بقلم حسن بديع بمقتل العقيد معمر القذافى بطريقة وحشية بدائية غير انسانية يكون الرئيس العربى الثالث على التوالى الذى يسقط بأيدي شعبه بسبب التوريث فى أقل من عام. فقد افتتح القائمة الرئيس التونسي السابق الهارب زين العابدين بن علي الذي فرمن بلده وشعبه متوجها إلى المملكة العربية السعودية ، ليعيش ما تبقى من عمرله ذليلا خانعا هاربا في المملكة العربية السعودية ، وكان الثاني في القائمة المخلوع الرئيس السابق الذي تم القبض عليه وإيداعه أحدى المستشفيات تحت التحفظ ،حيث يحاكم بتهمة قتل المتظاهرين تمهيدا لمحاحمته فى قضايا أخرى ، مرتبطة بالفساد المالي والسياسي والاقتصادي بتهم تؤدي إلى مثوله أمام القضاء بالخيانة العظمى ، ويأتي الرئيس الثالث على التوالي في القائمة ، وهو الرئيس الليبي معمرالقذافي الذي حكم ليبيا على مدار42 عاما كاملة منذ أن اعتلى الحكم في ليبيا أول سبتمبر1969 ، وحتى 23 اغسطس 2011 الحالي ، وأن كان الرئيس القذافي ،هوأكثر الرؤساء الثلاثة بؤسا لأنه مات بطريقة شنيعة غير آدمية ، وتتعارض مع قيم وتعاليم الأديان السماوية ، وحتى مع الأعراف الإنسانية بالنسبة للدول العلمانية ، وقتل بعد أن تم تعذيبه وضربه وهتك عرضه دون مراعاة لسن او أخلاق اسلامية. ويلاحظ أن الرؤساء الثلاثة أبعدوا عنوة عن الحكم بعد أن حاولوا فرض نظرية مريضة بائسة اجرامية خيانية اسمها جريمة التوريث المقترنة بالفساد والاستبداد وهو الثالوث غير المقدس الذى يشكل جوهرالحكم وطبيعة الحكام فى اغلب البلاد العربية ولا أعرف تحديدا من هو صاحب الفكرة الجهنمية الخبيثة الخاصة بتوريث أبناء الرؤساء الحكم وتحويل الجمهوريات إلى ملكيات خاصة والإجهاز على أخر ملمح من ملامح الثورات العربية التي هزت العالم فى خمسينيات وستينيات القرن أنها لاشك فكرة من بنات أفكار صهيون أشرار زينوا لهؤلاء الحكام الفكرة الخبيثة ، وأكدوا لهم أن السبيل الوحيد لعدم محاكمتهم الآن وفي المستقبل وطي صفحاتهم وإغلاقها لأجيال مقبلة هي توريث أبنائهم الحكم ، وترسيخ حكم الأسرة لعشرات السنين ،وأيضا لاستمرارنهج الفساد والاستبداد والخيانة والعمالة الصريحة للمستعمرالأجنبى وبنظرة سريعة على الحكام الثلاثة نجد أن بن على أراد توريث شقيق زوجته (ليلى الطرابلسى) الحكم بعده نظرا لأنه لم ينجب أولادا وفي مصر أراد المخلوع مبارك توريث ابنه جمال وفى ليبيا أراد القذافى توريث ابنه سيف الاسلام ، والعجيب أن الثلاثة خانوا شعوبهم ومبادئهم وأنفسهم بغصرارهم على ارتكاب جريمة التوريث بلا ادنى حرج ودون أن تهتز لهم شعرة فهم جميعا جاءوا إما من خلال ثورة اسقطت الملكية وأقامت النظام الجمهوري مثل ليبيا أو من خلال استفتاء رئاسى لأن الحاكم كان نائب لرئيس الجمهورية ، ووصل للحكم بعد مقتل الرئيس الأسبق مثل مبارك أو وصل للحكم بحركة تصحيحية من داخل النظام وبدعم امريكى فرنسى مشترك لان رئيس تونس الاسبق برقيبة كان قد بلغ من الكبرعتيا وفقد الكثير من صلاحيته البدنية والذهنية ولذا كان من الضروري أن يأتي رئيس شاب ليكمل مشوارالتبعية ،ويحافظ على المصالح الفرانكوفونية فكان بن على لكن أراد الله ويده فوق إرادتهم وأيديهم حيث تتم الإطاحة بهم جميعا من نفس الطريق الذين ساروا فيه فكان مقتلهم سواء السياسي أو المادي من خلال مصيدة التوريث والعجيب ان القائمة لا تقتصر على هؤلاء الثلاثة فقط فهناك مشاريع اخرى للتوريث بعضها تم تنفيذه فعلا والاخر تحت التجهيز فمثلا فى سوريا جاء الرئيس بشار الاسد ليكون خليفة لوالده الرئيس حافظ الاسد برغم ان بشار التزم بسياسة معادية لاسرائيل والهيمنة الاستعمارية ودعم المقاومة الا انه فى نهاية الامر جاء بواسطة التوريث وهناك نموذج اليمن حيث كان الرئيس اليمنى على عبد الله صالح يريد توريث ابنه العقيد احمد على عبد الله صالح احد قادة القوات المسلحة اليمنية لكن الثورة الداخلية العنيفة التى تواجه على صالح فى اليمن اجبرته على تاجيل المشروع واذا اردنا ان نضع ايدينا على سبب ميل الكثير من الحكام العرب للتوريث سنجد الرغبة فى الحماية الذاتية واستمرار حكم العائلة وتواصل الفساد والاستبداد واعتبار ان هذه الاوطان بشعوبها جزء من الملكية الخاصة وهو فهم يظهر مدى الابتعاد عن نهج ثورات العرب التحررية ومدى عمق الخيانة المرضية لهؤلاء الحكام والمؤسف والمحزن ان الاستعمار الغربى يكون دائما فى طليعة الذين يتخلون عن هؤلاء الحكام عندما تصل شعوبهم الى مرحلة الثورة وينسى الاستعمار خدمات هؤلاء الحكام لان الاستعمار لا يحترم العملاء ولا من يبع نفسه من الاصل ويبحث دائما عن الحاكم الجديد لكى يجنده ويقوم باغواءه واعتقد ان لا حل لهذا الماساة سوى قيام الشعوب العربية باسقاط كافة القائمة على التوريث سواء كانت جمهورية او ملكية وبناء انظمة تضمن سهولة تغيير الحاكم لو انحرف او فسد واقامة مجتمع عربى جديد يقضى على صور الحكم البدائية التى ترجع للعصورالوسطى سواء فى الخليج او فى شمال افريقيا او بعض النظم الجمهورية المنحرفة التى كادت تجنح الى الملكية لولا يقظة الشعوب وثوراتها الباسلة ، وأخيرا ياليت كل حاكم فى وطننا العربى يعي أن مستقبله وآماله ومجده يكمن في رضاء شعبه عنه،وليس فى أي شىء آخر وأن من يسعى لإرضاء السيد الأمريكى أو الإسرائيلى ستكون نهايته مأساوية هل يتعظون؟ أشك لأن هؤلاء الحكام أغلبهم مسلوب الإرادة ولاحول ولا قوة الا بالله.