يركض البشر في الدنيا ركضا لأجل حصد مايقتدرون عليه من متاعها وفي النهاية يأتي الأجل المحتوم ليتضح أن متاع الدنيا قليل, في قراءة سير الطغاة كل النهايات واحدة منذ فجر التاريخ إلي ان يرث الله الأرض وماعليها ومع ذلك لايتعظ أحد ليجني حصاد أفعاله التي تآباها كل الشرائع . أمام أعيننا أمثلة لاتعد ولاتحصي كفرعون مثلا وقد بغي وتجبر لينتهي به المطاف إلي الغرق في بحر سحيق ولأنه قد بغي وعصي ربه فقد كان لزاما أن يكون آية لمن خلفه وقد قال الله تعالي في كتابه الكريم"فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ...". ويستمر الحديث عن شوارد البشر وهم الفصيل العاصي المتاجر بالدين وهم عصاة هذا الزمان إمتدادا لعصاة سالف الزمان والعاقبة هي الإزدراء والإقصاء تطهيرا للأرض من المفسدين فيها وقد إتسع نطاق سوء الفعال. المثير في الأمر أن الطغاة قد وعوا الدرس مؤخرا وآثروا السلامة خوفا من غضبة الشعوب التي لم تعد تحتمل الظلم والطغيان ليتفرد الشرق الأوسط بالفاشية الدينية التي وثبت علي المشهد بأكمله عزفا علي أوتار الدين فإذا بمجريات الأمور تثبت بما لايدع مجالا للشك أنهم طغاة من نوع جديد إبتغوا الدنيا من باب الدين وماحدث بمصر خير دليل وقد ثار المصريون ضد نظام حسني مبارك المستبد حتي فارق مبارك مشيعا باللعنات وكانت الكارثة أن الفصيل المتاجر بالدين هو من جلس علي كرسي الحكم لينقلب الشعب أيضا ضدهم . حدث هذا في مصر ومؤخرا تكرر نفس الأمر في الإنتخابات التونسية حيث وقر أن المتحدثين بإسم الدين حواة لايبتغون" إلا" الإرتقاء بأنفسهم أخذا بمبدأ "أن الغاية تبرر الوسيلة" وكانت الوسيلة شيطانية والعاقبة غضب جم وثورة محوا لأثر الأشرار" المتأسلمين" صونا للوطن من فِعال شائنة كانت وبالا علي الشعوب التي تاقت لأن تعيش بلا ألم أو كمد.....هي قراءة عابرة لمشاهد متكررة وإن إختلف الشخوص...وأجدني أنظر إلي خريطة مصر نهرا ووادياً لأتذكر قصيدة "الكرنك" الشهيرة للشاعر أحمد فتحي التي لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب وأداها بأداء عبقري وقد توقفت عند أبيات بعينها تقول: "-ها هنا الوادي وكم من مَلكِ .......صارعَ الدهر بظلِّ الكرْنكِ" "وادعًا يرقبُ مسرى الفلكِ............وهو يسْتحيي جلال الغابرِ" "أين يا أطلال جندُ الغالبِ؟.............. أين آمون وصوتُ الراهبِ؟" ..... قصيدة"الكرنك" تعبر عن زمان بعيد وحاضراً يعيد نفس قصة الأمس ولا أحد يقرأ فصول التاريخ ليعي أن النهاية دوما من جنس العمل....أين ياأطلال ؟...نداء يتكرار ولاشيئ بعده يُقال ؟!