تباينت آراء المصريين، وردود أفعالهم تجاه الأحاديث الإعلامية التي أجراها الرئيس السابق حسني مبارك بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير مباشرة، وبعد انتخاب الرئيس محمد مرسي، كأول حاكم بعد الثورة، وفي تقرير إعلامي عرضه برنامج "الحدث المصري" المذاع على فضائية "العربية" لمعرفة آراء عينة من الشعب المصري تجاه أحقية مبارك في الحديث لوسائل الإعلام من عدمه، وانقسموا إلى فريقين، أما الأول فأكد على "أن مبارك مسموح له التعبير عن رأيه كرئيس للبلاد لمدة 30 عاماً"، وجاء في المقابل فريق آخر يقول إن تصريحات مبارك الجديدة هدفها هو إثارة القلاقل والشجون أو استعطاف الشعب المصري ومداعبة عواطفه، خاصة أن إنعكاسات عصره بخصوص التنمية ومستوى معيشة المواطن واضح. شاهد الفيديو مبارك من ناحيته قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسي بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إن سقف التوقعات للمصريين في 2011 كان كبيرة من الحرية وبناء إقتصاد، ونظام سياسي ديمقراطي، واستعاد الأموال المصرية المنهوبة للخارج، لكن في عام 2013 أصبح سقف التوقعات العالي محبط للمصريين ونشأت مقارنة ضمنية على ما يحدث اليوم وبالأمس القريب، مضيفاً خلال حواره في برنامج "الحدث المصري" على العربية، أن تأويل التسجيل الصوتي للرئيس السابق مبارك الذي أذاعته فضائية "العربية" عام 2011 كان مناسباً للحالة المزاجية للرأي العام. وأضاف العالم أن التأويل طرح تساؤلًا مفاده"هل تسعى المملكة العربية السعودية إلى إصلاح صورة مبارك في ذهن المصريين؟ خاصة وأن مالكها هو الوليد الإبراهيمي، أحد رجال كبار الإعمال والأسرة الحاكمة في المملكة"، مؤكداً على أن هناك تفسير آخر لإذاعة "العربية" التسجيل الصوتي لمبارك عام 2011 يكمن في التساؤل " لماذا أختص مبارك هذه القناة دون غيرها لإذاعة رسالته؟"، "والإجابة واضحة أن أصحاب القنوات الأخرى مثل دريم أو المحور أو أون تي في كانت ستتأثر مصالحها وتوجهات الرأي العام المضادة لمبارك في هذا الوقت"، على حد قوله. وأوضح العالم أن هناك قاعدة نفسية تستخدم في الإعلانات وهي "التنافر المعرفي"، و "التدعيم المعرفي" فحينما تتعدد لدى المستهلك بدائل مختلفة من السلع والخدمات يحدث هناك تنافر معرفي لكن حينما يقوم بتحديد منتج بديل باعتباره السلعة المناسبة لقدرات المستهلك الاقتصادية فلن يحدث أي تنافر معرفي، وكذلك الحال في التعامل مع الرؤوساء والنظم الحاكم، لافتاً النظر غلى أن الشعب المصري لم يجد ما توقعه بعد الثورة بعدما تم تدعيم سلوكه الثوري بعد الثورة ما أصابه بالقلق وبدأ يفكر في إنجازات النظام السابق. شاهد الفيديو الرئيس السابق حسني مبارك وأشارالعالم إلى أن حوار جريدة "الوطن" مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك فشل في تحقيق التأثير المطلوب على المصريين، بينما حوار "العربية" مع مبارك كان بمثابة الحدث المستقل الهام وكان مخطط له ومعد مسبقاً، وتم تأويله ضد "العربية" آنذاك، لكن حوار جريدة الوطن مع مبارك جاء في سياق حدث أكبر وهو المحاكمة فلم تهتم به وسائل الإعلام في ظل اهتمامها بالمحاكمة فاعتبرته حدثا فرعيا". ولفت النظر إلى أن الإعلاميين فشلوا في تحقيق السبق الصحفي وقت ثورة 25 يناير فاتهموا قناة "العربية" بالانحياز لمبارك وقت إذاعتها لمقطع صوتي للرئيس السابق عقب تنحيه عام 2011، مؤكدًا أنه تم تأويل مكالمة "مبارك" مع العربية فى 2011 واتهامها بأنها ضد الثورة، وتابع: "هناك تساؤلات مهنية كثيرة خلال 2013، وأطرح سؤالا للإعلاميين، هل كل اللقاءات مع الرؤساء تتم كما نراها أم أنها مجرد دردشة مع أحد كبار الصحافيين ويتم بعدها التقاط عدة صور يختار منها المستشار الإعلامي للرئيس ما يشاء؟"، وشدد أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة على أن أحاديث الرؤساء في الفترة الماضية ليست حقيقية ولكنها أحاديث مستنبطة. من ناحيته قال الدكتورمحمد غنيم، أستاذ الطب النفسي،أن الشعب المصري كان يسير عملياً على نظرية (العدو المشترك) المتمثل في الرئيس السابق مبارك ونظامه في عام 2011 وكان مستعداً لاستمراره في الثورة والتغيير وهذا كان أحد أسباب نجاح الثورة ولم تكن مشتتة في هدفها الأول، لكن بعد إزالة مبارك من على رأس الحكم بالتالي سقط الهدف المشترك، ولما ظهرت "العربية" بحديثها مع مبارك كان من الطبيعي أن يتم وضعها في خانة المتحالفين مع العدو المشترك. شاهد الفيديو أحاديث مبارك وأوضح غنيم أن كل التفسيرات كانت منصبة ضد العدو المشترك ولكن بعض العقلاء بدأوا يقبلون مساحة للاختلاف واعتبروا الموضوع من الناحية المهنية البحتة وأنه سبق صحفي، لكن في الوقت الحالي بعدما نشرت صحيفة "الوطن" حواراً قام بتكذيبه محامي الرئيس السابق مبارك "فريد الديب"، فلم يلقى أي إهتمام من المصريين الذين يرون أن عهد مبارك كان أفضل بسبب الاحباطات السياسية الحالية. من جهته أوضح الاعلامي حسين عبدالغني، أن ابتعاد شباب الثورة والمثقفين المصريين عن المشهد بعد حكم جماعة الإخوان المسلمين، وبسبب الآداء المبتز والفاشل لنظام الرئيس محمد مرسي دفع المصريين عدم الاهتمام سواء بالايجاب أو بالسلب لأحاديث مبارك الإعلامية عكس ما حدث بعد الثورة مباشرة في ظل الأمل في تحقيق أهدافها الموعودة، أما الاعلامي عبدالله السناويفقال إن الآداء الرئاسي الحالي وتكذيب حوار مبارك مع صحيفة "الوطن" دفع المصريين لا يهتمون نتيجة الاحباطات التي يشعرون بها، بينما كان السؤال الخاص بالمصريين والمثقفين وقت حوار مبارك للعربية " هل فعلاً أجرى الحوار مع العربية، أم أنها كانت كلمة معدة خاصة أنه قال ذلك في تسجيل صوتي دون وجود إعلامي، وفي الحالتين فالرأي العام المصري يتغير بتغير النظم السياسية".