د. أيمن زهري بعد نحو خمس سنوات من الدعوة التي اطلقها محافظ القاهرة السابق الدكتور عبد الرحيم شحاتة باعلان القاهرة مدينة مغلقة في وجه القادمين من اعماق الصعيد ومن أرياف الدلتا, عاد الحديث مرة اخري حول هذا الموضوع من خلال كتابات الأستاذ مرسي عطا الله رئيس مجلس ادارة الاهرام حول ما تشهده القاهرة من فوضي- غير خلاقة! يري البعض أن الهجرة الي القاهرة هي أم المشاكل ورأس البلاء وهي السبب في كل ما تشهده القاهرة من فوضي, وأن اغلاق ابواب القاهرة في وجه المهاجرين من الاقاليم هو الحل السحري للمشكلات المزمنة التي تعاني منها القاهرة وكأن الهجرة فقط هي المسئولة عن جميع المشكلات التي نعيشها ونسي البعض أو تناسوا أن القاهرة قد بنيت علي أكتاف المهاجرين بدءا من أكبر قيادة سياسية في البلد الي عمال البناء في المدن الجديدة والقائمة طويلة لايتسع المجال لذكرها,كما أن رواد النهضة المصرية بدءا من الشيخ رفاعة الطهطاوي والامام محمد عبده وطه حسين والعقاد وانتهاء بعبد الرحمن الأبنودي والدكتور جابر عصفور وقائمة طويلة من رواد الفن والثقافة والتنوير ولدوا خارج القاهرة ونزحوا الي العاصمة التي تمثل المركز ومنارة الثقافة والعلم والفن والابداع كما هو الحال في كل عواصم الدنيا. تحت وطأة البطالة والزيادة السكانية التي أدت الي تفتيت الملكية الزراعية في الريف وكذلك انحسار الفوارق بين الريف والحضر فقدت العاصمة رونقها الثقافي والفني, ولم تعد قبلة الباحثين عن العلم او حتي العلاج, ولكنها مع استئثارها بنسبة كبيرة من الاقتصاد غير الرسمي والتوسع العمراني الحالي أصبحت قبلة الفقراء الباحثين عن عمل, هؤلاء الذين يمثلون فائض العمالة الزراعية في ريف مصر, لم ينزحوا للقاهرة إلا تحت وطأة الحاجة وضيق ذات اليد, كما أنهم يعيشون في القاهرة في ظروف معيشية صعبة تتشابه الي حد كبير مع ظروف معيشتهم في القري التي رحلوا عنها. وفرت لهم القاهرة فرصة الحياة الهامشية والحصول علي عمل في القطاع غير الرسمي, عاشوا في عشش الصفيح وساهموا بقدر كبير في زيادة العشوائيات, ولكن كيف نلومهم ولم نوفر لهم حياة الكفاف في اقاليمهم. إن أفضل طريقة لاغلاق القاهرة في وجه النازحين اليها هي توفير حياة كريمة لهم في قراهم ونجوعهم. إن حل مشكلات القاهرة لايتأتي إلا بعودة الانضباط الي الشارع القاهري من خلال العديد من الاجراءات البسيطة والبديهية والتي من بينها: اعادة النظر في مشكلات التاكسي والتوسع في خدمات تاكسي العاصمة لتشمل جميع أصحاب سيارات التاكسي. واعادة الاعتبار للترام وتحديث خطوطه باعتباره وسيلة مواصلات صديقة للبيئة, وتطوير خدمة مترو الانفاق وبسط سلطة الدولة علي المناطق العشوائية والميكروباص والاهتمام بجراجات السيارات الموجودة بجوار بعض محطات المترو, وتشجيع استخدام وسائل النقل العام. والتنفيذ الصارم للقوانين المنظمة للبناء وازالة الأدوار المخالفة للمباني والحفاظ علي الفيلات والمباني ذات الطابع الاثري. اعادة النظر في ارتفاعات المباني في القاهرة الكبري وخفض ارتفاعات المباني بحيث لا تتجاوز ستة ادوار- علي سبيل المثال- بما في ذلك من تشجيع علي التوسع الافقي والهجرة للمدن الجديدة حول القاهرة. و الكف عن الدعوة لفتح الجراجات أسفل العمارات لأن معظمها غير صالح للاستخدام نتيجة عدم مطابقتها للمواصفات. عن صحيفة الاهرام المصرية 23/9/2007