لم أشك لحظة واحدة في انتزاع محمد صلاح الأسطورة الحية. وأيقونة كرة القدم المصرية. للكرة الذهبية وتتويجه ملكاً علي عرش القارة السمراء. فهو أفضل وبالأرقام من منافسيه ساديو ماني زميله في ليفربول الانجليزي. والجابوني بيير إيميريك أوباميانج لاعب بروسيا دورتموند الألماني. وبعيداً عن التتويج المستحق. فإن جائزة النجم المصري ليست مجرد جائزة عابرة. ولا هو نفسه مجرد لاعب كرة عالمي متميز. بل أصبح هذا الشاب المكافح المهذب المتدين المحب للنجاح والتألق. وضارب الأرقام القياسية والعاشق لوطنه. رمزاً لهذا الجيل من شباب مصر. "أبومكه" أهم وأضخم المشروعات القومية لبلادنا في السنوات الأخيرة علي الإطلاق. فلم يلتف المصريون حول هدف واحد منذ انفجار الربيع المصري. كما التفوا حول "أبو صلاح". وكأنه مشروعهم ورهانهم الوحيد. مزقت الخلافات أوصال المصريين طوال السنوات الأخيرة. تناحروا واختلفوا واشتبكوا. وشككوا في كل شئ. حتي علي حب الوطن والانتماء إليه. شكك البعض في المشروعات القومية. وفي قدرة الدولة علي مجابهة الارهاب. وفي تفسير ما مرت به مصر في السنوات السبع الأخيرة. هناك من يدافع عن الإخوان رغم ارهابهم. في المقابل تجد بعض السيساوية ملكيين أكثر من الملك. لم نتوحد علي كلمة سواء. ولم نتفق إلا علي ألا نتفق. وبات الخلاف ظاهرة في البيت والشارع والمدرسة والجامعة وحتي علي المقاهي. معالم مصر تبدلت ودخلنا في نفق مظلم. مع الارتفاع الجنوني في الأسعار. الذي أصبح شبحاً يهدد بفناء كل الطبقات الفقيرة. ومستقبل لا يعلم ملامحه سوي رب العباد. وسط هذا التوهان والسواد الذي نراه بالعين المجردة. ظهر محمد صلاح. كشمعة مضيئة في أخر النفق. ليعيد إلينا مصريتنا ووطنيتنا. ويؤكد أن بلادنا رغم الآنين والاجهاد والتعب "فيها حاجة حلوة".