يطرح الكاتبان أرتو وماري بول فيرار في كتابهما "الرأسمالية في طريقها لتدمير نفسها" ترجمة سعد الطويل الصادر عن مكتبة الشروق الدولية سؤال: هل الرأسمالية تسير نحو حتفها؟، وهو سؤال يثير الدهشة فرغم الركود الأخير إلا أن الرأسمالية نظاماً مالياً واقتصادياً هو الأكثر قوة وديمومة في العالم. يرى الكاتبان أنه بينما تبدو الرأسمالية صامدة حتى اللحظة، نجدها تتعرض لأفدح المخاطر وكأنها لا مشروع حقيقياً لها سوى تحقيق الأرباح السريعة. فهي لا تعمل من أجل المستقبل، ولا تسعى إلى مواجهة القلق العميق الذي يعم الانسانية جمعاء، ولا تبدي اهتماماً بحل المشاكل المصيرية التي تلقي بثقلها على سكان الكرة الأرضية وتحديداً المجتمعات النامية والفقيرة. وفق صحيفة "المستقبل" اللبنانية يتناول الكتاب بالتفصيل والأمثلة الكثيرة والحية، الاتجاهات الخاطئة والمنحرفة التي تؤدي إلى الانهيارات التي تحيق بالرأسمالية، كما يكشف، بالوثائق، فضائح الشركات العملاقة التي تهيمن على جزء واسع من الاقتصاد العالمي، مسببة تصدع الدول من أجل منافعها الخاصة. وتكمن المشكلة فى لا معقولية تصرفات كبار المستثمرين الذين يطلبون من الشركات تحقيق نتائج مرتفعة للغاية، والنتيجة أنها تبحث عن العائد بعد ثلاثة شهور بدلاً من الاستثمار طويل المدى، وأنها تلجأ لنقل المصانع، والضغط على أجور العمال، وتتخلى عن خلق فرص العمل فى الزمن الحاضر، وفى بلدها الأصلى. ولهذا يرى المؤلفان ضرورة الإسراع بإصلاح سياسة الادخار بعمق، وفرض قواعد جديدة لحسن إدارتها، سواء على المديرين أو أجهزة الإشراف. ودون هذه الإجراءات لن يمكن تجنب حدوث أزمة جديدة للرأسمالية، مع كل ما يعنيه ذلك من نتائج. والكتاب يدعو للتوقف عن اللهاث وراء الأرباح السريعة عن طريق المضاربة على الأوراق المشتقة وغيرها من الأدوات المالية والرجوع للطريق التقليدى عندما كانت الرأسمالية تقود عملية الإنتاج، وبالتالى تلعب دوراً إيجابياً فى تنمية المجتمع. ويشرح الكتاب بالتفصيل، وبالكثير من الأمثلة الحية، الاتجاهات الخاطئة، بل المنحرفة، التى تؤدى للمخاطر المحيقة بالرأسمالية حالياً، والتى بدأت بالفعل أزمة للنظام الرأسمالية تتضاءل أمامها الأزمة المالية العالمية لعام 1929، فهو يحلل أزمة النمور الآسيوية، وآثار "التقليد الرشيد" الذى يجعل جميع المستثمرين يشترون معاً ذات الأوراق، ويبيعون فى الوقت ذاته أوراقاً أخرى بعينها، والتقلبات الخطيرة التى تنشأ عن ذلك. وهو يكشف بالتفصيل فضائح الشركات الكبرى المدلسة، حيث خسر مساهمو شركة إنرون، ومن بينهم الكثير من موظفيها وكذلك صندوق معاشاتهم، 40 مليار دولار. كما خسرت البنوك المقرضة لشركة وورلد كوم أكثر من 6 مليارات دولار. أما شركة برمالات فقد زورت ميزانيتها لإخفاء ديون مقدارها 12 مليار دولار، واضطرت الحكومة الإيطالية للتدخل لإنقاذها حماية لمئات الآلاف من عمالها والمتعاملين معها.