جلال عامر : هاى شلة

الخلية الأولى التى يقوم عليها بناء المجتمع المصرى هى «الشلة» التى تلتف حول الشخص وتحتويه، ومواطن دون «شلة» مثل طبيخ دون «حلة»، وأسوأ ما اكتشفته فى الحياة عندما دخلت مجال الإعلام أننى عملت «أسرة» ونسيت أعمل «شلة» ولم أفرق بين شروط تكوين «حزب» على أساس دينى وشروط تكوين «شلة» على أساس فئوى.. كل تنظيم فى بلادنا يتحول بعد حين إلى «يرقة» ثم إلى «شلة» كاملة النمو يعلو صوتها فى موسم الجوائز وكما يترقى «المرتب» ويتحول إلى «أتعاب» تترقى «الشلة» وتتحول إلى «حاشية»..
والشلل (بكسر الشين) تؤدى إلى الشلل (بفتح الشين) لأنها تفضل صديق البار على الصديق البار، وطول عمرنا يحكمنا صاحب صاحبه.. صاحب جلالة ومجلس حاشية وصاحب ثورة ومجلس قيادة وصاحب عبور ومجلس أنس وصاحب ضربة ولجنة سياسات وعندما سألوا المرحوم «أنور السادات» عن حيثيات تعيين «مبارك» نائباً له قال لأنه يأكل كويس وليس له شلة مع أنه كان هناك فى هذه الفترة من يأكل أكثر منه.. والشلة هى التى تستدعى أعضاءها يغطون شاشة التليفزيون لمنع الأتربة ويغطون صفحات الصحف لمنع الاقتراب والتصوير.. وفى كل مؤسسات الدولة الوظيفة الأولى للشلل هى اكتشاف المواهب والإبلاغ عنها والحصول على تفويض من مجلس الأمن لضربها وحرمان البلد منها..
ونظام الشلة هو الذى جعل وزير البترول السابق يحول الذهب الأسود إلى ذهب أصفر يهديه لمبارك ولا يهديه لى.. وجعل مقاعد البرلمان هدايا ومقاعد الوزارة هبات وحول «القطاع العام» إلى «البتاع العام».. وبتلومونى ليه على إيه بتلومونى؟ فكل شلة ولها أسرارها مثل النادى «الماسونى» وكل عين وقصادها صباع وكل صباع وفيه خاتم وهى التى تحيل اللواء على المعاش ثم تحيله علينا لتحيى المواكب وتميت المواهب ومن له «شلة» له «ضهر» ومن له «ضهر» لازم يدعكه يطلع له عفريت الطلبات ومطلوب الآن أن نصرف العفريت ونغلق البار ونطرد الشلة ونتحول إلى دولة مؤسسات وأن ننبذ الشلل ونتوحد ونأخذ العبرة من أيام «مينا» موحد القطرين على مزلقان العياط.