استياء، استنكار، مشاجرات، عمت مظاهر الغضب شوارع مصر بحواريها، وأغلقت كل أمل أمام المواطن الفقير في الخروج من معاناته السابقة ليدخل في معاناة أبشع بين غلاء أسعار الوقود والكهرباء والسلع التموينية وكل أساسيات الحياة وسط تدني الرواتب وعدم وصولها للحد الأدنى - وحتى إن وصلت له - ، والحكومة مازالت تبرر قراراتها بأنها " لصالح المواطن". اتفق عدد من الاقتصاديون أن القرار برفع الدعم عن بعض الخدمات جاء مناسبا للحكومة من أجل سد عجز الموازنة العامة، إلا أنه غير مناسب للشعب المصري الذي يعاني في الأصل من تدهور حالته المادية. فيما نشر بعض من النشطاء على الفيس بوك، فيديو للرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء فترة الانتخابات الرئاسية الماضية، والذي قال فيه "يجب أن نغني الناس أولا بدلا من أن يتقاضى ألف جنيه راتب، يتقاضى ألفين، وهنا يستطيع أن يتحمل تكلفة تخفيض الدعم"، متسائلين هل بالفعل اغتنى الشعب لكي يتم تطبيق المنظومة !!. آراء المواطنين "فين عدل ربنا؟ هانسرق؟، هانروح فين يارب؟"، وبهذه الأسئلة بدأ أحمد إبراهيم، سائق ميكروباص، حديثه خلال جولة شبكة الإعلام العربية "محيط"، مؤكدا أنه يصعب عليه أن يرفع تعريفة الميكروباص على الراكب لأنه يعلم أن المواطن قد لا يملك هذه الزيادة، ولكنه مضطر لفعل ذلك من أجل جلب قوت أولاده. واتفقت معه عزة جمال، ربه منزل، بقولها "هانجيب أكل منين؟، هانموت بعض بعد كده حرام اللي بيحصل ده". أما آدم محمد ، مواطن، فقالها بحسرة "وعادت النظرية القديمة .. القضاء على الفقراء وليس القضاء على الفقر"، وتبعه عبد الرحمن محمد، مواطن، بقوله "إحنا الضحايا ، لا يوجد أحد يغلي السيسي عليه الأجرة سوى نحن". شر لابد منه وقال الدكتور عارف الدسوقي نائب رئيس حزب الغد وأستاذ اقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، أن قرارات الحكومة برفع الأسعار هو شر لابد منه للتغلب على مشاكل تدهور الاقتصاد، وتخطي الأزمة خلال خمس سنوات، فهو غير قابل للانتظار. وأضاف في تصريحات لشبكة الإعلام العربية "محيط"، أن الحكومة عليها أن تضع دراسة عن وقع القرار على الشارع المصري، مثلما حدث في حكومة عاطف عبيد عندما قرار رفع الأسعار، وتضمن وضع دراسة وخطة متأنية لتدرج في لرفع الأسعار، مع رفع رواتب الموظفين، حتى لا تقام ثورة، مضيفا أننا لسنا بحاجة إلى ثورة أو مظاهرات. لن يعالج المشكلة جذريا ومن جانبه، أكد الدكتور أسامة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، والخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية، أنه توقيت غير مناسب للشعب وإنما مناسب للحكومة فقط لرفع الموازنة العامة، كما أن هذا القرار لم يعالج المشكلة جذرياً. وأوضح عبد الخالق أن الحكومة كان لابد وأن تتخذ قرارات أخرى غير رفع الأسعار، كاستحداث موارد سيادية جديدة لتنشيط السياحة وعقد اتفاقيات مع دول الخليج، والبدء في مشروع قناة السويس وتحويلها من مجرد مجرى ملاحي إلى منطقة سكنات متكاملة لصناعة وإصلاح وصيانة السفن، والتي ستزيد دخلا لا يقل عن 100 مليار جنيه مصري تكفي لتغطية الدعم وعجز الموازنة خلال سنتين دون الحاجة إلى رفع الأسعار. وأشار إلى أنه يجب أن يكون خطاب الحكومة هو تنشيط الأجهزة الرقابية في الدولة لمكافحة جشع التجار أو المنتجين ومحاولتهم استغلال الأزمة ودفع كافة السلع والخامات للمواطنين خاصة وأننا في مواسم دينية، وهناك من يستغل الظروف. وفي حديثه عن صندوق 30 6 30 6 وتحيا مصر، قال أنه وضع تحت رقابة رئيس الجمهورية مباشرة وبعض من القيادات الإسلامية والمسيحية وذلك لتنشيط الاقتصاد. وطالب من المواطنين بأن يتحملوا هذه المرحلة وذلك أملا في مستقبل أفضل، وعلى الحكومة إصلاح منظومة الأوضاع الاقتصادية وجود شفافية ومصدقيه. آليات لضبط السوق وفي السياق، أوضح الدكتور عبدالله مغازي، أستاذ القانون الدستوري والبرلماني السابق، أن هناك صعوبات تواجه الحكومة في الموازنة، الأمر الذي جعلها ترفع الأسعار لتخطي هذه الأزمة أو اللجوء إلى المزيد من القروض. وشدد على ضرورة توضيح الحكومة للمواطنين أسباب هذه الزيادة والنتيجة المترتبة عليها، وتنفيذ آليات قوية لضبط الأسعار، مضيفا أنه لا يوجد ضرر لأحد إلا على المواطن الفقير. وفي الوقت نفسه، أكد أن شعب مصري واعٍ ويقدر الأزمة التي تمر بها البلاد، وسيتحمل هذا الارتفاع من أجل الاقتصاد، مطالبا الحكومة بالنزول للشارع وحل مشاكله والرقابة على الأسواق، وأن تعلن عن مشروع قومي يعطي أملا للشعب عن مستقبل أفضل. أين الحد الأدني ؟ وقال مصطفى جمال، عضو اللجنة التنسيقية ل 30 يونيو، أن التوقيت الذي اتخذت فيه الحكومة هذا القرار خاطئ، خاصا ونحن نعاني من أزمة اقتصادية. وأضاف أنه كان يجب تطبيق الحد الأدنى للموظف ثم بعد ذلك يقرر رفع الأسعار على المواطنين، وفي السلع الأساسية، وكان عليه إلغاء الدعم على شرائح معينة في المجتمع وليس من على السولار وبنزين 80.