القاعدة وأحداث الموصل حازم مبيضين تفجرت قضية استهداف المسيحيين العراقيين في مدينة الموصل، مثيرة للعديد من التساؤلات عن أهدافها، ومن يقف وراءها، وهل هي ذات أبعاد طائفية أم أنها مجرد قضية سياسية ؟. والواضح أن عدم إعلان الجهة المنفذة للاعتداءات ضد مسيحيي الموصل عن نفسها، قد أعطى الفرصة للكثيرين، إما للتخمين أو الاتهام، في جو سياسي ملتبس يسود العراق في الظرف السياسي الراهن، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، التي يعتقد أنها ستجري قبل نهاية العام الجاري. إذا أخذنا بعين الاعتبار الشحن الطائفي البغيض، فإن تنظيم القاعدة الإرهابي هو المنفذ والمستفيد وليس أي أحد سواه ، ذلك أن جرائم الموصل تحمل بصمات هذا التنظيم الإرهابي. في حين تتناثر الإتهامات ضد بعض الجيران، المتهمين بالسعي لخلق بلبلة وفوضي في هذا البلد، والحيلولة دون استقراره، وعلى أساس أن الاستقرار يتعارض مع أجندات هؤلاء الجيران، ولم تسلم قوات البشمركة الكردية من هذه الاتهامات، على أساس أن الأكراد هم الأكثر استفادة من خلق فتنة طائفية بالموصل، لانهم يسيطرون حاليا على مجلس محافظة نينوى، وقد نجحوا في تكريد المحافظة التي تضم خليطا من كافة القوميات،بحكم سيطرتهم الفعلية على المفاصل الأمنية ومراكز صنع القرار. والغريب أن بعض الجهات تبرعت باتهام حتى الحكومة العراقية بارتكاب إثم التعدي على مسيحيي الموصل. كل هذه الاتهامات تتهاوى بين يدي ما أعلنه المطران إسحق ممثل بطريرك السريان في العراق، الذي رفض تحميل أي عراقي أو عربي أو مسلم دم مسيحيي الموصل. موجهاً أصابع الاتهام لأطراف خارجية، تستهدف خلق فتنة طائفية في العراق. وفي خضم كل هذا يشعر المراقب أن الحقيقة تتسرب من بين أصابع يديه، وأن الدم المهدور في أم الربيعين سيضيع في زحمة أعداد المتهمين، وليس من سوء النية الظن أن تكاثر الاتهامات يستهدف ذلك. المدهش فعلاً أن بعض السياسيين العراقيين يتبنون موقف تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي يقال إنه تبرأ من أحداث الموصل من خلال بيان نفى صلته بما يجرى، ووصل الامر بنائب بأن القاعدة لا تكذب حين تنفي مسؤوليتها عن حدث ما، وأنها تمتلك الجرأة للإعلان عن عملياتها أياً كانت، وهو يطلق أحكامه متناسياً أن تنظيم الزرقاوي الإرهابي، هو من جر بلاد الرافدين إلى مربع الطائفية، مشعلاً نيران حرب بين أبناء البلد الواحد والدين الواحد والمصلحة المشتركة ، ويتناسى أن بسطاء العراقيين المكتوين بنيران ممارسات القاعدة المغرقة في التخلف هم من حمل السلاح لتطهير العراق من هذا الدنس. وإذا كان مطلقو الاتهامات يعتقدون أنهم يملكون حق ذلك، حتى وإن لم يمتلكوا الدليل، فإننا نجد من حقنا سؤالهم عن مئات آلاف المسيحيين العراقيين الذين أجبروا على مغادرة وطنهم منذ العام 2003 ، وهل كانت هجرتهم القسرية تعود بالفائدة على حكومة إقليم كردستان؟، وهل تتساوى الحكومة مع من سبقها من الحكومات منذ ذلك التاريخ في الاستفادة من تهجير المسيحيين العراقيين؟؟ أسئلة نعرف سلفاً أن لا جواب مقنعاً لها، لكننا نطرحها لنؤكد أن مطلقي الاتهامات هنا وهناك، يعرفون أنهم يقومون بذلك من قبيل المناكفة السياسية، لكنهم لا يدركون أنهم يبرئون تنظيم القاعدة الإرهابي من دم المسيحيين العراقيين. عن صحيفة الرأي الاردنية 18/10/2008