رام الله: قدم المخرج الفلسطيني حنا مصل في فيلمه الوثائقي "ذاكرة الصبار" عجوزا فلسطينية في السادسة والسبعين من عمرها لتكون قصتها نموذجا لما شهدته ثلاث قرى فلسطينية دمرها الاسرائيليون في حرب عام 1967 م. ونقلت صحيفة "العرب اليوم" الأردنية عن مصلح بعد العرض الافتتاحي للفيلم على مسرح قصر رام الله الثقافي بالضفة الغربية بحضور المئات من اهالي قرى اللطرون المدمرة عمواس ويالو وبيت نوبا قوله ان ام ناجح وهي العجوز التي تروي ما حدث لها ولعائلتها في حرب 1967 هي حالة رمزية لكل الذي حصل مع الشعب الفلسطيني في رحلته.. رحلة العذاب والالام. وتقع القرى الثلاث غربي مدينة القدسالمحتلة ويرى البعض ان هدف تدميرها كان القضاء على حلم العودة اليها لما تمثله من موقع استراتيجي حول مدينة القدسالمحتلة التي تشكل احدى القضايا الاساسية في مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية. وعن الاسرائيليين قال مصلح يقدم الفيلم رحلة استكشاف لماضيهم ما ارتكبوه من الجرائم ضد شعبنا. الجريمة التي وقعت هي جريمة حرب وهذه الجريمة لن تنسى من الذاكرة. ويشير الفيلم في البداية الى ان عدد سكان قرى اللطرون عشية طردهم من منازلهم كان عشرة الاف نسمة لجأوا الى اماكن مختلفة في الاردن والاراضي الفلسطينية. يبدأ الفيلم الذي يتم الحديث فيه بثلاث لغات هي العربية والعبرية والانجليزية، بعرض لمجموعة من الاسرائيليين يرافقهم مرشد سياحي في موقع هذه القرى المدمرة يقول باللغة العبرية سأبدأ الحديث بما هو مكتوب هنا حمامات رومانية... لغاية 67 كانت هنا ثلاث قرى جزء من الاردن. ويقول اسرائيلي اخر في الفيلم كانت ثلاث قرى قامت القوات الاسرائيلية على الفور بهدمها. ويدعم مصلح فيلمه بصور متلفزة حقيقة واخرى فوتوغرافية لما شهدته هذه القرى خلال فترة حرب الايام الستة. وقال انه حصل على جزء من هذه الصور من ارشيف الجيش الاسرائيلي من خلال باحثة فلسطينية تعيش في اسرائيل حيث بالامكان الحصول على هذه الصور مقابل المال. ويقدم الفيلم شهادة المصور الاسرائيلي يوسف هوكمان الذي التقط مجموعة من الصور لاهالي هذه القرى وهم يجبرون على مغادرة قراهم. يشير المصور الى قضيب حديدي مغروس في ارض بقايا منزل دمر ويقول هل ترى.. 40 عاما وما زال يصرخ. هذا ما تبقى منه. وتقدم ام ناجح قصة انسانية مؤثرة تختزل فيها الاف القصص التي قال مصلح انه يمكن عمل فيلم عن كل قصة منها. ومن دون أن تنال الاعوام الاحدى والاربعون من عزيمة أم ناجح واملها بالعودة الى منزلها في قريتها التي اجبرت على تركها هي وزوجها واطفالها الثلاثة وجنين في بطنها كان عمره ستة اشهر تاركة وراءها والدتها المقعدة 70 عاما على امل العودة اليها. لم تجد ام ناجح في القرية المجاورة التي لجأت اليها ما يسد رمق اطفالها ليقرر زوجها العودة الى قريته ليحضر ما امكن من القمح والطحين الذي تركوه في منازلهم العامرة ليطعم اولاده الجوعى. وعندما طال غيابه قالت ام ناجح امنت الاولاد عند الجيران وعدت الى القرية وفي الطريق كان هناك ناس رايحة على القرية وناس مروحة منها. مرة امشي ومرة اقعد والتقيت في ابو ناجح محمل على الحمار شوية قمح وراجع علينا. سألته عن امي قال انه ما شافها. واضافت كملت على القرية ادور على امي. ناديت ما حدا رد. سألت الجيران.. ما حدا شافها. ما بعرف شو صار فيها. وتواصل ام ناجح حكايتها مع تقديم المخرج مقاطع لصور تدعم هذه الحكاية رجعت حتى الحق في ابو ناجح فشفت الحمار وما كان ابو ناجح موجود. بحثت عنه ما لقيته سألت عنه ما حدا شافه. ولكن المخرج اشار الى ان ابا ناجح وجد مقتولا بعد يومين. ووقف مصلح طويلا بعد عرض الفيلم مدافعا عن وجهة نظره في اظهار عدد من الاسرائيليين يدينون ما حدث لهذه القرى الثلاث ومنهم المؤرخ الاسرائيلي الان بابيبه صاحب كتاب التطهير العرقي الذي قال في الفيلم كانت عملية اللطرون استمرارا للتطهير العرقي... الذين اصدروا القرار والقادة الذين امروا جنودهم والجنود الذين نفذوا جميعهم مشاركون في جريمة حرب. انها جريمة ضد الانسانية.