مظاهر العيش في مدينة طوكيو اليابانية

وصفت مدينة طوكيو اليابانية من قبل المقيمين فيها بأنها "مزيج من عدة أوجه"، وطبعة جديدة من إحدى أشهر عروض مدينة ديزني "بليد رانر"، حيث يرجع الفضل في ذلك إلى تنوع سكانها واستعدادهم لتقبل كل ما هو جديد وتطلعهم الدائم إلى المستقبل.
وتعج طوكيو بطاقة هائلة وحيوية كبيرة، وعلى الرغم من كونها إحدى أكثر المدن ازدحاما في العالم، إلا أنها واحدة من أكثر مدن العالم جذباً للغرباء والخبراء.
تقول الأمريكية نتالي دون، التي أقامت في السابق في طوكيو، وهي مؤلفة كتاب (كيف تعمل وتسافر وتدرس في اليابان) "يلتقي كثير من سكان طوكيو بالأجانب يومياً، ويمتازون بالتعاون والصبر في التعامل مع السياح،".
ومن السهل على متحدثي الإنجليزية على وجه الخصوص أن يشعروا بالارتياح في طوكيو خلال السنوات القادمة.
وتضيف دون "في سياق التحضير لدورة الألعاب الأولمبية لعام 2020، هناك تركيز كبير في طوكيو على تعليم اللغة الانجليزية."
كما تعد طوكيو إحدى أكثر العواصم العالمية أمناً، وكما يقول كريس كيركلاند، وهو وافد بريطاني يعيش في طوكيو منذ خمس سنوات، ومؤسس موقع "طوكيو تشيبو": "يحجز الناس مقاعدهم في مقاهي ستاربكس بترك حافظات نقودهم على الطاولة."
وبشكل عام، يحترم الناس خصوصية الآخرين، كما أن الأماكن العامة في غاية النظافة.
ومع ذلك، فإن هذه الصفات لا تعني أن المدينة مملة. فهي على أي حال المكان الذي شهد آخر صيحة في عالم المقاهي والمتمثلة في اختلاط الناس بالحيوانات.
ويقول كيركلاند: "أحياء وسط المدينة تعج بالنوادي والبارات والمقاهي الماجنة التي تفتح أبوابها حتى الخامسة صباحاً. بعد هبوط الظلام، عندما يقبل الناس على شرب الكحول، يعمد أهالي طوكيو إلى الاسترخاء قليلاً. وبشكل خاص، في ضاحية شيبويا التي لا تنام، ويقصدها على وجه الخصوص المراهقون، ومن هم في العشرينات من عمرهم."
أين تريد أن تعيش؟
يقول كيركلاند إن الخبراء الذين يخططون لزيارة طوكيو عليهم فقط أن يفكروا بمركز المدينة.
ويضيف: "سابوربيا في طوكيو مملة، ولكن بشكل محبب، ويشعر فيها الأجانب بالخصوصية نظراً لأن غالبية قاطنيها من الطاعنين في السن."
كما أن القطار لا يمر بها منتصف الليل، مما يجبر السكان على العودة إلى بيوتهم مبكرين.
ويضيف كيركلاند: "الاستثناء الوحيد هو أن تعيش في نهاية خط القطار، حيث ستتمتع رغم ذلك بميزة سهولة الوصول للمدينة بسرعة خلال ساعات النهار، فضلاً عن قربك من المناظر الطبيعية و من شاطيء المحيط."
وتعتبر المناطق المحيطة بضاحية شيبويا مثل دايكانياما، وناكاميغورو، وأوياما، وايبيسو من أهم المناطق التي يرتادها الشبان والمبدعون.
وإذا أردت أن تشعر بالفخامة والرقي قرب شيبويا، كما تقترح نتالي دون، فعليك بمنطقة غاينماي، وهي ضاحية قريبة من أوموتيساندو المعروفة بأنها شانزيليزيه اليابان، نظراً لاتساع شارعها الرئيسي المحفوف بالآشجار.
وتقول دون "غاينماي منطقة رائعة، ومكان ملائم للسكن، وبتكلفة تتلاءم مع اختيارك."
وأقامت دون أثناء دراستها في اليابان في منطقة ناكاتشو، التي تقع على بعد 10 كيلومترات من المدينة، والتي عشقتها بسبب قربها من طريق "أوياما السعيد"، وهو شارع مغطى ومزدحم ببسطات الفواكه، والمتاجر والمطاعم التي تكسب المنطقة إحساساً "بالصخب المحبب".
وتعتبر أسعار السكن في ضاحية مينامي سينجو التي تبعد 18 كيلومتر شمال شرقي مركز المدينة منخفضة لسبب مدهش وذلك لأنها "كانت أقل المناطق جذباً للجمهور بسبب ماضيها السيء إذكانت أرضاً لتنفيذ حكم الإعدام إبان حقبة إيدو التي انتهت عام 1868" بحسب ما يقول أندرو هول الذي يعمل في فندق شينزانزو طوكيو.
ونظراً لأن غالبية الأجيال الشابة لا تتأثر بما يقال عن تاريخ المكان، فإنها تعج بالعائلات والأطفال والوافدين.
ما هو مكان إقامتك المفضل؟
يتفق السكان على أن طبيعة التصميم المعماري للبناء في طوكيو يجعل الخيارات محدودة.
فالمنازل والبنايات الشاهقة يجب أن تكون مصممة بطريقة تقاوم الزلازل، وتجنح التصاميم إلى مراعاة الناحية العملية. و يعيش أغلب الناس في منازل بسيطة، أو في شقق توفر خصوصية عالية لساكنيها.
ولا يعني الشكل الخارجي البسيط أن المكان من الداخل ليس في غاية الجاذبية والجمال.
وتقول دون: "المبنى الذي يبدو عادياً من الخارج، يمكن أن يكون مطعماً رائعاً أو منزلاً فخماً من الداخل، إذ أن عددا من أفضل المطاعم اليابانية التي ذهبت إليها كانت تقع في الدور الرابع أو الخامس من بنايات تبدو وكأنها بنايات مكاتب."
أين يمكن أن تذهب؟
ونظراً لموقع طوكيو المتوسط، تعتبر المدينة قاعدة ملائمة للانطلاق للسياحة في بقية أرجاء اليابان. ويقترح كل من هول ودون الذهاب إلى حمامات الينابيع الساخنة في عطلة نهاية الأسبوع.
كما يقترح هول اختيار هاكوني التي تقع على بعد 100 كيلومتر جنوبي طوكيو، بسبب مناظر جبال فوجي الخلابة ولممارسة رياضة السير في الطرق الجبلية هناك.
أما دون فتقترح الذهاب إلى اويدو أونسين مونوغاتاري، التي تبعد حوالي 18 كيلومتر أو أقل من ساعة بالقطار عن شيبويا، بسبب حماماتها الرملية، وخدمات تنعيم الأظافر والأقدام عن طريق الأسماك.
وعلى مسير 10 دقائق من أويدو أونسين مونوغاتاري، تعتبر سيجا جويبوليس مكاناً لا غنى عنه لمحبي ألعاب الفيديو، حيث تتميز بمعارضها التاريخية وطوابقها المتعددة.
أما الراغبين في قسط من الراحة من صخب المدينة الكبيرة، فتوفر لهم منطقة أوكوتاما رحلات التجديف في القوارب والتي تتضمن كذلك التزلج على شلالات المياه والسير عبر الغابات الكثيفة.
ويوفر مطارا هانيدا وناريتا الدوليين إمكانية السفر إلى تايوان، وسيول وشنغهاي التي تبعد أقل من أربع ساعات بالطائرة.
كم تبلغ تكلفة المعيشة في طوكيو؟
صنفت طوكيو المدينة الأولى في قائمة "ميركر" الدولية لتكلفة المعيشة عام 2012، والمدينة الثامنة في إحصاء عام 2014، رغم ذلك يقول سكانها إن تكلفة المعيشة ليست مبالغاً فيها.
ويقول كيركلاند: "إن استطعت التكيف مع سكن أصغر، ولا تمتلك سيارة، وتتخلى عن بعض العادات الاستهلاكية الغربية، كالخمور والأطعمة العضوية، ستصبح طوكيو أقل تكلفة من لندن، وعدد غيرها من المدن الغربية الرئيسة."
فالطعام الجيد لا يكلف مالاً كثيراً، إذ يبدأ سعر وجبة محترمة من السوشي بأقل من 850 يناً، ويعتبر سعر طبق من النودلز محتملاً كذلك. حتى في مطاعم الصيحات الحديثة، يمكنك تناول الطعام مقابل 1,700 ين إذا لم تطلب الكحول.
وتقول دون: "إذا ما قررت أن تنفق 20 ألف ين أو 2,000 ين، فبإمكانك أن تجد دائما وجبة شهية تعجبك."