البروفيسور عبد الستار قاسم في جوانتنامو الفلسطيني!!!
* معتصم أحمد دلول
تصفحت مواقع الأخبار و استمعت و شاهدت العديد من القنوات للوقوف على آخر المستجدات في الشأن الفلسطيني و العربي و ما يتعلق بهما فوجدت العناوين هي العناوين التي اعتدنا قراءتها و سماعها و مشاهدتها كل يوم. و لكن هذا اليوم قد راعني خبر لم تورده إلا القليل من وسائل الإعلام و مواقع لبعض المؤسسات الحقوقية فقط و هو موضوع اعتقال الكاتب و الأكاديمي الفلسطيني البروفيسور عبد الستار قاسم.
معلومٌ أن الدول و الشعوب الحرة تفتخر بعلمائها و ترفع من شأنهم لا سيما إذا كان لهم انجازات ملموسة و إسهامات محسوسة قدموها خدمة لشعوبهم و لا سيما إذا كانت تلك الإنجازات و الإسهامات في مجال الفكر و العقل و بناء الشخصية لأن ذلك يساعد على تطوير الأداء الفكري لدى الشعوب الذي ينتمي إليها هؤلاء العلماء و المفكرين و الأدباء. و إذا نظرنا إلى التاريخ الشرقي و الغربي و على مستوى كل الحضارات سنجد أن الفلاسفة و المفكرين و الأدباء من بين العلماء كانت و ما زالت لهم مكانة خاصة لدى كبار و صغار موظفي الدولة و لدى أفراد الشعب بأكمله.
و لكن مما يدمع العين و يدمي القلب أن نجد الأمة صاحبة أكبر و أعظم حضارة عرفتها البشرية لا تهتم بالعلماء بل و تحتقر المفكرين و تحجر على عقولهم بإرسالهم خلف جدران الزنازين. و هذا على أقل تعديل، لأنه في كثير من الأحيان يُختطف المفكر أو الأديب من عقر بيته و يرسل به إلى أماكن غير معروفة و أحياناً يرجع و أحياناً لا يرجع و الله أعلم أين يكون المصير، نسأل الله تعالى أن يكون البروفيسور عبد الستار قاسم من المحظوظين الذين يرجعون.. آمين أمين.
عُرِفَ البروفيسور عبد الستار قاسم خضر بحبه و إخلاصه لوطنه منذ كان محاضراً في الجامعة الأردنية و كانت نتيجة حب الوطن و الإخلاص له أن فصلته الجامعة الأردنية من عمله في العام 1979م، و لكن ذلك لم يوقف عقلاً نَيِرَاً و فكراً مستقيما و قلماً حراً. زادت هذه الحادثة الإصرار و العزيمة لدى البروفيسور عبد الستار قاسم فكان جزاؤه الاعتقال على أيدي الحتلال و التعذيب و فرض الإقامة الجبرية و منعه من السفر و غير ذلك. و هذا كله متوقع من المحتل الظالم الذي ملأ الأرض سجوناً ليعتقل فيها كل الأوفياء لوطنهم.
و لكن الذي كان مستغربأ أن يجد البروفيسور عبد الستار قاسم صاحب المؤلفات الكثيرة و الأبحاث الكبيرة و المقالات الثائرة نفسه بين جدران زنازينٍ يُفْتَرض أنها بُنِيَت ليوضع بداخلها العملاء الذين خانوا الوطن و باعوا أنفسهم للمحتل و ليس من حملوا هم الوطن و المواطن على أكتافهم و سخروا عقولهم و قلوبهم و أقلامهم و جميع ما يملكون لخدمتهم و تعرضوا للمحن و الابتلاءات من أجل ذلك.
إن مثل هذه العقول كالبروفيسور عبد الستار يجب أن يكون مكانها ليس تيجان الرؤوس و لا حبات العيون، بل في شغاف القلوب لأنهم ما داموا راوفد تمد المواطنين فكراً و تحريضاً ضد المحتل.
أيها البروفيسور المقدام، لقد عُرِفت بقول كلمة الحق سواء كانت حلوة أو مُرة.. في اليوم الذي أنظر إليك فلا أجدك و أبحث عنك فلا أصل إليك لأن الأيادي الغادرة بادرت إلى محياك لتغيبه عن الناس في محاولةٍ، أسأل الله تعالى أن تكون يائسة، لأن يقطعوا لسانك و يكسروا قلمك و يخرجوا حب الوطن من قلبك. و يا ليت شعري بأن الذين اختطفوك نظروا إلى عيونك و إلى قلبك و إلى قلمك حق النظر فوالله لعرفوا مكانتك و عرفوا من تكون. و إذا كانوا لا يفقهون لغة العقل و القلب و القلم فلو نظروا إلى شيبتك لاحترموك و قدروك و لكنهم لا يعرفون أيضاً لغة العواطف و الأحاسيس.
إن هرقل عندما سأل عن محمدٍ صلى الله عليه و سلم و عرف صفاته قال للذين سألهم عنه و كانوا غير مؤمنين به في ذلك الحين لأنهم لم يكونوا يعرفوا قدره بعد، "والله لو كان عندنا لغسلنا عن قدميه الماء". لا أضرب هذا المثل لتشبيهك برسول الله صلى الله عليه و سلم و لكن لأن الرسالة التي يحملها العلماء و المفكرين هي نفس رسالة الأنبياء و المرسلين كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم، "العلماء ورثة الأنبياء".
فلا تحزن أيها الرجل العظيم فسيأتي اليوم الذي يعرفونك فيه و سيعض الظالمون أيديهم ندماً أن لم يكونوا ممن يناصروك و يحموك بدلاً من أن يكبلوك و يضعوك في الزنازين. فصبراً صبراً أيها الرجل الذي يقول كلمة الحق في يومٍ و مكانٍ عز فيه من يقولها و أبشر بالعز و الكبرياء و النصر القريب إن شاء الله.