اعلن الرئيس السوري بشار الاسد خلال لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في دمشق الثلاثاء استعداد بلاده للتعاون مع اي جهد يدعم الاستقرار في سوريا، في وقت طالبت دول الخليج سفراء "النظام السوري" بمغادرة اراضيها بشكل فوري، وتواصل مسلسل استدعاء السفراء الغربيين من سوريا. وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان الاسد جدد خلال لقائه مع لافروف "استعداد سوريا للتعاون مع اي جهد يدعم الاستقرار" في البلاد. وقال الاسد ان "سوريا رحبت منذ البداية بأي جهود تدعم الحل السوري للازمة والتزمت خطة عمل الجامعة العربية (...) وتعاونت بشكل كامل مع بعثة المراقبين العرب بالرغم من عرقلة بعض الاطراف العربية لعمل البعثة". واضافت الوكالة ان الاسد "شكر باسم الشعب السوري روسيا على مواقفها في مجلس الامن الدولي وحرصها على تغليب لغة الحوار وترسيخ الحلول الوطنية بدلا من التصعيد وسياسة الاملاءات التى تمارسها بعض دول هذا المجلس". واكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من جهته التزام الرئيس السوري وقف اعمال العنف في بلاده. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن لافروف قوله "عقدنا لقاء مفيدا جدا. واكد لنا الرئيس السوري انه ملتزم بالكامل بالعمل لوقف اعمال العنف ايا كان مصدرها". كما اكد لافروف ان روسيا اكدت استعدادها "للمساهمة في التوصل الى مخرج للازمة على اساس المبادرة التي اقترحتها الجامعة العربية". واوضحت الوكالة السورية ان المبادرة المقصودة هي تلك التي تم الاتفاق عليها في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وتنص المبادرة على وقف اعمال العنف من اي جهة أتت، وعلى سحب الجيش من الشوارع، وفتح البلاد امام وسائل الاعلام الاجنبية، وارسال بعثة من المراقبين العرب لمراقبة تنفيذ الخطة. ونقلت سانا عن لافروف قوله للصحافيين ان الاسد "اكد التزامه كما هو وارد في الخطة العربية بمهمة وضع حد للعنف مهما كان مصدره. ولهذا الغرض تؤكد سوريا اهتمامها بمواصلة العمل مع بعثة مراقبي جامعة الدول العربية ورفع عدد المراقبين كي تنتشر في كل النقاط المطلوبة وكي تتأكد بنفسها من اي خروقات او انتهاكات لمبدأ عدم جواز السماح بالعنف مهما كان مصدره". وحضر اللقاء بين الاسد ولافروف نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم. وأعد للوزير الروسي استقبال شعبي حاشد على طرق العاصمة حيث تجمع الالاف من مناصري النظام في شارع المحلق الجنوبي الذي يصل مطار دمشق الدولي بحي المزة في دمشق للتعبير عن تقديرهم لموقف بلاده "الداعم لسوريا ولشعبها وبرنامجها الاصلاحي"، بحسب الشريط الاخباري للتلفزيون السوري الذي كان يبث الصور بشكل مباشر. وفي ظل استمرار اعمال العنف في سوريا التي اوقعت خلال الايام الثلاثة الماضية مئات القتلى "قررت دول مجلس التعاون الخليجي سحب السفراء من سوريا والطلب في الوقت ذاته من جميع سفراء النظام السوري مغادرة اراضيها وبشكل فوري" بحسب بيان رسمي للمجلس. واوضح البيان ان هذه الخطوة تاتي "بعد ان انتفت الحاجة لبقائهم بعد رفض النظام السوري كل المحاولات واجهضت كافة الجهود العربية المخلصة لحل هذه الازمة وحقن دماء الشعب السوري". كما اعلنت كل من هولندا وفرنسا واسبانيا وايطاليا استدعاء سفرائها من سوريا "نظرا لتصاعد حملة القمع التي يشنها النظام السوري". وكانت بريطانيا استدعت سفيرها امس الاثنين، فيما اعلنت واشنطن اغلاق سفارتها في سوريا. واعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء ان تركيا ستطلق "مبادرة جديدة" دولية بشان سوريا "تدعم الشعب وليس النظام"، من دون ان يوضح طبيعة المبادرة. واعتبر النائب الديموقراطي جون كيري الذي يتراس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي، الثلاثاء ان الازمة في سوريا "تختلف كثيرا" عن الحالة الليبية، داعيا روسيا والصين الى دعم تحرك الاممالمتحدة ضد نظام بشار الاسد. من جهته، حض السناتور الجمهوري جون ماكين الولاياتالمتحدة الثلاثاء على درس فكرة تسليح المعارضة السورية التي تقاتل القوات التابعة لنظام الرئيس بشار الاسد. وقال ماكين للصحافيين "علينا ان نبدأ بدرس كل الخيارات، بما في ذلك تسليح المعارضة. حمام الدم (في سوريا) يجب ان يتوقف". واعتبر وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني الثلاثاء في لشبونة انه ينبغي "ممارسة كل الضغوط الممكنة" على النظام السوري لوقف اعمال العنف لكنه استثنى من ذلك "التدخل العسكري". ودعا الوزير التركي للشؤون الاوروبية ايغيمن باغش الاسرة الدولية الى التحرك لوضع حد "للمجازر" التي يتعرض لها المدنيون في سوريا باقناع النظام باجراء اصلاحات ديموقراطية. ميدانيا، قتل 25 شخصا بينهم اربعة جنود الثلاثاء في سوريا، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. ففي محافظة حمص (وسط)، قتل 16 شخصا بينهم طفل وامرأة في حين قتل اربعة جنود في الجيش السوري على ايدي مجموعة منشقة. وقال ابو رامي المقيم في حمص في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس في بيروت ان "الحالة الانسانية سيئة جدا" في المدينة، و"لا احد يمكنه التنقل والقناصة منتشرون في كل مكان". وقال هادي العبد الله عضو الهيئة العامة للثورة السورية في حمص، ان الاهالي افادوا من هدنة قصيرة بعد منتصف الليل لتفقد المنازل، و"استطاعوا الوصول الى منازل مهدمة واخرجوا منها جثثا كثيرة دفنوها في احدى حدائق بابا عمرو". واضاف "ان بعض الجثث مقطعة وهناك اشلاء". وتابع العبد الله ان هناك "مشفى ميدانيا واحدا في بابا عمرو لا يزال يعمل رغم اصابته امس بقذيفة هاون. وقد اطلق نداء استغاثة بسبب انتهاء المواد الطبية. لم يعد لديه شاش ولا قطن، ولا مواد مسكنة ولا ادوية التهاب او تخدير واوكسجين ووحدات دم". وفي ريف دمشق، قتل خمسة اشخاص في قصف على مدينة الزبداني من قوات الجيش النظامي التي تحاصر المدينة. وبالتزامن مع ذلك، خرجت تظاهرات عدة في دمشق ودرعا (جنوب) وريف دمشق وادلب (شمال غرب) والسويداء (جنوب) "لنصرة حمص"، بحسب ناشطين. وفي شريط فيديو وزعه ناشطون ولا يمكن التأكد من صحته، شوهد متظاهرون يسيرون ويهتفون "يا بشار باي باي بدي شوفك بلاهاي"، في اشارة الى المحكمة الجنائية الدولية. وفي شريط فيديو آخر، رفعت لافتة في تظاهرة في السويداء كتب عليها "بوتين (رئيس الوزراء الروسي) اين ضميرك؟"، واخرى كتب عليها "حمص تقصف، اين انتم يا عرب؟". ودعا المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر في نداء مشترك وزع الثلاثاء رجال الاعمال السوريين والعرب الى المساهمة في تمويل عمليات "الدفاع عن النفس" وحماية المناطق المدنية. وجاء في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه "نوجه دعوة حارة الى رجال الاعمال السوريين والعرب للمساهمة المباشرة والفاعلة في التمويل المشروع لعمليات الدفاع عن النفس وحماية المناطق المدنية في اطار الجيش السوري الحر، وتأمين الامكانات اللازمة لحماية جبهتنا الداخلية". واوضح النداء ان "الامكانات المتوفرة لا تكفي لصد الهجمة التي تلقى دعما وتمويلا من قوى اقليمية ودولية توفر السلاح والذخائر للنظام". ويأتي هذا النداء المشترك بعد انتقادات لاذعة وجهها قائد الجيش الحر العقيد رياض الاسعد عبر تلفزيون البي بي سي الاثنين الى المجلس الوطني، واصفا اياه ب"المجلس الفاشل" الذي لم يقدم اي دعم الى الشعب السوري.