استحوذت مباراتا الكلاسيكو الشهيرتين بين برشلونة وريال مدريد علي اهتمام ومتابعة كل جماهير الساحة الرياضية المصرية.. انفضت تلك الجماهير عن كل مشاغلها وانصرفت عن ملاحقة الاخبار الخاصة باستعدادات الأهلي والمصري للقائهما المرتقب في نهائي كأس مصر بالرغم من أهمية هذا اللقاء غير التقليدي والأعداد الغفيرة التي تشجع الطرفين سواء في طول البلاد وعرضها بالنسبة للأهلي أو في محافظات خط القناة بالنسبة للمصري وركز الجميع في ترقب تلك المواجهة الصعبة وما سيسفر عنه هذا الصدام الشرس بين أفضل فريقين في العالم وما يضمان من مواهب فذة ولاعبين مهرة ومدربين مشهورين.. ورغم أن لقاء الذهاب الذي جري يوم الاحد الماضي باستاد الكانب نو وهو ملعب برشلونة قد أسفر عن هزيمة ثقيلة لأصحاب الارض بثلاثية مقابل هدف.. غير أن تلك الهزيمة الصادمة لم تعصف بكل الآمال ولم تبدد كل الطموحات لدي العاشقين للبارثا كي يعوضوا ما فاتهم خاصة بعد واقعة الطرد التي شهدتها المباراة الأولي لأفضل لاعبي العالم كريستيانو رونالدو الذي بدا نرجسيا مستهترا ويحتاج لتقويم أخلاقي بالرغم من الهدف الرائع الذي احرزه والذي يعتبر تاريخيا من حيث الاداء الرشيق والقدرة الفائقة والتسديد القوي.. ما يهمني وأنا استعرض هذا الكلاسيكو التاريخي هو السلوك الجماهيري الرائع الذي اتصفت به أعداد لا تقل عن التسعين ألف مشاهد وهي تساند فريقها الذي يمر بأكثر من أزمة سواء في رحيل الخطير نيمار البرازيلي الذي باع نفسه بريالات ودولارات قطر المستفزة.. أو لانخفاض مستوي الداهية ميسي أمام غابة السيقان التي شكلها المدير الفني الفرنسي زيدان من خلال اقدام سيرجي راموس ورفاقه او لسوء التوفيق وقلة الحظ الذي عاند اصحاب الأرض فأهدروا فرصا بالجملة.. وللحقيقة فإن المدرجات سواء في الكانب أو اوسنتياجو برنابيه أدمت قلوب المخلصين المصريين وآلمت صدورنا ونفوسنا هما وكمدا علي الخواء والخلو "المدرجاتي" الذي تشهده ملاعبنا.. يشعر المصريون أنهم لن يصلوا إلي هذا المستوي وتلك الغاية ربما بعد عشرات السنين.. المدرجات عندنا تشكل طلسما محيرا ولغزا غريبا لم يستطع أحد حل شفرته من كل المسئولين عن الرياضة والامن في بلدنا.. فما بالك بالمبادئ الاخلاقية والأعراف السلوكية والمقومات الانضباطية التي تتحلي بها هذه الجماهير.. ولم يكن لاعبو اسبانيا أقل قيمة وقامة من الجماهير.. قدموا تابلوهات خططية وادائية وحركية ومهارية رائعة.. بهروا العالم باسره الذي اقبلت رموزه في كل ارجاء الكون علي التهام تلك الوجبة الدسمة في هذه الوليمة الرائعة التي جاءت فصولها علي مرتين بينهما فاصل قصير.. وإذا كانت هذه البدايات بهذه القوة وتلك المقدرة.. فما بالك عندما تتواصل الفصول وتستمر المشاهد وتتعمق الحساسية وتترسخ الخبرات.. بالتأكيد ستشاهد الافضل والاجمل إن شاء الله.