لدى مشكلة كبيرة، مع عائلة الأسد، منذ سنوات عديدة، خصوصا مع سنة التوريث، التى سنها حافظ الأسد، التى من أجلها اشتعلت الثورات، فى العالم العربى كله، بعد أن أسال بها لعاب السادة الطغاة، الذين يحكمون العالم العربى كله تقريبا، الذين يعتبرون أنفسهم سادته، وشعوبهم عبيد إحساناتهم، فالرجل لم يكتف أيامها بأنه يحكم شعبه بالحديد والنار، ولا يحتمل كلمة معارضة، التى تصيبه بأرتيكاريا الديكتاتورية، وهى نوع من الأرتيكاريا، لا يعالج بإرادة صاحبه دوما، وإنما بثورة شعبه عليه، ويترك خلفه توابع، تتمثل فى المحاكمة، أو الفرار، أو الإعدام، ومشكلة هذا النوع من الأرتيكاريا، أن المصابين به لا يتعلمون من التاريخ، أو ممن سبقهم أبدا، ويتصورون أنهم سيخالفون سنة الكون، ولن يسقطوا أبدا، ناسين أنهم سيمكرون، ويمكر الله سبحانه وتعالى، وهو خير الماكرين، والأسد الكبير لم يحتمل فكرة الخروج من السلطة، حتى بعد وفاته، ولأنه يدرك أن بلاويه، وبلاوى بطانة السوء المحيطة به، ستنكشف وتصبح فضيحة كبرى، بعد وفاته، ولأن بطانته أيضا كانت تدرك ذلك، فقد أوحى إليه عقله المريض بفكرة التوريث، حتى يطمئن، وتطمئن بطانته، إلى أنه حتى بعد وفاته، سيأتى من هو ستر وغطاء على بلاويه، خصوصا أنه، كأى ديكتاتور، لم يكن يثق كثيرا فيمن حوله، خصوصا قد رأى السادات ينقلب على عصر عبد الناصر، بعد توليه السلطة، على الرغم من أنه ينتمى إلى العصر نفسه، وأدرك أن هذا سيتكرر بعده، ما لم يكن ابنه هو من سيحل محله، ويتولى مقاليد السلطة فى البلاد، ولأن بطانته أيضا لم تكن تثق فى بعضها البعض، فقد وافقت على الفكرة، وأيدتها، وقالت لنفسها وله: إشمعنى يعنى النظم الملكية ؟! وبدأ الأسد الكبير يعد ابنه باسل، لتولى السلطة من بعده، ولكن الحركات الرافضة لم تقبل بالفكرة، فتم اغتيال باسل، وأشيع أيامها أنه قتل فى حادثة، ونقل الأسد الكبير فكرة التوريث إلى الأسد الصغير بشار، وبدأ إعداده للتوريث، وراقب باقى الطغاة التجربة، ومات الأسد، واجتمع البرلمان السورى، ليعدل الدستور فى يوم وليلة، بحيث تتوافق سن المرشح مع سن الوريث، وكان هذا درسا آخر للسادة الطغاة، أنه يمكن السيطرة على الأمور، حتى بتغيير الدستور نفسه، ما دام الطغاة متآزرين، وجاء الأسد الصغير مكان الأسد الكبير، وترقب طغاة العالم العربى رد الفعل، وأدهشهم أن شيئا لم يحدث، وأن لعبة التوريث قد مرت بنجاح، دون ثورة ولا يحزنون، فتساءلوا بدورهم: وليه لأ ؟! وسال لعاب الطغاة أكثر وأكثر، وبدؤوا فى الاستعداد لفكرة التوريث. وللحديث بقية