لا أريد أن أبدو أمام القارئ العزيز أنني الموكل بالدفاع عن قناة الجزيرة فقد كتبت عدة مقالات كان آخرها مقال الأمس تحت عنوان "الجزيرة المفتري عليها " وفي الواقع لم تكن الكتابة بقصد الدفاع عن القناة بقدر ما كانت دفاع عن المبدأ نفسه فأنا ضد المصادرة والقمع وفي نفس الوقت مع توفير كافة سبل الحماية والأمان لمصرولأمنها القومي فهذه قضية ليست محل شك ولا خلاف عليها فكلنا نعمل من أجل هذا الوطن حتي وإن إختلفنا في الطرق والوسائل ووجهات النظر ومن غير المسموح لأي جهة أيا كانت التسلل عبر الأجهزة الإعلامية الخاصة للحصول علي معلومات سرية من شأنها الإضرار بمصلحة البلاد . وأعتقد أنني كنت واضحا فيما كتبت ، فقد أشرت الي أنه في حال ثبوت تهمة التخابر أو التجسس علي قناة الجزيرة سيكون الشعب والجيش والشرطة علي قلب رجل واحد وسنطالب جميعا بطرد العملاء وإغلاق مكتب القناة بالضبة والمفتاح ، هذا في حال ثبوت التهمة ، أما إذا كانت الجهات المسئولة إستندت فيما قامت به من إجراءات عنيفة ضد القناة العربية القطرية علي ما يتردد من لغو وطنطنة فلا يحق لها الإقتحام بهذا الشكل المبالغ فيه ، وقد قرأت التقريرالذي نشرة المحرر السياسي بموقع محيط وجاء فيه علي لسان مصدر رفيع المستوي أن قناة الجزيرة لم تلتزم بما تم الإتفاق عليه من ضرورة الأخذ بالقواعد المهنية وأستمرت في تحريضها ضد مصر وإستنفار القوي السياسية ، بل وأستعانت بجهاز إعلامي غير مصرح به للحصول علي المعلومات دون إذن مسبق من الجهات المعنية ، وحسب ما ذكر التقرير فإن الجهاز مصنع بدولة لا تريد الخير لمصر في إشارة إلي إحتمال أن يكون الجهاز المقصود مصنع في إسرائيل ، وعن ملابسات القبض علي أحد الإعلاميين ذكر المصدر العسكري أيضا أن القبض جاء نتيجة محاولة الإعلامي إخفاء الجهاز الخطير مما أثار الشك والريبة .. إلي هنا تبدو الإجراءات سليمة من الناحية الشكلية والإحتياطات الأمنية لا غبار عليها ولكن تبقي مسألة أخرى ، لماذا لم يتم الكشف عن إسم الجهاز المحظور وطبيعة وظيفتة وطرق إستخدامة؟... وكيف تكون هناك شخصيات متورطة في أعمال إعلامية ضد مصر ولم يذكر إسما واحدا منها؟ الشيئ الأهم لماذا لم يتم الرجوع إلي الشيخ حمد أمير دولة قطر ومراجعته في أمر التجاوزات التي يقوم بها الطاقم الإعلامي لمكتب القاهرة ؟! لقد أسعدني كثيرا أن تكون الأجهزة الأمنية يقظة في رصد كافة التفاصيل والتجاوزات المثيرة للشك سواء من الجزيرة أو من غيرها ولكن في نفس الوقت يدهشني ما تتمتع به بقية المحطات الفضائية الأخري من حرية ، خاصة الفضائيات الأجنبية مثل ال B.B.C والC.N.N وروسيا اليوم فلم نسمع أن أحدا هاجم مكاتبها أو قبض علي أحد مراسليها علما بأن الوظيفة واحدة والتسابق علي المعلومة أمر بديهي لدي كل من الإعلامييين عرب وأجانب !! الفرق كما أتصورة يكمن في سوء النوايا أو حسنها تجاة بعض القنوات والمفاضلة بين فضائية وفضائية أخري ، والشعور الخاص بأن قناة الجزيرة هي القناة العربية المنافسة بشكل مباشرأما القنوات المشار إليها فهي خارج المنافسة ومن ثم لا يضير إتحاد الإذاعة والتليفزيون صاحب البلاغ وجودها علي الساحة بالشكل الذي تراه القنوات نفسها مناسبا لها ، ونود هنا أن نلفت النظر إلي أن قناة ال B.B.C الناطقة باللغة العربية لديها ما لدي الجزيرة من إمكانيات واستعدادات وتحمل نفس الرغبة في تحقيق أعلي مستوي من التغطية الإعلامية وتستضيف أيضا شخصيات سياسية معارضة ورؤساء أحزاب وناشطين حقوقيين وأعضاء الإئتلافات الثورية من الشباب . ونحن لا نحرض هنا ضد المحطة البريطانية المتميزة أو غيرها وإنما فقط نعقد المقارنة للتأكيد علي أن إعطاء الفرص لابد وأن يكون بالتساوي فمثلما تترك الجهات الأمنية المختصة قناة الB.B.C وفرنسا 24 والC.N.N وروسيا اليوم تعمل دون تضييق عليها كذلك أن لا تفرق في المعاملة وتختص قناة الجزيرة وحدها بالمراقبة والمداهمة وأحتجاز المراسلين ، مع كامل إيماننا بحق الدولة في المحافظة علي أمنها القومي فهذا الأمر فوق كل إعتبار. وأكرر ثانية أن الهدف من الكتابة في هذة القضية ليس الدفاع عن الجزيرة وإنما هو الدفاع عن الحرية الإعلامية وحق الحصول علي المعلومات .