كانت المحاكم الشرعية قد خصت فى مصر بالفصل فى الأحوال الشخصية وجرى الفصل فيها بمذهب الإمام أبو حنيفة , وقد ذهب إبو حنيفة إلى ان الكفاءة شرط فى صحة النكاح , لان الزواج يعقد للعمر , ويشتمل على أغراض ومقاصد , كالصحة والألفة وتأسيس القرابات , ولا ينتظم ذلك عادة إلا بين الأكفاء .. ومن أكبر القضايا التى قامت فى مصر بسبب هذا الشرط , هى القضية المعروفة بقضية الزوجية , وقد قامت بين الشيخ على يوسف صاحب جريدة المؤيد , والسيد " أحمد عبد الخالق السادات " , وهو من الوفائية المنتسبين إلى الحسن بن على رضى الله عنهما , وكان هذا بسبب عقد الأول على أبنه الثانى – وهى السيدة صفية السادات برضاها دون رضاه . وقد نظرت المحكمة فى هذه الدعوى , حيث تبين لها ان السيدة صفية عقدت عقدها على الشيخ على يوسف ووكلت الشيخ " حسن السقا " الخطيب بالازهر بمنزل السيد " توفيق البكرى " بالخرنفش . وذلك دون علم والدها ورضاه .. فلهذه الأسباب قررت المحكمة الحيلولة بين الشيخ على يوسف والسيدة صفيه , وتسليمها لوالدها ليحول بينها إلى الفصل فى هذا الموضوع .. فلما توجهت القوة التنفيذية لتنفيذ حكم الحيلولة بين الزوجين إعترضا بانه غير صالح للتنفيذ , فإمتنعت القوة التنفيذية عن تنفيذ الحكم , ولم تفرق بين الزوجين , ولكنهما رأيا بعد ذهاب تلك القوة أن يجريا بينهما حيلولة إختيارية , فذهبت "صفية" إلى بيت الشيخ " عبد القادر الرافعى " وهو من كبار علماء الأزهر , ومن أصدقاء والدها .. ولما حصل هذا , عاد القاضى " الشيخ أبو خطوة " إلى النظر فى تلك القضية .. وكان مما ذكره المحامى فى دفاعه أن إبنه موكله بلغت مبلغ النساء , وليست مأمونة على نفسها حتى تنفرد بالسكنى عنده , ولهذا يطلب أن تضم على موكله فى السكنى وأن يحكم ببطلان العقد الذى جرى بينها وبين الشيخ على يوسف لعدم الكفاءة ولأن موكله شريف علوى لا يخفى نسبة منذ ثلاثمائة سنة , فلا يكافئ إبنته إلا من يكون شريفاً علوياً مثله , والشيخ على يوسف مجهول النسب وهو كغالب أهل القرى من الاعاجم ولا يعرف لهم نسب بين العرب.. وكذلك لا كفاءة بين موكله والشيخ على يوسف من جهة الحرفة , لان حرفة الجرائد التى يحترفها الشيخ على يوسف , حرفة دنيئة لأنها تقوم على التجسس وكشف الأسرار وإنما تشرف هذه الحرفة بشرف صاحبها , بأن تكون غايته المصلحة العامة , ونشر الفضيلة , ومحاربة الرذيلة , وليس الشيخ على يوسف ممن تشرف بهم هذه الحرفة لأنه يجهل أصول هذه الصنعة .. ومما ذكره المحامى فى دفاعه عن الشيخ على يوسف أنه طلب العلم بالأزهر , وكان مشهوداً له بالذكاء , ومعروفاً بالقدرة على الكتابة والإنشاء , ثم أنشأ جريدة المؤيدة ,وهى أحسن الجرائد العربية , أما السيد احمد عبد الخالق السادات فرجل جاهل لا يعرف القراءة والكتابة ثم ذكر أن موكله أكثر تديناً منه , وأن حرفته فى الجرائد من أشرف الحرف أما السادات فلا حرفة له الا أنه شيخ سجاده .. وبعد الإستماع إلى دفوع الخصوم حكم القاضى بعدم صحة عقد الزواج وعدم جواز إجتماعهما . وبعد هذه الجولة فى القضاء الشرعى عاد السيد أحمد عبد الخالق السادات فرضى عن إبنته (صفية ) ووافق على زواجها من الشيخ على يوسف , وإمتدت عشرة الزوجين الطيبة لعشرة سنوات حتى توفاه الله , وبذلك أنصف التاريخ " صاحب المؤيد " بما لم ينصفه به القضاء الشرعى فدون له التاريخ بين صفحاته ذكراً طيباً واثنى عليه ثناء حسناً لأن العلم لا يقاس بالشهادات انما يقيسه بما يكون للشخص من أثار علمية نافعة للحياة .