العلم يرفع بيوت لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العزِ والكرِم إن الدول المعاصرة تستمر إذا ما حافظت علي عوامل بقاها من الإصلاح الاجتماعي والبناء الاقتصادي والعلم بكل ما تعنيه الكلمات من دِلالات ومعاني ،ودئماً نري في الواقع صراعاً بين المختلفين في الفكر والعقيدة والأعراق فاذا ما ظل الصراع فكرياً وكلاميا فيجب ألا نستخدم فيه القوة العضلية او الحربية طالما انه كذلك ،لكن إذا تغولت فئة وفَرضت نفسها بقوة السلاح لتفرض عقائدها وسياستها فيجب أن تُصد وتُمنع من أن تتوسع حتي يعيش الناس في سِلم وأمان ولكي يتحقق هذا لابد من رد العدوان وهذا هو جهاد الدفع ،والحكمة والعقل والواقع المتغير، أمور تحملنا علي فهم الجهاد فهم صحيح والتمييز بينه وبين الإرهاب حتى لا نقعَ في أخطاء التعميم الأعمىفالذي يرفضُون الجهاد بإطلاق او يقبلونهُ دون تمييز وادراك للفرق بين الامرين في حاجة ماسة الي ان يعدلوا مفاهيمهم ويصححوا معلومتهم الدينية فالفريقان علي طرفي نقيض وكلا ترفي الأمور ذميمُ. وأرى أن الآية القرآنية الكريمة التي جاءت في سورة الحجرات تضع القتال والجهاد موضعه الصحيح بل وتؤسس له. حيث يدور أمر الجهاد بين الإفراط والتفريط لكن الآية ضبطتهُ وبينتهُ ونفهم هذا من خلال التحليل اللغوي للمفردات التي جاءت في هذه الآية (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) ونلاحظ هنا هذه المفرداتالاقتتال، الإصلاحالأول، بَغَت، قاتلوا التي تبغي، حتى تفئ فأصلحواالثانية. فمفهوم الجهاد يبدأ بقتال الطائفة الباغية لكن هذا القتال لابد وأن تسبقه محاولات الإصلاح وهو المعروف في وقتنا الحاضر بالحوار والموائمات السياسية في ظل القرارات والأمور المحددة للإصلاح من اجل المحافظة علي نسيج الأوطان فان وقع بغي وتعدي يجب القتال للردع فان تراجعت الطائفة الباغية وعادات إلي رشدها وصوابها يجب كف القتال ووقف المعارك ثم العودة مرة ثانية إلي طاولةالحوار والمفوضات حتي يتحقق الإصلاح اذاً الإصلاح هدف رئيسي والجهاد أمر عارض ليعود الإصلاح مرة ثانية وهو ما ذكرته في المفردات بالإصلاح الأول والثاني ومجريات الواقع شاهد واضح علي ما نقول فنحن أمام مد شيعي يريد أن يسطوا علي المسلمين السنة ودوالهم وأمام مشكلة كبرى تتمثل في المد المصنوع من قِبَل أعداء الأوطان والإصلاح ألاقتصادي والمجتمعي والعلمي ممثلة هذه القوة الباغية لدي دولة الإسلام المزعوم في العراق والشام التي تسمي بداعش وهي تصنيف زرعَت نبته الخبيثة داخل المعسكر السني او السلفي الذي وظف الجهاد توظيف إرهابي وعدائي يُكره الناس في الإسلام ولا يحببهم فيه ويخرجهم منه ولا يدخلهم فيه ويبعدهم عنه ولا يتركهم للإسلام الوسطي ليحتضنهم. ونلاحظ في الآية الكريمة وجوود حرف الفاء مكررا والفاء تفيد الترتيب والتعقيب ومعنى هذا بالألفاظ المعاصرة سرعة فهم الواقع وسرعة تقدير الظرف وسرعة اتخاذ القرار الإيجابي وسرعة وقف هذا القرار عند تغير الظرف وسرعة اتخاذ قرار أخر إيجابي يتناسب مع الظرف المتغير الجديد بدل من النوم في العسل لأنه من أكل كثيرا نام كثيرا ومن نام كثيرا فاته الخير الكثير. ودليل أخر من الوقع المتغير علي وجوب فهم الجهاد فهمً صحيحا دون تعطيله تعطيلاً مطلقاَ يتمثل هذا الواقع في البناء والتسلح النووي لدي القوة الفارسية ودولة إيران ذات الاعتقاد الشيعي الغالي الذي يذوب فيه الاعتقاد الشيعي المعتدل. إن هذا التصالح مع الشيطان الأكبر الذي كان بالأمس عدوا وصار اليوم صديقاً وحدثت الموائمات السياسة من اجل الاستمرار في التسلح النووي الإيراني وهذا لن يهدد إسرائيل؟؟ بل سيهدد الوجود السني المعتدل في المنطقة الآ يحمل هذا التغير الحاصل الدول السنية وانصارها من السياسيين أن يفهموا الجهاد فهمً صحيحً ولا يعطلوه تعطيلا كاملا. إننا في أوقات الدفاع وعواصف الحسم ينبغي أن تقف الكلمة المقروءة والمكتوبة والمسموعة والمرئية جنبً إلي جنب مع الطيران المُحلق في السماء والسفن الحربية التي تحمي باب المندب حتي لا تنكسرَ قناتنُا وتذوب عبر المحيطات وينهار اقتصادنا السنا مطالبين جميعاً بفهم الجهاد فهمً سديدًومتطورً ينتقل من مفهومه القديم إلي صورته العلمية حتي نبني سلاحا قادراً علي صد الأعداء من أي نوع يهدد اوطاننا العربية ووحدتنا الإسلامية ، وقاهرً لهذا المد النووي الشيعي أم نُعطل مفهوم الجهاد بالكلية حتي يكتمل البناء النووي الإيراني ثم نجلس بعد ذلك ونبكي الماضي حيث لا ينفع البكاء. إن الإرهاب الذي يُخرب البلاد باسم جهاد الطلب لا ينبغي أن يكون سبب لتعطيل جهاد الدفع. إن الذين لا علم لهم بالمباحث الفقهية ولا دراية لهم بالعلوم الشرعيةعليهم أن لا يُحدثوا في المجتمع شرخاً،وعدم علمهم بالأحكام الشرعية ينبغي ان يحملهم علي الصمت فمن كان متكلما فليقل خيرا او ليصمت، فهم وإن كانوا يُحسبونَ علي علماء الاجتماع او الصحافة او علماء النفس ويعُدً أنفسهم من النخبة إلا انهم لا يعلمون شيآ عن التشريعات الربانية والدلالاتالقرآنية وكونهم يُحسبونَ من النخبة الذين تُسلَط عليهم الكاميرات وتترك لهم نوافذ الفضائياتلا يعطيهم الحق للخوض في القضايا الكبرى التي ترتبط بالشريعة من جهة ومن الواقع المتغير من جهة اخري فا يجب عليهم أن يلزموا تخصصاتهم العلمية فمن كان في علم الاجتماع علما او في غيره مثلا فعليه ان يلزم تخصصه وان يخدم بلده فيه فمن كان من اهل الخبرة في علم الاجتماع فعليه ألا يهدممجتمعهووطنه وعلي كل انسان ان لا يتكلم فيما لا علم لهبه (فمن حُسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه )والله علمناَ ألا نتكلم إلا بعلم ودراية وبحكمة وحنكة يقول الله المشرع (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا). والوطني الحق هو الذي يُعمّر ولا يخرب في وطنه ويبنيه ولا يهدمه وبناء الأوطان يكون بالعلمِ وأن يحَترمَ كل واحد منا تخصصه ومجاله العلمي وأن يبذل كل طاقته وخبراته في مجاله فقط إذ لو التزم كل واحد منا بان يبني مجتمعه من خلال تخصصه العلمي فقط لأقمنا وطنا سليما من الآفات معافىَ من التشوهات ،اذا اردنا ذلك فيجب علينا أن نبحث عن اهل الحل والعقد في كل تخصص(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)جاءت في موضعين في صورة النحل الذي اخرج الله من بطنه شفاء للناس وفي صورة الأنبياء الذين ارسلهم رب العزة للإصلاح وقطع دابر المفسدين (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر