مسؤوليات على مستوى القمة ممدوح طه لا يستطيع أي مسؤول سياسي عربي ولا أي مراقب إعلامي عربي، أن يخفى على نفسه أو يخفى على الرأي العام العربي مع تراجع مؤشرات الحديث عن السلام وتصاعد التهديدات الصهيو أميركية بشن الحروب العدوانية، أن الأمة العربية بل والإسلامية سيتوجب عليها في الأيام والأسابيع والشهور القادمة أن تواجه أصعب امتحاناتها، وعليها أن تقبل بأخطر مسؤولياتها لمواجهة أكبر تحدياتها، خصوصا في ظل التطورات الأخيرة الساخنة والمتسارعة سواء في فلسطين.
أو على الحدود اللبنانية والمصرية والسورية من حول فلسطين، حيث تمارس إسرائيل بشكل فاجر وبدعم أميركي سافر منذ سنوات حربا عدوانية ولا إنسانية مفتوحة بكل أسلحة القوة العسكرية وبكل جرائم الحرب الإرهابية ضد الدول العربية، تحديا لقرارات الشرعية الأممية وللقوانين الدولية وللمواثيق الإنسانية ومع شلل مجلس الأمن.
وتقاعس ما يسمى بالمجتمع الدولي عن فرض القانون الدولي فإن الأمة العربية والإسلامية عليها ألا تتجاهل الأخطار التي من الواضح أنها تحيط بها كلها ولا تسقط في الأوهام بأنها تخص جزءا من أجزائها أو تستهدف رأس نظام من بين نظمها، وإنما كل ذلك كما يبدو مقدمات للتعامل معها جزءاً جزءاً حتى يتم الإطاحة بكل النظم وإخضاع كل الأجزاء.
ويلزم أن تعد استراتيجيتها الدفاعية لحماية الأمن القومي العربي بينما تواجه الآن أكبر وأخطر تحدياتها وأصعب امتحاناتها.. بما يضع القيادات العربية كلها على قمة المسؤولية، والشعوب العربية والإسلامية بكل ألوانها العرقية والطائفية والمذهبية والسياسية في امتحان صعب أمام مسؤوليات مصيرية على مستوى القمة في مواجهة ما يمكن أن يقرر مصيرها لعقود طويلة مقبلة، خصوصا مع تجمع السحب الداكنة لشبح حروب عدوانية تبدو مقبلة ضد الأمة كلها سواء من البوابة الفلسطينية أو اللبنانية.
أو من البوابة الإيرانية أو الباكستانية في ظل تدخلات ووصايات دولية عسكرية وسياسية لا تفرق بين عرب أو مسلمين ولا بين معتدلين ومتطرفين وفى تصريحات وممارسات سافرة أميركية ترفض أي مبادرة عربية سواء للسلام مع عدو العرب أو للسلام والوحدة بين العرب والعرب.
والأكثر خطورة أن التهديدات الإسرائيلية الأميركية بشن الحروب العسكرية والسياسية والاقتصادية بروح صهيونية وصليبية على مجمل المنطقة العربية والإسلامية تستفيد من تباينات ومواجهات محورية عربية سياسية ومذهبية، وعجز عن الفعل ناتج من انقساماتها الوطنية، وتجاذباتها المتواجهة بين المشاريع الدولية والإقليمية.
بما يفرض عليها سواء على مستوى قمتها أو قاعدتها وعلى مستوى ساستها أو على مستوى إعلامها ضرورة تجاوز خلافاتها وتجاذباتها ومواجهاتها الفرعية والالتفات إلى قضاياها ومبادئها وثوابتها الأساسية، حتى لا تسقط في مستنقعات الفتن مع أشقائها ضد نفسها، بل بالتضامن مع أشقائها رغم خلافاتها ضد عدوان أعدائها.
وبغير استدعاء للذاكرة التاريخية البعيدة والقريبة، تفقد الأمة العربية رصيد ها من الدروس الكبيرة الماضية بإيجابياتها وسلبياتها، في مواجهة التحديات الخطيرة الحاضرة بغيومها وإشراقاتها، وفى رسم معالم طريقها إلى شكل المستقبل الذي تتطلع إليه شعوبها، للاستفادة بتجاربها الغنية المرة والحلوة خصوصا من دروس قدرتها على التعامل مع الأزمات، وفى دروس مهارة قادتها في كيفية السير عند المنحنيات، حتى لا تضطرب بوصلتها السياسية في تحديد وجهتها الجماعية نحو أهدافها الأصلية.
وهناك أكثر من علامة مضيئة على طريق القمم العربية تبقى ماثلة في الذاكرة العربية، دافعة ورافعة لاجتياز العقبات، وملهمة وملزمة للاستجابة للتحديات الداخلية والخارجية الحالية التي تضع الأمة العربية أمام أعقد مفترق للطرق في تاريخها الحديث، وهذا يتطلب من المواقف التاريخية من قيادات عربية على مستوى المسؤولية التاريخية الارتفاع فوق دوافع الخلافات الموضوعية وفوق نوازع الحساسيات الذاتية بما يحول التحديات السلبية إلى استجابات إيجابية، ويقلب العقبات إلى دوافع قوية وروافع سياسية تحيل الانقسامات إلى تضامن، والمحن إلى منح، والهزائم إلى انتصارات. عن صحيفة البيان الاماراتية 20/2/2008