د. احمد عمر هاشم القضاء في عهد دولة الخلافة الاسلامية كان من الدعائم الرئيسية للدولة الاسلامية التي خرجت من حدود جزيرة العرب لتصل الي اوروبا غربا والصين شرقا وكان منارة لبقية المسلمين فيما بعد وفي الخلاف و الخصومة كان الحكم بين المتنازعين في امور الدنيا و كانت تجربة القضاء في عهد الخلفاء الراشدين أساسا لبقية الحضارات التي استلهمت المبادئ السامية للحكم الإسلامي في التشريع القضائي و في أولي حلقات القضاء في عهد الخلفاء الراشدين كان هذا الحوار مع الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق و عضو مجمع البحوث الإسلامية عن أهم ملامح القضاء في عهد سيدنا أبي بكر الصديق القضاء في عهد الخلفاء الراشدين هو أول تجربة قضائية للمسلمين بعد نبيهم صلي الله عليه وسلم ، فعهد النبوة تميز بالوحي و التشريع و عهد الخلفاء الراشدين هو المرحلة التطبيقية للقضاء تأسيساً علي نصوص الشريعة ، وتأصيلاً للأحكام علي ما فُهم من سنن الرسول الكريم و كانت الأحكام تحتاج إلي إعمال نظر وتأمل ومقايسة ، ولذا فقد كان من أهم مناهج الخلفاء - رضي الله عنهم - في قضائهم : هو كتاب الله و سنة نبيه و المشاورة وطلب الرأي فيما يعرض لهم من القضاء ابتغاء للحق ..................................................................... ؟ سيدنا أبو بكر الصديق عندما تولي الخلافة قام بتعيين سيدنا عمر ابن الخطاب قاضياً علي المدينة ومكث سيدنا عمر بن الخطاب سنة و لم يفتح جلسة أو يختصم إليه أحد 0 و احتار سيدنا عمر بن الخطاب في الأمر و كان يتابع أحوال المسلمين و أخيرا ذهب لأبي بكر الصديق و طلب إعفاءه من منصبه في القضاء و الحكم بين المسلمين 0 و قال له : يا عُمر أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء ؟ فقال ابن الخطاب : لا يا خليفة رسول الله 0 و لكن لا حاجة لي عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ماله من حق فلم يطلب أكثر منه 0 و عرف ما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه 0 أحب كل منهم لأخيه ما يحبه لنفسه إذا غاب أحدهم تفقدوه و إذا مرض عادوه و إذا افتقر أعانوه و إذا احتاج ساعدوه و إذا أصيب واسوه دينهم النصيحة و خلقهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ففيم يختصمون يا خليفة رسول الله و يضيف الدكتور احمد عمر هاشم : المسئولية الأولي تقع علي الاب في تربية الأبناء تربية صالحة و لو كان كل منا حكماُ و قاضياً علي نفسه لما كان هناك شكاوي أو بغض أو خلاف ..................................................................... ؟ سيدنا ابو بكر كان ولايته قصيرة عامين و بضعة أشهر و عقب طلب سيدنا عمر اعفاءه من منصبه كان يقضي بنفسه إذا عرض له قضاء ولم تفصل ولاية القضاء عن الولاية العامة في عهده ولم يكن للقضاء ولاية خاصة مستقلة كما كان الأمر في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم، إذ كان الناس علي مقربة من النبوة، يأخذون أنفسهم بهدي الإسلام، وتقوم حياتهم علي شريعته، وقلما توجد بينهم خصومة تذكر ..................................................................... ؟ مصادر القضاء كانت القرآن الكريم و السنة النبوية فالإجماع باستشارة أهل العلم والفتوي ثم الاجتهاد و كان سيدنا أبو بكر عندما يقضي في أمر و إذا أعياه شئ دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم علي الأمر قضي به و هنا نري ان سيدنا أبو بكر الصديق يري الشوري ملزمة إذا اجتمع رأي أهل الشوري علي أمر فلا يجوز للإمام مخالفتهم وهذا ما قال عنه في القضاء فإنه كان إذا اجتمع رأي المستشارين علي الأمر قضي به ..................................................................... ؟ الأمثلة كثيرة فعن قبيصة بن ذؤيب أن سيدة جدة جاءت إلي أبي بكر تلتمس أن تورث فقال : ما أجد لك في كتاب الله تعالي شيئاً، وما علمت أن رسول الله ذكر لك شيئاً ، ثم سأل الناس فقام المغيرة فقال : حضرت رسول الله يعطيها السدس فقال أبو بكر: هل كان معك أحد ؟ ( شاهد يعني ) فشهد ابن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر ، وكان يري أن القاضي لا يحكم بعلمه الشخصي، إلا إذا كان معه شاهد آخر يعزز هذا العلم و يضيف د : عمر هاشم قائلا : روي الإمام مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته : أن أبا بكر الصديق أتي برجل قد وقع علي جارية بكر فأحبلها و اعترف علي نفسه بالزنا ولم يكن أحصن فأمر به أبو بكر فجلد الحدَّ ثم نُفي إلي فدك وفي رواية بأنه لم يجلد الجارية ولم ينفها لأنها استكرهت، ثم زوجها إياه أبو بكر وأدخله عليها و سأل أحد المسلمين أبي بكر الصديق : عن رجل زني بامرأة ثم يريد أن يتزوجها قال: ما من توبة أفضل من أن يتزوجها، خرجا من سفاح إلي نكاح ..................................................................... ؟ أبداً لم يعرف أبي بكر المجاملة في القضاء بشرع الله و ابرز مثال علي ذلك ما حدث مع عمر بن الخطاب عندما طلق امرأته الأنصارية-أم ابنه عاصم- فلقيها تحمله بمُحَسِّر ولقيه قد فُطم ومشي، فأخذ بيديه لينتزعه منها، ونازعها إياه حتي أوجع الغلام وبكي، وقال : أنا أحق بإ بني منك. و اختصمها إلي أبي بكر، فقضي لها بالطفل وقال : ريحها، وحِجْرُها وفرشها خير له منك حتي يشب ويختار لنفسه وفي رواية: هي أعطف وألطف وأرحم وأحْن وأرأف، وهي أحق بولدها ما لم تتزوج و هو ما يعرف الأن بالحضانة --- ..................................................................... ؟ نعم كانت هناك آداب للقضاء تنص علي حماية الضعيف ونصرة المظلوم، والمساواة بين الخصوم وإقامة الحق و الشرع علي جميع الناس ولو كان الحكم علي الخليفة أو الأمير أو الوالي، وكان القاضي في الغالب يتولي تنفيذ الأحكام إن لم ينفذها الأطراف طوعاً واختياراً، وكان التنفيذ عقب صدور الحكم فوراً و لا يتهرب أحد من تنفيذ حكم القضاء لكونه حكما ارتضاه بشرع الله ..................................................................... ؟ إذا رحم كل منا أخاه و عامله بما يرتضي أن يعامله الناس به بمعني حب لأخيك ما تحبه لنفسك -- هل يكون بيننا مظلوم ..................................................................... ؟ اعاده الله علينا و علي أمة المسلمين أجمعين باليمن و البركات و هو شهر انتهاز الفُرص للتوبة و للتراجع عن كل ما يغضب الله