فجر قرار مجلس الوزراء الخاص بإعفاء الدواجن المستوردة من رسوم الجمارك قبل أن يتم العدول عنه مشكلة قطاع الدواجن حيث إن هذه الصناعة التي يعمل بها أكثر من 2 مليون فرد تعاني من عدد كبير من المشكلات سواء من حيث ارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج والذي شهد مؤخرا ارتفاعا كبيرا بسبب تحرير سعر الصرف لأن معظم هذه المستلزمات يتم استيرادها من الخارج. ومن بين المشكلات التي يعاني منها القطاع أيضا ضعف التحصينات الطبية التي يتم صرفها لمزارع الدواجن خاصة خلال فصول الشتاء والتي تزداد معه أمراض الدواجن، ولعل هذا هو ما يتسبب في نفوق الالاف منها بصورة شبه يومية، علي حد قول عدد من أصحاب المزارع، كما أن المعدات المستخدمة في هذه الصناعة هي الأخري لم تعد تعمل وفقا للشكل المطلوب سواء في المزارع أو المجازر أو الشركات الكبري، بسبب عدم تحديثها نتيجة ارتفاع أسعار قطع الغيار الخاصة بها، وتوقف عمليات الاستيراد في الفترة الأخيرة، كما أن الدولة أصبحت الآن أيضا لا تدعم الأمصال والفاكسيمات في ظل ارتفاع أسعارها المبالغ فيه. وعلي الرغم من كل المشكلات السابق ذكرها استمر القطاع واستطاعت هذه الصناعة الصمود والاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي وفقا لتصريحات وبيانات رسمية صادرة عن وزارة الزراعة، ولكن يحذر الخبراء من أن هذا الوضع قد لا يستمر كثيرا ما لم تتدخل الدولة بخطة حقيقية من أجل دعم وحماية هذه الصناعة التي تعتبر من الصناعات القليلة التي ما زالت صامدة رغم كل الأزمات التي واجهت الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة. ويصل حجم إنتاج الدواجن في مصر سنوياً - وفقاً لتقرير صادر عن الغرف التجارية - إلي مليار دجاجة، وبحجم استثمارات يتجاوز 40 مليار جنيه، ويعمل بها أكثر من مليوني عامل، ويتراوح عدد أفراد أسرهم ما بين 6 و8 ملايين فرد. »الأخبار« واجهت جميع القطاعات المسئولة عن الصناعة للوقوف علي أهم المشاكل التي تعاني منها، والحلول المطروحة أمام الجميع كي تستطيع صناعة الدواجن الاستمرار فيما هي عليه الآن. في البداية قال السيد منصور، صاحب مزرعة بالقليوبية، إن صناعة الدواجن هي الحياة لمحافظة القليوبية علي وجه التحديد لأنها من أكبر المحافظات التي تقوم بانتاج الدواجن وتصديرها لكافة محافظات الجمهورية، مشيرا إلي أن أبرز ما تعاني منه معظم المزارع هو مشكلة نقص الأمصال، حيث أنها محدودة للغاية ولا تكفي كل الأعداد الموجودة بالمزارع مما يضطر أصحاب المزارع إلي استخدام أمصال ولقاحات أخري أقل جودة وهو ما يتسبب في النهاية في نفوق أعداد كبيرة من الدواجن. فيما قال محمود شاذلي، صاحب مزرعة، إن الدواجن هي أساس قوت الناس لأنها البروتين الحيواني الأرخص في مصر حاليا، فهي أقل سعرا من اللحوم الحمراء ومن الدواجن وبالتالي يجب علي الدولة دعمها وعدم إصدار القرارات التي تسبب أزمات لها. وطالب رمضان عبدالوكيل، صاحب مزرعة، بضرورة قيام الدولة بتقديم كل أشكال الدعم لصناعة الدواجن سواء من حيث توفير الاعلاف بأسعار معقولة وعدم زيادة أسعارها بشكل دوري، كذلك يجب عليها توفير كافة التحصينات اللازمة وفقا للكميات التي يتم انتاجها من الدواجن كل عام، مشيرا إلي أن صناعة الدواجن تحتاج من الدولة هذا الدعم بسبب الاعداد الكبيرة التي تعمل بها من المواطنين حتي لا تحقق خسائر وتؤول إلي ما آلت إليه السياحة الآن. أما محمود حمودة، فيؤكد أن صاحب مزرعة، مزارع الدواجن عددها في ارتفاع خلال الفترة الأخيرة لأنها مهنة مربحة وتطلب أعدادا كبيرة من العمالة وهو ما يساعد علي توفير فرص عمل للشباب، وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل من الدواجن بدون حاجة إلي الاستيراد. ورحب د. محمد الشافعي، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، بالقرار واعتبره انتصارا للصناعة المحلية ودعما قويا لها من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي والمهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء، مضيفا أن القرار أعاد الحق لأصحابه بعد أن تم سلبه منهم لعدة أيام. وأكد أن العدول عن القرار يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الاتجاه السائد حاليا في الدولة هو دعم الصناعة الوطنية وتحقيق الاستقرار لكل العاملين فيها، مشيرا إلي أن الرئيس تدخل لإنقاذ أكثر من 3 ملايين عامل في هذا القطاع، فضلا عن أسرهم وبالتالي يصل عدد المستفيدين من القرار إلي نحو 8 ملايين مواطن. وأوضح أن كل ما تحدث عنه المستوردون بخصوص وجود أزمات في القطاع وانتاجه أمر عار تمام من الصحة، حيث إن القطاع ينتج أكثر من مليار دجاجة سنويا من خلال 22 ألف مزرعة موجودة علي مستوي الجمهورية، مؤكدا أن أصحاب المزارع سيواصلون العمل ليلا ونهارا من أجل الوصول إلي الاكتفاء الذاتي المنشود وإعادة التصدير للخارج مرة أخري. وأكد أن تدخل الرئيس كان حاسما بالانحياز نحو الفئة الأكثر تضررا وهم المنتجون خاصة أصحاب المزارع الصغيرة وهو ما دفع رئيس الوزراء إلي العدول عن قراره، فضلا عن استماع رئيس الوزراء إلي مختلف وجهات النظر إلي أن رأي أن القرار الملغي كانت تأثيراته السلبية أكثر بكثير من الإيجابية وكانت ستحدث أزمة كبيرة لصناعة وطنية قائمة لا تعاني من أي مشاكل، بل إنها من الصناعات القليلة التي لم تتأثر حتي الآن بشكل كبير بارتفاع سعر الدولار رغم أن 75 % من مكوناتها يقوم بالأساس علي الاستيراد. فيما قال د.عبدالعزيز السيد، رئيس غرفة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، إنه يتوجه بالشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي الذي استجاب لنداء الملايين من العاملين في القطاع ووجه بضرورة دعم الصناعة الوطنية وتقديم كل أشكال الدعم اللازم لها من أجل النهوض بها وتطويرها، كما أنه يتوجه بالشكر إلي المهندس شريف اسماعيل لأنه استمع إلي صوت العقل الحقيقي رغم الضغوط التي مورست من قبل البعض خلال الايام الماضية من أجل قلب الحقائق في هذا الأمر. وأضاف أنهم بذلوا جهودا كبيرة خلال الايام الماضية كي يثبتوا للجميع خطأ القرار، مؤكدا أنهم لم يكونوا يعملون ضد أي جهة ولكن كان الهدف هو مصلحة الدولة ومصلحة القطاع الداجني الذي يحقق أرباحا كبيرة ويعمل فيه الملايين، مشيرا إلي أن العدول عن القرار ليس عيبا والرجوع للحق فضيلة وهو ما يؤكد تغير فكر المسئولين في الدولة الآن. وأشار إلي أنه آن الأوان كي يجلس الجميع معا سواء منتجين أو شعباً تجارية أو مستوردين ووزارة الزراعة من أجل صياغة آلية محددة يمكن من خلالها تطوير منظومة الثروة الداجنة في مصر والنهوض بها من العثرات التي تعاني منها منذ أكثر من 10 سنوات وتحديدا منذ عام 2006 حينما تعرضت لأقسي اختبار وهو انتشار مرض انفلونزا الطيور الذي تسبب في اغلاق الآلاف من المزارع وتشريد الملايين من العمال. وأكد أن صناعة الدواجن تحتاج دعما حقيقيا من قبل وزارة الزراعة في المقام الأول لأنها المسئولة عن الاشراف والرقابة سواء من حيث دعم المزارع أو توفير الامصال اللازمة من أجل وقف نفوق آلاف الدواجن بصورة شبه يومية وبالتالي علي وزير الزراعة أن يدعو الي اجتماع عاجل يضم الجميع يكون هدفه تطوير المنظومة والوصول الي تحقيق الاكتفاء الذاتي من الانتاج وبدء التصدير كما كان يحدث دوما. وتعهد السيد بأن الاسعار لن ترتفع خلال الفترة القادمة بل سيعملون علي ابقائها علي وضعها الحالي أو خفض الاسعار باعتبار ان الدواجن هلي ارخص بروتين حيواني أمام المواطنين.