذكرات حكومية داخلية سرية تتضمن تحذيرات من مسئولين بريطانيين رفيعي المستوي لبلير، وفي وقت مبكر جداً من أن الاستراتيجية الأمريكية في العراق تنقلب إلي فوضي كبيرة، ولكن بلير -كعادته- ضرب بها عرض الحائط واستمر ينزلق في المستنقع العراقي، علاوة علي قيام أجهزة مخابراته بإجبار عالم بيولوجيا بريطاني معروف علي استجواب تلميذته السابقة عالمة الجراثيم العراقية رحاب طه في كيان مجهول بالشرق الأوسط. وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن جون سويرز المبعوث الخاص لبلير في بغداد بعد غزو العراق في 2003 ارسل سلسلة من الرسائل السرية الي لندن في مايو ويونيو من السنة نفسها، موضحة انها حصلت علي نسخ من هذه الرسائل من مايكل غوردون الذي يشارك في تأليف كتاب عن غزو العراق. ونشرت الصحيفة مقاطع من الكتاب "كوبرا 2: خفايا قصة غزو العراق واحتلاله" الذي يشترك في تأليفه غوردون والجنرال برنار ترينور. ووصف سويرز في رسائله الادارة الامريكية التي شكلت في نهاية الحرب بقيادة الجنرال المتقاعد جاي غارنر بانها "فوضي لا تصدق". وكتب ان "غارنر وفريقه من الجنرالات المتقاعدين الذين تجاوزوا الستين من العمر نواياهم حسنة لكن الاحداث تتجاوزهم". وفي 11 مايو وجه الدبلوماسي البريطاني بعد اربعة ايام من وصوله الي العراق، رسالة الي مستشاري بلير اوضح فيها انه "لا وجود لقيادة ولا لاستراتيجية ولا لتنسيق ولا لبنية ولا امكانية للتواصل مع العراقيين العاديين". ورأي سويرز الذي يشغل حاليا منصب مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية البريطانية في رسائله ان الولاياتالمتحدة يجب ان تتحرك بسرعة لان "الوقت يمر". وعزز الجنرال البرت وايتلي الذي كان اعلي ضابط بريطاني مع الامريكيين هذه الاقوال بمذكرة ارسلها بعد اسابيع محذرا من احتمال فشل التحالف. وقال وايتلي" قد نكون انزلقنا الي المشاركة في امر سنندم عليه. هل الفشل الاستراتيجي امر يمكن حصوله؟ الجواب لا بد ان يكون ايجابيا". ورأي سويرز ووايتلي ان قرار واشنطن خفض القوات في العراق بعد الغزو كان واحدا من الاخطاء الفادحة للاحتلال. ورأي الدبلوماسي ان الفرقة الثالثة الاميركية للمشاة مسئولة الي "حد كبير عن المشكلة"، متهما جنود هذه القوة بالبقاء في آلياتهم عند قيامهم بدوريات. وأشار الي قيام الجنود الامريكيين بقصف مبني بالدبابات بعد ان تعرضوا لرشقات خفيفة من النيران لم تخلف ضحايا في حادثة وقعت تحت انظار جنود بريطانيين. ورحب سويرز بوصول بول بريمر ليحل محل غارنر علي رأس السلطة الموقتة للتحالف لكنه اكد مجددا في نهاية يونيو ان الوضع يزداد سوءا. بيد ان سويرز ووايتلي بقيا مقتنعين بقدرة بريمر علي تغيير مجري الامور. وانتقد وايتلي غارنر الذي اتهمه باظهار القليل من الاهتمام بالمرحلة التي تلت اسقاط صدام والمعروفة بالمرحلة الرابعة. وقال الجنرال البريطاني ان الامور في هذه المرحلة لم تسر كما يجب لان الاهتمام تركز سابقا علي عملية الاجتياح نفسها. وكتب وايتلي "كانت هناك قناعة عمياء بان المرحلة الرابعة ستسير كما يجب. والتوقعات المتعلقة بردة فعل ومزاج المجتمع العراقي كانت فاشلة". ولا يزال العراق مسرحا للعنف بعد مرور ثلاث سنوات تقريبا علي اسقاط صدام حسين بعد قيام قوات التحالف بقيادة الاميركيين باجتياح العراق. ومن جهة أخري كشف نائب بريطاني لصحيفة "التايمز البريطانية" ان عناصر في استخبارات بلاده جندوه ليستجوب رحاب طه عالمة الجراثيم للحصول علي معلومات عن برنامج عراقي محتمل لأسلحة الدمار الشامل قبل غزو العراق في 2003 . وقال ايان غيبسون العالم السابق والنائب حاليا عن نورويتش نورث (شرق انكلترا) للصحيفة انه ارسل الي مكان سري في الشرق الاوسط علي الارجح للقاء رحاب طه التي اعتقلت مع مسؤولي النظام العراقي ثم افرج عنها في وقت لاحق. وكان جيبسون وهو عالم في البيولوجيا يتمتع بشهرة، يدرس في بداية الثمانينات في جامعة ايست انغليا حيث تعرف علي رحاب طه التي كانت تعد دكتوراه في علم الجراثيم قبل ان تصبح خبيرة في برامج الاسلحة الجرثومية. واوضح النائب (67 عاما) ان اجهزة الاستخبارات البريطانية طلبت منه في بداية 2003 استجواب طالبته السابقة التي اجري اتصالات معها ليعرف ما اذا كانت تشارك في برنامج لتطوير اسلحة للدمار الشامل. وأضاف النائب العمالي للصحيفة ان "الامر اثار اهتمامي لانني كنت اود ان اعرف اخبارها"، موضحا "لم اعرف من كان محادثي فعليا لكنه كان رجل استخبارات بالتأكيد" ينتمي الي احد جهازي الاستخبارات الداخلي او الخارجي. واستقل غيبسون طائرة الي جهة مجهولة بحصور مسؤولين بريطانيين بينما كان آخرون ينتظرونه عند وصوله واقتادوه بسيارة الي منزل صغير. وقال "كانت رحاب هناك في غرفة تضم كرسيين وطاولة. تبادلنا المزاح وسألتها عن احوالها". وتابع انه سألها بعد ذلك ما اذا كانت تعمل في برنامج للاسلحة البيولوجية فاجابت "لا. اوقفنا كل ذلك الآن ولفترة طويلة". واكد النائب نفسه انه صدق طالبته السابقة. وعندما انجز مهمته قدم تقريره الي البريطانيين، موضحا انه يتساءل حتي الآن عن مدي فهمهم لما ورد فيه.